تختلف العادات و التقاليد باختلاف المجتمعات، فما يكون مستحسنا في مجتمع قد تجده مستهجنا في آخر فشعوب الأسكيمو مثلا قد يتنازل أحدهم عن زوجته لضيفه كنوع من حسن الضيافة، في حين أن العرب قديما كان أحدهم لا يبيع الخيل الذي ركبته زوجته بل ينحره، غيرة عليها، مخافة أن يركبه رجل بعدها. الأمر أيضا ينطبق على معايير جمال المرأة فلإن كان الرجل الغربي يميل إلى المرأة النحيفة فإن الرجل البيظاني يميل إلى المرأة الممتلئة ذات القوام المكتنز، و هذا الأمر تدعمه ثقافة مجتمع البيظان ( هنا بالبيظان أقصد البيظان و لحراطين ) فيقال أن "النيثي تگبظ من اخلاگ الراجل لتگبظ من لفراش" في تأكيد صريح على مركزية السمنة كمعيار رئيسي لجمال الأنثى في مجتمع البيظان، و لا يخلو الأدب و الأمثلة الشعبية من ذكر محاسن المرأة السمينة فيقال " اسمينة كلمتها امتينة" أي أن كلمتها مسموعة بفعل حظوتها عند الرجل وهذا يقابله قول عمر بن أبي ربيعة:
فَاِنظُروا كُلَّ ذاتِ بوصٍ رَداحٍ
فَأَجيزوا شَهادَةَ العَجزاءِ
وَاِرفُضوا الرُسحَ في الشَهادَةِ رَفضاً
لا تُجيزوا شَهادَةَ الرَسحاءِ
ففي قصيدة عمر بن أبي ربيعة يقول للقضاة أن لا يردوا للمرأة المكتنزة شهادة أبدا و أن يردوا شهادة الرسحاء أي المرأة النحيفة.
هذا التشابه في معايير جمال المرأة عند البيظان مع العرب قديما فيما يخص اكتناز الجسم و امتلائه و ربما الأمر يعود لتشابه بيئاتهم
وكانت الأنثى قديما في مجتمع البيظان يتم تسمينها قسرا وعملية التسمين يطلق عليها "لبلوح" فترغم على إكثار الأكل والشرب و تعاقب إن لم تقم بذلك بالشكل المطلوب، فمن أدوات العقاب التي كانت تستخدم قديما في عملية التسمين "أزيار" وهو عبارة عن عودين يوضع رجل المراد تسمينها بينهما، ثم يضغط على الرجل بهما متى ما لم تستجب للعملية.
و الهدف من عملية التسمين هو جعل الأنثى تحظى باهتمام الرجل البيظاني الذي لا تستهويه في الغالب النساء النحيفات، ثم إن هناك رأي يرجع أصل الظاهرة إلى أنه قديما كان الناس قوما رحلا و كانوا يعانون شظف العيش و قسوة الصحراء، و كنوع من تفاخر البدو و مخافة أن يرى بعضهم فاقة بعض كانوا يسمنون بناتهم قسرا رغم قلة المأكل إيهاما لغيرهم أنهم يعيشون في سعة من العيش.
و رغم التغيرات التي شهدها مجتمع البيظان منذ الإستقلال كجفاف السبعينيات الذي أدى إلى نزوح البدو إلى المدينة و هو الشيء الذي كان من المفترض أن يحدث تغيرا على أنماط سلوكهم ونظرتهم للأشياء، مرورا بدور السينما التي انتشرت في البلاد في نواكشوط في فترة الثمانينيات والتي كان محتواها الأساس الأفلام الهندية؛ و الهنديات يتميزن بالرشاقة و النحول، وانتهاء بالانتشار المهول للسوشيال ميديا التي يعتبر المحتوى الغربي هو السائد فيها، فإن معيار جمال المرأة عند مجتمع البيظان لم يتأثر بتلك التغيرات كثيرا، فلا زالت المرأة السمينة هي الأكثر حظا في الزواج و الأقرب إلى قلب الرجل، إلا أن عملية "لبلوح" لم تعد تمارس على الفتيات قسرا (على الأقل في المدن ) إلا أنهن اليوم صرن يسمِّن أنفسهن بأنفسهن_ لأنهن يعرفن أن "النيثي تگبظ من لخلاگ لتگبظ من لفراش" _ و بطرقٍ بسيطة منذ أن اجتاح بائعوا الأعشاب المغاربة أسواقنا.