من سخرية الزمن أن يصف وزير الخارجية الفرنسي حكومة جمهورية مالي بالانقلابية غير الشرعية!
لم يتذكر الوزير نظرة بلاده الحانية إلى الأنظمة والحكومات الانقلابية غير الشرعية التي نصبتها أو أنصفتها في عموم منطقة "فرانس - أفريك" البائسة طوال العقود الستة الماضية... بل لم ينظر الوزير إلى جوار مالي حيث تحكم الأنظمة الانقلابية وتتجدد كجلد الأفعى!
وبالتالي فما قاله الوزير الفرنسي عن الطغمة الحاكمة في باماكو قد يكون صحيحا تماما, ولكنه بالتأكيد ليس صحوة ضمير ولا توبة من فرنسا.
حكام مالي ليس الانقلاب ولا الاستبداد ولا الفساد جريرتهم في قرارة باريس, لكنهم تجاوزوا خطوطا حمراء تحترمها أنظمة افريقيا الغربية لحد التقديس... وهي ما يمس صميم علاقة "التبعية الدونية" التي تشبه علاقة السيد بعبده, وهذا ما "اضطر" فرنسا لخرق الحجاب الحريري الذي تضع تحته "عصا الطاعة" ل"عيالها" في الساحل... وسل لسانها على المسكينة!
طبعا ليس في مصلحة مالي القطيعة فضلا عن المواجهة مع فرنسا; فهي لن تستغني عنها... وفرنسا تراهن على ذلك وقد يتجسد في الانقلاب العسكري القادم في مالي... والذي لن يكون "شريرا" ولن يستنفر الأتباع في الCEDEAO ويثير غيرتهم الهزلية على الديمقراطية والتناوب السلمي...!!