
اعتقد جازما ان الموريتاني بطبعه سلمي يدعو للسلمية أينما حل و رتحل و تاريخنا الناصع شاهد على ذلك فكل مكونات الوطنية ظلت في انسجام تام قبل الاستعمار و بعده ، و رغم سعي هذا المستعمر إلى زرع التفرقة و الحقد بين مكونات شعبنا الأبي تنبه الجميع للمخطط الاستعماري المدمر يومها ، فخاب مسعاه لأنه ببساطة كانت لدينا نخبة وطنية تعي حجم التحديات و المسؤوليات الملقات على عتقها و خبث المخطط التدميري الاستعماري من ما جعلها صمام أمان البلد ، و الحقيقة المطلقة التي تعرفها هذه النخب يقينا أن لا أرض و لا وطن و لا شعب سيشكل حاضنة لها لممارسة طقوسها السياسية إذا انحرف البلد الى ما لا تحمد عقباه لا قدر الله ، و الطقوس السياسة مرفوضة رفضا باتا عند تلك النخب إذا لم توافق ديننا الحنيف و الواجب التخلي عنها و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، و لأن الفتنة دعوة شيطانية يقف خلفها الشيطان و دعاة مذهبه لم تكن يوما مطروحة على طاويلة نقاش قادة الرأي لا هي و لا حمل السلاح يومئذ ، نعم تشكلت حركات و مبادرات شبابية دعت للحقوق و طالبت بتوفير الخدمات و محاربة الفقر و التشغيل و تقريب الادارة من المواطن ، و بتعدت كل البعد عن الفتنة و ما يسببها و كان الجميع تجتمع فيه صفات المواطنة و مناصرا للمظلمومين في ربوع الوطن ، و تاريخ الحركات الطلابية و العمالية حافل بتلك النضالات السلمية الجامعة و المتمسكة بوحدة الوطن الواحد و عدم ادخاله في حرب أهلية الخاسر فيها الجميع.
يعد الجوار الإقلمي خير شاهد على انهيار دول و تجمعات باتت تحلم بالعودة لجو الاستقرار و الأمن و السكينة و مسايرة التنمية ، لكن الوقت قد فات و ذلك ما حصدته أيدي الخونة و من ساعدهم فدخلت بلدانهم في حلقة مفرقة من التشرد و فراق في السلطة فضاعت أوطانهم ، في عالم لا مكان فيه للضعفاء كل غايته الحصول على الموارد الأولية التي تسيل لعاب الشركات العابرة للحدود و عصابات جني المال الباحثة عن أي ثقرة أمنية ، لتوطئة مرتزقتها هنا أو هناك و من المعروف ان تحديد طبيعة المهمة أو الاستمرار فيها أو التخلي عنها كل ذلك يعود إلى المورد الطبعي ، هل يفي بالغرض يغطي تكاليف المرتزقة و جيوب صماصرة الوطن و القدرة على التحكم في خيوط اللعبة ، و لأن الصماصرة يلعبون على عجز القوى الاستعمارية تاريخيا في زرع الفتنة و التدمير و لسان حالهم يقول انهم قادرون على انجاح الاجندات الخارجية و بلوغ اطماع الاجنبي في مقدرات البلد ، بل يفتخرون بذلك لجعلهم الذراع التخريبة و التوسعية في البلد ، ذلك مسعى و مخطط جديد ينصهر فيه أعداء الوطن بتمويل خاريجي متعدد و تنفيذي داخلي متخفي مما يتطلب اليقظة و الجاهزية .
إن المشروع التخريبي يبدأ بخلط الاوراق و ارتفاع حناجر المرتزقة بالسوء كما تسيل ألسنتهم بالسم و الحقد الدفين و نشر الطرح الانفصالي ، من منطلق حقوقي و استراد كل القاموس الانفصالي و جعله متدوالا بين الجميع و احتقار مؤسسات الدولة ، لتشتيت الجهود و ركوب قضية المهاجرين و كلها ظواهر جديدة وافدة على مجتمعنا المسالم بأطيافه التي يجمعها اكثر من ما يفرقها ، فوحدة الدين و العقيدة و التاريخ و المصير المشترك تجعل ادعياء اللونية خارج المألوف و يسبحون عكس التيار ، لينشط هؤلاء تزامنا مع الهجرة السرية التي دق نقوسها العالم بأسره و الجوار الإقلمي قبلنا و هو ما يخفيه اللاوطنيون الذين عاشوا و نهلوا من خيرات هذا الوطن الغالي الذي يفترض بهم الدفاع عنه بالغالي و النفيس ، كما يفعل النشطاء في البلدان الأخرى الغريب انتشار ظاهرة الخطاب العنصري الفئوي و تصاعده بوتيرة خطيرة و التلويح بالخروج عن الجماعة و العصيان و نشر التفاهات المعادية لمفهوم الدولة و تهديد السكينة العامة و هي أمور خطيرة ، تجعل من أصحابها مستعدين للعمل مع أجندات خارجية لزعزعة الوطن متناسين يقظة الدولة و أجهزتنا الامنية التي ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن و المواطن .
