بمناسبة تقديم الاتحاد الأوربي ل"گطعه من الابل" الي بلادنا مساهمة منها في مجهود مكافحة الارهاب أردت أن أنبه الي مايلي:
أولا: أن سياسة بلادنا في مايسمي بالحرب علي الارهاب تعاني من اختلالات في الفهم وفي الممارسة والطريقة التي تتم بها العملية، ذلك أن بلادنا في الغالب ليست هي هدف الجماعات الارهابية لا في المنطقة ولا في العالم، وإنما يكون إستهدافها - إذا حصل - بإعتبارها كحائط صد أو ترس يمنع الإرهاب من الوصول الي وجهته النهائية التي يريد وهي هنا أوربا والغرب. وهنا بيت القصيد في الأمر، فمادامت بلادنا ليست هدفا إستراتجيا لتلك الجماعات المتطرفة، فإن علينا إذن كدولة أن لانحارب بالمجان لحماية حدود الاخرين، كي ينعمو بالأمن ودون أن يتحملو بعض تبعات ذلك.
إن علي الحكومة الموريتانية أن تطلب من الأوربيين وبوضوح أن يدفعو الغالبية العظمي من فاتورة "محاربة الإرهاب" وكذلك أيضا الهجرة السرية الي أوربا.
وأن نفرض ذلك علي الأوربيون كي يتحمل بعض تكاليف حماية حدودهم، لأن هذا ببساطة هو ماتفعله أمريكا مع الغرب ومع بعض دول الشرق الأوسط، حيث تطالب تلك الدول ان يشاركوها في دفع فاتورة الحرب علي الإرهاب والهجرة السرية، وهو نفس الشيء أيضا الذي فعلته تركيا مع حلفائها الاوربيين، الذين فرضت عليها دفع مليارات الدولارات مقابل إيقافها لتدفق طوفان من اللاجئين المتجهين الي أوربا والقادمين من سوريا.
لقد تأخرت بلادنا كثيرا في إستغلال هذه الورقة الهامة والحيوية التي توجد بين أيدينا منذو أزيد من عقدين من الزمن، وهي فترة إشتداد الارهاب والهجرة السرية في القارة وفي شبه المنطقة ووجهتها المفضلة هي الجنة الموعودة في أوربا.
إن الاستفادة من ورقة مهمة مثل هذه لا يتطلب جيوشا جرارة يخشي بأسها، وإنما قليل من الارادة السياسية ودبلوماسية حيوية توصل للاوربيين رسالة واضحة وصارمة مفادها أن بلادنا تحتاج الي من يشاركها في تحمل أعباء فاتورة محاربة الارهاب والهجرة السرية المتجهة الي أوربا، وأن علي الأوربيين أن يأخذو مسؤولياتهم في هذا الشأن، والا فإن بلادنا ستوقف الجهود التي تقوم بها في الخصوص.
ومن هنا فلا يضير بلادنا أن تستقبل
"گطعت ابل" الأوربيين ولكن شرط أن تكون محملة بملايين الدولارات مقابل ما تقوم به بلادنا من حماية حدود أوربا من الأرهاب والهجرة السرية، ذلك أن العالم اليوم لا يعترف بالأفعال المجانية وإنما لكل خدمة قيمة وأجر يدفع في مقابلها فالدول ليست جمعيات خيرية ولاتقدم الهبات دون عوض.