في زمن معاوية وما قبله الى عهد المقبور كبولاني، كانت بطاقات التعريف ووثائق الحالة المدنية تحرر كلها إما مجانا أو مقابل طابع جبائي بقيمة 50 إلى 300 أوقية لجواز السفر.
اليوم يقف الإداري المدير العام لوكالة الحالة المدنية المحترم ليؤكد أنها جنَت في سنة 2019 وحدها، قيمة أكثر من 12 مليون يورو (أكثر من خمسة مليارات ومائة مليون أ/ق)!
وبالطبع فإن هذا المبلغ منتزع من أقوات المواطنين الفقراء وأبنائهم الذين تجبرهم البطالة على تكديس ملفات شخصية كاملة بحثا عن فرصة عمل هنا وهناك، أو حتى لدخول الابتدائية!
أما الوجه الآخر لهذا "النهب" فهو ما ذكره رئيس وكالة بيع وثائق النفوس بفخر من أن هذا المبلغ الضخم سينفق على اقتناء "نظام بيومتري جديد" متطور جدا...
ولكن، وهذه ثالثة الأثافي، لا حديث عن تطوير خدمات مرافق هذه الوكالة التي يحشر المواطنون حول مكاتبها البائسة من الربعة فجرا ويقضون يومهم يلتحفون أشعة الشمس ويفترشون القمامة، ويذادون كغرائب الإبل؛ لأن "ريز ماه خالك"!!
يتكبد المواطنون في مكاتب هذه الوكالة، التي لا تتوفر على موظفين كافين، من الإهانة وهدر الكرامة ما يندى له الجبين، ثم لا يجد أكثرهم؛ بل أضعفهم، غير دفع المال للسماسرة الذين لهم علاقات "ديبلوماسية" بموظفي وعمال تلك المكاتب...!
لا شك أن "صفقة" نظام تقني جديد قد تكون ذات فوائد لجهات عديدة، بالإضافة إلى الفائدة الدعائية التي بدأت فعلا...
سيدي الاداري المدير العام... لقد بدأتم من حيث ينبغي الانتهاء؛ فالنظام البيومتري الحالي يكفي ويزيد إذا توفرت له شبكة صالحة وتشغيل صحيح، وما ينقص هو قبل كل شيء إعطاء قيمة إنسانية للمراجعين وتوفير أماكن لاستقبالهم وضبط معاملاتهم بشكل مهني صحيح... وهذا قد لا يكلف - إذا استبعدت "الصفقات" - نصف ذلك المبلغ!
م. محفوظ أحمد