يكون في رئاسة الجمهورية، عادة، بحسب العرف الإداري عدد من المستشارين.
وخلال العشرين سنة الماضية، زاد عددهم بشكل لافت وغريب، بحيث كانوا في بعض المرات نحو الأربعين، بعد أن كانوا التسعينات لايصلون الخمسة في أغلب الأحيان.
وتصر الأدبيات الرسمية على اعتبارهم مستشارين بالرئاسة وليسوا مستشارين للرئيس، وبذلك تصدر مراسيم تعيينهم، وهو ما يعني أنهم ألصق بالرئاسة، منهم بالرئيس بصفة شخصية.
والواقع أن عددا كبيرا من هؤلاء المستشارين، ومعهم المكلفون بمهام، يمرون بالرئاسة ويقضون سنوات في المستشارية، دون أن يجمعهم إطار عمل من أي نوع مع الرئيس.
وتقتصر علاقتهم بالرئيس على سفرات متباعدة، ووجودهم في طرف منصة يجلس الرئيس في وسطها.
والسائد أن بالرئاسة فعلا خمسة مستشارين كبار، توكل لهم الملفات الكبرى، وهم على صلة بالديوان الرئاسي، وبالوزارة الأمانة العامة للرئاسة، بحسب ما بينهما من تداخل في المهام والصلاحيات.
وهؤلاء المستشارون الفعليون، غالبا ما يكون الرئيس يعرفهم شخصيا، ويعرف مستوياتهم وخبراتهم، وربما التقى بأحدهم في إطار متابعته للملف الموكل إليه.
أما خارج دائرة المستشارين الكبار، فالصلات محدودة، حتى لا نقول معدومة مع الرئيس، ولا توكل لأصحابها أي مهام أو ملفات من أي نوع.
وأعرف مستشارين، وبينهم علماء دين، وأساتذة جامعيون ودبلوماسيون وإعلاميون وكتاب واقتصاديون، وحقوقيون وغيرهم، أمضوا "أعمارهم الاستشارية" لم يذكرهم ذاكر ولم يزرهم زائر!!
كان أغلبهم ممن يحبون أن تشيع عنه المداومة في الرئاسة، يقضون وقتهم في احتساء الشاي والقهوة، وقراءة جريدة الشعب و"أوريزون" عشر مرات، التي تصلهم باشتراك مجاني، ثم صاروا مع الطفرة التكنولوجية الأخيرة، يغرقون في بحر العالم الأزرق وشبكات التواصل، مع جولة على كل المواقع المحلية وتلك التي تهتم عادة بموريتانيا.
وهذا هو "أغلب قوت" المستشارين في الرئاسة، حال وجودهم في قصر أم ركبة، أما خارجه فأخطبوط علاقات واستغلال نفوذ، إلا من رحم ربك.