تحل هذه الأيام الذكرى الثانية لاستلام هذا النظام للحكم فاتح أغسطس 2019، وهي فرصة لتقييم المرحلة انصافا لماتحقق في هذا العهد من إنجازات هامة رغم الظرف الصحي المربك عالميا، وتنبيها على بعض النقاط التي تحتاج لاستيراتجية خاصة كموضوع إشراك الشباب وتوجيه الإعلام الجديد لما يخدم التنمية والانسجام الاجتماعي من أجل الاستعداد الجيد لاستغلال الثروة الغازية الهائلة.
ولاشك أن المتابع المنصف للمشهد السياسي الوطني منذ ما بعد أغسطس 2019 سيدرك دون عناء كبير أن التوجه الجديد يعطي الأولوية لمرتكزات ثالث هي:
- ١) خلق مناخ سياسي هادئ، وذلك بالتعاطي المرن والمسؤل مع كل الطيف السياسي الوطني واشراكه بالتشاور حول القضايا الوطنية الكبرى.
- ٢) انتهاج سياسة تنموية لانتشال الطبقات الهشة من واقع الإقصاء والحرمان، وذلك بالتركيز على نظام الرعاية الاجتماعية وجعل المناطق والأحياء المحسوبة على تلك الطبقات من أولويات البرامج والمشاريع الحكومية الاستيراتجية في مجال البنى التحية، وقد تزامنت هذه الذكرى مع تحرك مشهود لوكالة تآزر للشروع في برنامج تنموي بالتعاون مع وزارة الداخلية ورابطة العمد من أجل التجسيد الفعلي لنظام اللامركزية القادر على تطوير تنميتنا المحلية، وهو تحرك استراتيجي يحسب لهذه الوكالة بعد تدخلات اجتماعية في غاية الأهمية بتوزيع معونات شهرية على آلاف الأسر الضعيفة، بالإضافة للتكفل بتأمين صحي شامل ل 100 ألف أسرة متعففة، وقد ساعدت تدخلاتها تلك كثيرا في الحد من تأثيرات الانعكسات الناتجة عن الإجراءات المصاحبة لموجات انتشار جائحة كورونا.
- ٣) تطوير النظام الأمني والدفاعي وقد شهدت هذه الفترة تفكيك عصابات إجرامية كبيرة وخطيرة ومصادرة مئات الأطنان من المؤثرات العقلية والتصدي لحملة إجرامية تحريضية يبدو أن لها أبعادا أخرى غير معلنة!
كما تم تنظيم مناورات زمور 2 كرسالة واضحة عن جاهزية قواتنا المسلحة لكل من تسول له نفسه المساس بسيادة وطننا، ونطالع يوميا زيارات ولقاءات بوزارة الدفاع وقيادة الأركان من شركائنا في المجال العسكري اقليميا ودوليا للاستفادة من تجربتنا الفريدة في هذا المجال الحساس.
ويكفي للإطلاع على مستوى ذلك التطور بالأدلة والأرقام قراءة ما كتبه أصحاب المعالي عن عمل وزارتي الدفاع والداخلية في هذه الفترة القصيرة.
لذا ونظرا لما سبق ذكره وانطلاقا من أن السؤال الأهم في السياسة هو ماذا نفعل؟ فإنني سأتطرق بشكل مختصر لنقاط أعتقد أن العمل المكثف عليها هو ما ننتظره قبل الذكرى المقبلة.
لعل من الخطابات الملفتة في الفترة الأخيرة هو ذلك الخطاب المطالب باشراك الشباب في الحياة السياسية والإدارية بشكل فعال، ولاشك أن هذا الإصرار يعبر عن ثقة الشباب في هذا النظام الذي يمكن القول أنه ثمرة لجهود شبابية تمثلت في إنشاء مئات المبادرات السياسية الشبابية، حيث بدأت العمل على نجاح هذا المشروع من منذ خطاب إعلان الترشح 1 مارس 2019، وحتى استلام السلطة، ومازال أغلب ذلك الشباب يواكب النظام إعلاميا وميدانيا، على الرغم من بعض الملاحظات التي يجب الانتباه لها.
*) اعتماد نظام إداري تكويني
في كل مجلس وزراء هناك تعيينات في مجالس الإدارات وهي لفتة مثمنة لتقدير جهود شخصيات سياسية في سن التقاعد غالبا، لكن ينبغي ان يواكب ذلك استحداث مواقع للشباب في الإدارات بتخصيص موقع المدير المساعد للفئة الشبابية دون تقزيم طموحها وقدرتها على إدارة المؤسسات الكبرى وحتى الوزارات، وإنما من أجل تخصيص هذه المواقع للتكوين والتدريب العملي للرفع من مستوى القدرة الإنتاجية لادارتنا في الحاضر والمستقبل.
*) اعتماد كوتا انتخابية خاصة بالشباب
ولأننا بصدد تنظيم تشاور وطني يشارك فيه كل الطيف السياسي، فسيكون من الجيد اعتماد كوتا خاصة بالشباب في اللوائح الانتخابية الوطنية والموقع الثالث في لوائح النسبية، بالإضافة لفرض مستوى تعليمي محدد لتسيير البلديات حتى تكون هناك فرصة أكبر لتحقيق تنمية محلية شاملة تعزز نظام اللامركزية.
* توجيه الإعلام الجديد لخدمة الوحدة والتنمية
ومن الأمور الملاحظة كذلك منذ سنوات هي هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على توجيه الرأي العام الوطني، وقد بات من الضروري جدا اليوم تنظيم وتوجيه هذه الوسائط لخدمة التنمية والانسجام الاجتماعي بدل التحريض على الفتنة ونهش الأعراض.
ولا يمكن اختزال الحد من هذه المسلكيات الخطيرة على وحدتنا وأمننا والغريبة على ثقافة مجتمعنا المتسامح والمتصالح عبر العصور رغم قساوة الظروف، بسن وتطبيق القوانين فقط، بل يجب تحليل الظروف المشجعة لذلك، والتي يعتبر الفراغ وضعف الوعي من أبرزها، وهو ما يستدعي وضع استراتيجية تكوينية خاصة لانتشال أجيالنا من هذا الواقع وتحصين وحدتنا الوطنية في وجه كل الخطابات المتطرفة خصوصا أن بلدنا مقبل بحول الله في الفترة القادمة على استخراج ثروات هائلة من الغاز، ومن المعلوم أن ضريبة هذا النوع من الثروات كبيرة جدا، إذا لم يتم التخطيط الجيد لمواجهة المخاطر المترتبة على ذلك.
أحمدو ولد أبيه / ناشط سياسي