كلما كانت ثمة وظيفة فيها استفادة ظاهرة، حرص الكثير من الناس على توليها،للتفريط فيها و قطف منافعها و ثمارها،و تجرى الأيام و السنون،ثم تختفى تلك الأسماء المتغلبة الممجوجة،ما بين طريد من الواجهة و متقاعد أو مقعد أو ميت!.
ألا يتعظ الرئيس الحالي و مدير ديوانه و غيرهم من المسؤولين الراهنين،الذين يقطفون ثمرات الظهور، و قد يحتجب بعضهم أحيانا، عن الرعية و حاجتهم!.
لقد قدر الله أن وليتم أمرنا،و ربما-على رأي البعض- لستم بأفضلنا،و قد ظهر و حكم من قبلكم كثيرون،ثم ذهبوا ،و بعضهم أو أغلبهم لا يذكرون إلا بالجرأة على الشأن العام و استغلال النفوذ!.
و يوما ستذهبون و تتركون الأمر لغيركم،فيطويكم النسيان،و فعلا تلك طبيعة الحياة و سنة امتلاك أزمة و مقاليد الأمور،فقد قيل قدما:"لو دامت لغيرك ما وصلت إليك".
فى هذا العهد يشكو كثيرون من احتجاب بعض المسؤولين الكبار عن لقاء المواطنين،و ضعافهم بوجه خاص،رغم ما يروج له من شعار ،تقريب الإدارة من المواطن!.
و ربما كثير من الشرفاء فى هذا البلد،لا يريدون لدى السلطة إلا العافية،و لا يخافون و لا يطمعون فى المتغلبين.
لكن المسؤولين سيوقفون يوم القيامة و يسألون عن الحقير و القطمير،فلينتبهوا قبل فوات الأوان.
فكم من لقاء موعود لم يتحقق، و كم من معلن مروج له،خاص أو عام،لا يعرف التجسيد و التطبيق إطلاقا!.
و عموما و بصراحة،ربما إذا لم يحظى هؤلاء المسؤولون بسماح الرعية،سيجدون أنفسهم،ليس فى ورطة واحدة،و إنما -لا قدر الله-أمام ورطات كثيرة.
قال الله جل شأنه:"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا".
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته".
إن هذا الشأن العام مهلكة لمن تولاه و فرط فيه،و رفعة لمن صبر على كلفته و حرجه و حسن تدبيره،خالصا لوجه الله الكريم،فالإمام العادل تحت ظل عرشه،يوم لا ظل إلا ظله.
و من الملاحظ أن هذا الطاقم الحاكم حاليا،صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ الغزوانى، و مدير ديوانه، محمد أحمد ولد محمد لمين،بداية وصولهم للكراسى، انفتحوا و لاطفوا و وعدوا،لكنهم كلما أوغلوا فى النفوذ، ابتعدوا من أصحاب الحق و حرصوا على مجاملة "أولى الشوكة و النفوذ"،حتى أضحوا معروفين بمصطلح "تدوير المفسدين"،من قبل بعض منتقديهم!.
لكن هذا النظام القائم فعلا بعث الأمل فى بداية عهده،و ينبغى أن يراجع و يقيم مساره،عسى أن يحافظ على الثقة التى منحت له.
فهذه الثقة كانت عن جدارة و استحقاق،نتيجة بعض الفعال الحسنة و الوعود الطيبة،و لكن المسؤولية تكليف،قبل أن تكون تشريفا.
فانتبهوا،فإن كان النظام الحالي بحكم مؤازرة الشعب و الجيش و المؤسسات الأمنية، ما زال ناجحا فى ضمان الاستقرار النسبي و الحفاظ على الحوزة الترابية و اللحمة الوطنية،إلا أن بعض المتابعين للمشهد السياسي، باتوا أكثر جرأة و دقة فى تحديد النواقص و أوجه التعثر و التراجع فى مسار و طريقة تسيير الحكم فى الحقبة الراهنة،و ليس النصح أحيانا إلا إشفاقا و عن حسن نية و حرصا على التوازن،لإنقاذ الوضع من المزيد من التفلت،و حتى لا يصل الأمر العمومي لدرجة غير قابلة للإصلاح.
و كما يقال فى المثل الحساني:"أخير قول امبكيينك من قول امظحكينك".
فالمتزلفون يوالون كل متغلب،دون تمييز للحق من الباطل.