حول مسؤولية الحكومة عن حوادث السير!

ارشيف

حادث سير طريق الأمل الذي وقع بين بتلميت وانواكشوط صباح الأربعاء 17 مارس 2021 والذي تسبب في ارتقاء أرواح سائقي السيارتين فرنسيتي الصنع المتهالكتين وجميع ركابهما (حسب بعض المصادر) هو بسبب تقصير الدولة؛ ويجب على الحكومة أن تملك الشجاعة حتى تعترف بأنها هي من يقتل بشكل مباشر وغير مباشر سالكي الطريق الأطول والأكبر في البلاد وغيره من الطرق الوطنية الطويلة، وعليها أن تفتح تحقيقا لمعرفة أسباب هذه الفاجعة.
كيف تقتل الحكومة السائقين والمسافرين؟ 
سيارات النقل العمومي لا تخضع لتفتيش فني إطلاقا بحيث أن ورقة "الفيزيت تيكنيك" هي في بلادنا مجرد إجراء شكلي يتم استصداره بطريقة يعلمها القاصي والداني؛ والسائقون المهنيون لا رقيب على قدراتهم العقلية والمهنية والنفسية ولا حتى الإجرامية؛ بحيث يعود ذوو الأخطاء الفادحة منهم إلى المهنة في اليوم الموالي لفظاعته، دون سحب رخصة ولا حتى وضعه في اللائحة السوداء.
والحكومة الموريتانية هي التي تعرقل بناء الطرق السيارة ذات الاتجاه الواحد منذ سنوات؛ علما أن التمويلات خارجية وفي الغالب سبب هذه العرقلة هو جهل القائمين على القطاع وعدم جدية السياسات العمومية في الأمر الذي يحقن الدماء بشكل هائل، فلامجال في حال طريق سيار أن تصطدم السيارات مع أخرى بشكل مباشر. ومعظم الأسباب غير الوجيهة التي توقف بناء هذه الطرق-المنجاة هو رفض الحكومة التعويض عن النقص في حركة السيارات في حال وجد؛ طمأنة للمستثمرين.
ثم إن القائمين على أمن الطرق من قوة عمومية وفنيي صيانة وناشري وعي ووزراء؛ ينظرون إلى حوادث السير غالبا على أنها أخطاء بشرية؛ وهذا صحيح للأسف؛ فثمة النعاس والنوم والأعطال الفنية والمفاجآت الداهمة التي لاتعد ولاتحصى؛ لكنهم لايعترفون إطلاقا بالتقصير في حق الضحايا من السالكين، ولا بسوء تدبير البنية التحتية بشكل مقنع.
إذ لايراقبون الحمولة ولا حالة السائقين ولا فنية السيارة ولا أي شيء آخر سوى نصيحة جافة من نقطة تفتيش نادرة للدرك الوطني في الغالب.
وأم الكوارث في حالة الحوادث هي كذبة التأمين على الحوادث في موريتانيا، إذ أن الميت يتلقى دريهمات معدودات بعد أن يستنفده ورثته ضعفها في المحامين والوجاهات والوساطة، فلا السيارات القاتلة تحترم عدد المؤَمّنين في حمولتها ولا شركات التأمين تفي بالتزاماتها للمؤمنين من الأموات ناهيك عن الجرحى.
تصريح وزير النطق وتغريدة الرئيس ولد الغزواني عن الحادث المؤلم طيبة لكنها لا ترقى لحجم المأساة.
أعترف أن طرقا جديدة بنيت وأن أخرى رممت وأن جهودا بذلت لكن الحاقن الأعظم لدماء الموريتانيين هو الطرق السيارة وتفعيل القوانين.
رحم الله شهداء الأربعاء الدامي وألبسهم ثوب الرضوان.

إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا

جمعة, 19/03/2021 - 14:47