في سابقة وجدت صدى كبيرا في نفوس المواطنين، أشرف رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على افتتاح السنة الدراسية الجديدة من مدرسة بأحد الأحياء الشعبية، مدرسة من بين المدارس القلائل التي نجت من البيع في سوق عقار الممتلكات العمومية. نعم كان هذا الافتتاح بحضور رئيس الجمهورية سابقة بعدما كان الإشراف علسه يجري بحضور وزير التعليم ليمر مر الكرام في أجواء لا يطبعها تعهد بمضاعفة الجهود أو تشجيع للأسرة التربوية. ولما كان حفل الافتتاح بـ"رمزيته" الكبيرة قد جرى من مدرسة "عادية" بحي شعبي، وسط حضور عارم من أهالي التلاميذ وأفراد من الأسرة التربوية، فإن الكلمة التي أدلى بها بالمناسبة كانت حمالة أوجه أولها وأبرزها التأكيد على حرصه أن يكون إصلاح التعليم هو أولوية الأولويات في البرنامج الحكومي كما جاء من قبل ذلك في البرنامج الانتخابي، والتذكير بأن التعليم كان دائما هاجسه الأول حيث إدراكه الشديد بأهمية التعليم وضرورة اكتساب العلم والمعارف في عملية التنمية من خلال الدراسة لرفع مكانة البلد بين الأمم. كما وجه رئيس الجمهورية كلمة تنبيهية وصرخة توجيهية إلى المعلمين وأعضاء الاسرة التربوية والتلاميذ والجماعات المحلية وآباء التلاميذ والإدارة والمجتمع المدني، وإلى المستثمرين ومختلف قطاعات الدولة بأن يؤدي كل منهم واجبه من أجل النهوض بالتعليم مؤكدا أنه مفتاح توطيد اللحمة بين جميع مكونات الشعب وضمان تحقيق الوحدة الوطنية من خلال اعتماده المدرسة الجمهورية التي تعطي جميع أبناء الوطن نفس الفرص في التعليم الموحد المنهج وداخل ظروف واحدة ومشتركة تطبعها المساواة والعادلة في الشكل والمضمون. واختتم رئيس الجمهورية كلمته وبالتزامه إعطاء الحكومة كل الوسائل الممكنة والمناسبة من أجل تحقيق هذا الهدف مؤكدا أن التعليم هو الطريق الوحيد لاكتساب العلم والمعرفة لصالح المواطن السوي والبلد المتقدم المزدهر.
إنه الوعد الانتخابي الذي قطع على نفسه والمحور الركيزة في البرنامج الحكومي الذي قدم، تتحقق إذن لبنته الأولى المبشرة بأنها الخطوة الأولى إلى إصلاح تعليم عانى حتى دب اليأس في قلوب المواطنين واستأثرت قلة من المسؤولين الفاسدين والوجهاء المزيفين والسياسيين والانتهازين والمفسدين في كل مرافق الدولة بتعليم أبنائهم في المدارس الأجنبية التي فتحت لهم أبوابها وقد أحدث عمدا شرخا عميقا في بنية المجتمع وآخر أخطر في المناهج التعليمية؛ شرخ كان قد زاد عندما انتشرت، كالمخابز الرخيصة، المدارس الخاصة ليهبط إلى القاع مستوى التعليم ويختلط حابل النظامي منه الذي أفرغ من كل طواقمه وصرامته وبيعت صروحه العتيدة لرجال "الإهمال" والزبانية والسماسرة، ونابل التعليم التجاري الذي حرر من كل الضوابط والالتزامات مقابل التحصيل الأرعن والأعمى.
نعم إنه الوعد الذي إن تحقق عاجلا أعاد الأمل في إمكانية رفع تحدي التخلف وتقليص الفوارق الاجتماعية التي ما زالت تمنع الانطلاق الصحيح.
ولرئيس الجمهورية في برنامج الحافل بالوعود البناءة وعد محوري آخر ينتظر الشعب تحقيقه متمثلا في تقليص الهوة السحيقة بين:
- الغالبية العظمى الفقيرة من الشعب، التي تعاني من صد الأبواب أمامهم في البحث عن العمل والتوظيف والفرص في المسبقات والتمويلات والتحصيل عبر التجارة التي يحتكرها ويسيطر على مصادرها وكرق ولوجها تجار القلة المتحكمين في الإدارة وجماركها والبلاد وحدودها، وفي الأسواق وصروفها ومساحاتها وأسعارها وبضاعتها وقد بنوها على أنقاض المدارس العريقة والثكنات العسكرية التي كانت راسخة كالجبال تنشر الأمن والأمان في قلب العصمة النابض بالحركة،
- والقلة القليلة من الأثرياء المتخمين من المال العام، والذين لا يمكنهم أن يبرروا صدقية امتلاكهم ما لم يرثوه يوما على آبائهم، ولا كان لهم سر في القدرة على جمعه بالشطارة وامتلاكه من خلال المصانع العريقة والخبرة التاريخية في الخلق والابداع وجمع المال واستثماره الاستثمار الأمثل الذي يجعله يتضاعف معه باستمرار.
نعم لا شك أن العودة إلى المدرسة الجمهورية خطوة جبارة بعث في النفوس الأمل بإصلاح التعليم وفتح الفرص متساوية أمام كل أبناء الوطن. كما أنها بادرة سيكون لها الأثر البالغ في تحقيق العدالة في قابل الأيام إن شاء الله تعالى؛ أثر سيؤتي أكله عندما تتسارع عملية "ردم" الهوة بين الأغنياء و الفقراء.