إن خطورة اللحظة تقضي من كل مواطن شريف و كل المجتمع المدني و المدونيين الاخيار و الشرفاء و الأحرار الوقوف وقفة رجل واحد في وجه الخطاب العنصري الفئوي الهدام ، الذي يفسد و يستغل ملف الهجرة السرية الآن لإرباك المشهد الداخلي و التشكيك في مساره الطويل الذي يحتاج الى تظافر جهود الجميع في هكذا ظرف إقلمي و دولي متأزم اصلا ، و الحنكة كل الحنكة ان يقوم الكل بدوره في مسألة الهجرة السرية و يستشعر الخطر القادم إقتصاديا و ديمغرافيا و أمنيا ، إن دور المجتمع المدني التوعوي يجعله على المحك إما ان يحمل الرسالة في توجيه و تحسيس الرأي العام ، او يترك الباب مفتوح على مصراعيه أمام الخطاب الفئوي العنصري و يفشل في أول مهمة له تؤكد مدى قدرته على قطع الطريق أمام الصماصرة و أعوانهم في زرع الفتنة ، مشكلا حاجزا يجمع المجتمع المدني بمختلف جمعياته و هيئاته في جدار الوحدة الوطنية حفاظا على الوطن الذي يسع الجميع .
إن بلادنا و اعتمادا على مخزونها في مجال حقوق الإنسان و بشهادات دولية يجعلها دولة قانون و قادرة بكل فخر على اصدار ترسنة قانونية لمواجهة الظواهر الجديدة و تطبيق القانون ، فلا عذر لأحد في جهل القانون و الادارة ملزمة بتطبيق القانون و اخضاع الجميع مواطنا كان أو اجنبيا له ، و الحمدلله تمتلك البلاد جهازا أمنيا قادرا على رفع التحدي و استباق الأحداث ، و الجاحد من ينكر ذلك و ليست الانتخابات المنصرمة بعيدة شهد بذلك القاصي قبل الداني ، هنا اشيد بكل من ساهم من قريب أو بعيد في استتباب الأمن و كل الشكر لقواتنا الأمنية الباسلة المرابطة و الساهرة لينام المواطن و تزدهر البلاد ، كل هذا بفضل الله أولا و رجال الوطن رجال لا يهابون المخاطر هم دروع الوطن القوية التي بها يحتمي ، شرفهم صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بحمل المشعل فهم رجال المهمات الصعبة على رأسهم وزير الداخلية و اللامركزية معالي الوزير السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين .
خلاصة القول ان الجميع مطالب برصي الصفوف في مواجهة الخطاب العنصري بكل اشكاله و شجبه و إدانته و دعم جهود الدولة في ذلك و التصدي له و لا يقل خطورة ملف الهجرة السرية فتجنيس الأجانب أو التستر عليهم لا يقل خطورة عن سابقه ، إن العمل الحكومي في هكذا مجال الذي يقوده معالي وزير الداخلية و اللامركزية تأييده و تشجيعه غاية في الاهمية لنخطو فهذا المنوال خطوات الإجماع الوطني لتذوب الفوارق و الحساسيات لنحقق الهدف المشترك لا عنصرية و لا عنصريين نعم لتصحيح وضعية الأجانب و تحديد نسبة تواجدهم ، إن موقع موريتانيا الفريد كهمزة وصل بين العالمين العربي و الافريقي يجعلها وجهة لإخوتنا العرب و الأفارقة لتحقيق الحلم الأروبي أو الاستقرار معتمدين في ذلك على روابط قديمة بين مكونات شعبنا و جوارها لبلوغ الهدف على الجميع الحذر فموريتانيا للموريتانيين فقط و الوطن فوق الجميع .
الإعلامي حمود بكار