كان يوم الجمعة 13 نوفمبر 2020 يوما مشهودا عند الصحراويين عندما توصلوا بالنبأ اليقين، قرار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بإنهاء وقف اطلاق النار مع المملكة المغربية على اثر خرق قواتها له بعدما اقدمت على فتح ثلاث ثغرات في حزام الذل والعار المغربي في محاولة لتفكيك الاحتجاج السلمي للجماهير الصحراوية امام ثغرة الكركرات غير الشرعية.
لقد استقبلت الجماهير الصحراوية في كل مكان صوت الطلقات التي رد بها اسودنا الاشاوس، مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، على قوات العدو المغربي، بفرح شديد وحماس فياض واستعداد كبير للتضحية، فتنادوا من كل حدب وصوب للالتحاق بإخوانهم في جبهات القتال. لا يمكن وصف تلك المشاهد التي اكدت بحق اصرار الشعب الصحراوي على مواصلة كفاحه المشروع وخوض معركة الحياة او الموت الأخيرة مع العدو من اجل التحرير الكامل للأجزاء المحتلة من ارض الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
لقد اطلق العدو المغربي نفسه رصاصة الرحمة على وقف اطلاق النار، والحمد لله الذي انقطع حبل التلاعب بمصير الشعب الصحراوي، وهاهم المقاتلون الصحراويون وجها لوجه مجددا مع جنود الاحتلال المغربي في ميدان الوغى الذي اشتاق الى ملامحهم البطولية والى انقضاضهم ساعة المعركة على الجرذان المختبئة في حجورها. انها الحرب اذن التي يتعطش لها شبابنا الباسل الذي ما ان سمع بها حتى سارع الى التطوع للتجنيد في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
هكذا دفع غرور حكام المغرب وغطرستهم واستصغارهم بردة فعل الصحراويين الى ارتكاب حماقة ستكون مضاعفاتها وخيمة على بلدهم، وسيندمون بعدما يدركون انهم اضاعوا فرصة لا تعوض تتمثل في ثلاثة عقود من الزمن منحها لهم الشعب الصحراوي كي يعودوا الى جادة الصواب ويكفرون عن خطأهم الذي ارتكبوه في حق هذا الشعب الأبي، رغم المعاناة وفراق الاهالي والانتظار الطويل. لكن صبر الشعب الصحراوي قد نفذ وما بقي امامه سوى ان يخوضها حرب شاملة ولن يلتفت فيها للوراء بل قدما نحو التحرير الكامل للتراب الصحراوي وبسط سيادة الدولة الصحراوية عليها.
وبهذا الخرق السافر، تكون المملكة المغربية قد ادخلت المنطقة مجددا في مصير مجهول بسبب تعنتها في استمرار احتلالها اللاشرعي لأجزاء من ارض جارتها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، العضو المؤسس للاتحاد الافريقي. لقد تعمدت المغرب ان تقتل السلام ببطء وبتواطؤ من عرابتها فرنسا، فبعد تعطيلها لاستفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي عن تاريخه الاول سنة 1992، استمرت في العرقلة الى غاية رفضها له والتملص من التزاماتها تجاه خطة التسوية، لتختم لعبتها القذرة بهذا الخرق السافر الذي تهدف من ورائه الى فرض الامر الواقع في التصرف كما تشاء وكأنها المالك الشرعي للصحراء الغربية. يحدث هذا، للأسف الشديد، على مسمع ومرأى من بعثة الامم المتحدة، التي تخاذلت في تنفيذ مأموريتها، وتواطأت بالمقابل مع المملكة المغربية لتصبح راعيا لمصالحها.
ان المجتمع الدولي، كذلك، يتحمل جزء من المسؤولية فيما وصل اليه الوضع اليوم في الصحراء الغربية، بسبب عدم مبالاته في فرض الشرعية الدولية من خلال تمكين الشعب الصحراوي من حقه غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال طبقا لميثاق الامم المتحدة والقرارات ذات الصلة. فلولا اخذ مجلس الامن العصى من الوسط لكان كل شيء انتهى في الوقت المحدد اول مرة، وها هو الان يحصد نتيجة لا مبالاته وعدم جديته. ان خيوط المؤامرة على الشعب لم تتوقف بتوقف اطلاق النار سنة 1991 بل ظلت تتزايد علنا وسرا وتوظف لها اموال الخليج وخبراء إسرائيل، ولعل تورط الامارات العربية المتحدة الاخير وتأييد بعض دول الخليج للخرق المغربي هو دليل على مؤامرة جديدة تحاك ضد هذا الشعب الأبي. لكن كل ما هو مبني على باطل فهو باطل، وفي نهاية المطاف سينتصر الشعب الصحراوي بإذن الله لأنه صاحب الحق المشروع.
لقد انتهى العقد الذي كان يربط الصحراويين بالمغرب وبالأمم المتحدة، وبدأت الحرب بين الدولتين العضوين في الاتحاد الافريقي، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والمملكة المغربية، ووقفها مجددا لن يكون الا بقبول شروط الطرف الصحراوي الممثلة في تطبيق الشرعية الدولية وان يقوم الاتحاد الافريقي والامم المتحدة، باعتبارهما الراعيين لخطة التسوية التي قبلها طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية سنة 1988 وصادق عليها مجلس الامن في قراره 658 (1990)، بتحميل المملكة المغربية المسؤولية الكاملة في ما حدث واتخاذ عقوبات صارمة ضدها ومطالبتها بالانسحاب الفوري من الاجزاء التي تحتلها من تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.