أيهما أقل ضرا وشرا: نقص أو تأخر الأدوية الصالحة، أم وفرة وانتشار الأدوية المزورة والفاسدة؟
هذا هو السؤال المطروح أمام الحملة الصامتة الجادة التي يقودها لوبي تجارة الأدوية لإرغام الحكومة على التخلي عن السيطرة على استيراد وتوزيع بعض الأدوية الحساسة، وتجريد مؤسسة المركزية للأدوية (كاميك) من دورها في توفير ومراقبة تلك الأدوية الحيوية.
اللوبي القوي، الذي لا يخفي بعض أفراده أن إجراءات وزارة الصحة بشأن الأدوية والصيدليات، قد "أضرت" بمصالحهم... التي هي تحقيق أكبر قدر من الأرباح، يعمل الآن بكامل طاقته!
ويعد إقناع تجار الأدوية لرئيس اتحاد أرباب العمل بالتدخل لصالحهم في مفاوضات أعلن عنها مؤخرا، خطوة هامة للعودة الى السيطرة والاستحواذ على استيراد وبيع كافة أنواع الأدوية، كسلع وبضائع سوقية بالنسبة لأكثرهم (خاصة من لا يملكون مقومات ولا خبرات العقاقير الطبية).
وعلى ضوء تلك الجهود المثابرة، لا نصدق ولا نكذب ما يشاع من أن لوبي الأدوية يستخدم العلاقات و"البؤر" الإدارية التي اصطنعها في مصالح الصحة ودوائر الإيراد والتصدير، لاستعادة تجارته؛ وذلك بتجنيدها لإقناع المسؤولين بما تريد، من جهة، والتقليل من دور "كاميك" وإظهار عجزها وفشلها... من جهة ثانية!
لكننا نصدق تقرير وزارة الصحة الذي أكد سنة 2017 وجود زهاء 100 ألف طن من الأدوية المزورة أو الفاسدة في البلاد. مما تسبب في "الكثير من الوفيات والفشل الوظيفي في بعض الأجهزة والأعضاء وتفاقم المقاومة لبعض الأدوية"... على حد تقرير الوزارة.
كما نصدق عشرات الفحوص والإفادات الطبية المهنية في الدول التي يهرع إليها الموريتانيون بمرضاهم، بأنهم قد أصيبوا بمضاعفات عقاقير مزورة أو فاسدة فازدادوا مرضا على مرضهم...
ولا نكذب ما يتواتر من روايات في الأسواق المحلية والأجنبية من تلاعب بعض تجار الأدوية الموريتانيين أو جهلهم، وسلوكهم في تجارة الأدوية مسالك الربح التي يسلكونها في سائر البضائع لزيادة أرباحهم... أو ببساطة سهولة اصطيادهم من قبل مصنعي أو وسطاء الأدوية المزورة الكثر حول العالم!
وأخيرا، ولاستكمال دورة الألم والهلاك، تؤكد تحقيقات أولية للقطاع أن ثلاث عيادات فقط من عشرات العيادات الخصوصية في البلاد، تتوفر على الشروط المهنية والتقنية والقانونية...
فكبروا أربعا على صحتكم إذا اجتمعت الحرية الفوضوية من أجل الربح لأدوية فاسدة في مصحات غير مؤهلة!!