دور صدام حسين في حماية الثغور العربية 

كانت القوة العسكرية التي بناها صدام للعراق قد أرقت كافة الأعداء ، وتم اعتبارها إخلالا بالتوازنات الإستراتيجية ، لذلك أصبح القضاء على صدام والتخلص من نظامه  من أهم أولويات أمريكا والمتعاونين معها في المنطقة ،كما يقول سعد البزاز في كتابه  "حرب تلد أخرى التاريخ السري لحرب الخليج" .
ففي سنة   1980شنت إيران الحرب على العراق لمدة ثماني سنوات من أجل الإطاحة بنظام صدام ومن ثم تصديرالثورة ، ومع ذلك انتصر العراق رغم فضيحة "إيران غيت".
وبما أن العراق خرج من هذه الحرب وهو يتمتع بكل أسباب القوة بما في ذلك التفوق في الصناعات العسكرية التي كادت أن تخرج العراق من دائرة العالم الثالث ، فقد استخدمت أمريكا كافة الضغوط الإقتصادية بواسطة حلفائها في المنطقة ، وإثر ذلك دخلت القوات العراقية الكويت في 2 أغسطس 1990. كما هوموضح في كتاب "الخليج بيننا قطرة نفط بقطرة دم " لمؤلفه حمدان حمدان .
غير أن الأمريكيين وحلفائهم تجاوزوا المتطلبات السابقة  وشنوا عدوانا على العراق فجر 17 /يناير/1991 ، وكانت أول مجموعة  من صواريخ اكروز مبرمجة لضرب مركز القيادة ، وذلك تنفيذا لخطة اسمها الرمزي "الخلاص من صدام " وفق ما يقول محمد حسنين هيكل في كتابه "حرب الخليج أوهام القوة والنصر" .
وفي هذه الأثناء انتزعت أمريكا من مجلس الأمن عدة قرارات عقابية ضد العراق ، وكان من أكثرها خطورة القرار661 الصادر بتاريخ 6/8/1990 الذي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق ، والقرار687 الصادر بتريخ 3/4/1990 ، الذي تم بموجبه إنشاء اللجنة المكلفة بتدمير ومراقبة أسلحة التدمير الشامل العراقية  ، وهو أطول وأقسى قرار يصدر عن مجلس الأمن ، كما يقول  د.حسن نافعه في كتابه "الأمم المتحدة في نصف قرن " .
ومع أن هذه القرارات كانت جائرة  ، فقد استغلتها الولايات المتحدة  لإطالة أمد الحصارعلى العراق ، وبعد ذلك استخدمتها كذريعة للعدوان عليه ، ففي سبتمبر 2002 أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن نظام صدام يشكل تهديداً مباشراً للأمن العالمي . بسبب تحديه السافر لقرارات مجلس الأمن التي تقضي بإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية .
ففي صبيحة 20 مارس2003 بدأ العدوان الأمريكي على العراق، و بعد ذلك سقطت بغداد في 9 ابريل من نفس السنة ، وظل صدام حسين ملاحقاً من القوات الغازية التي قتلت  أبناءه الثلاثة :عدي وقصي ومصطفى ، في معركة بالموصل في 22 يوليو 2003.
وفي 14 ديسمبر من العام نفسه تم أسرالرئيس صدام حسين من طرف الآمريكيين ، وطلبوا منه أن يوقف المقاومة لكنه امتنع وظل يحرض المومنين على القتال ، إلى أن حكموا عليه بالإعدام ،وقاموا بقتله شهيدا فجر يوم عيدالأضحى 30/12/2006.
وقد استنكر المراقبون هذا الاستعجال بتنفيذ حكم الإعدام ، وفي لحظة التنفيذ لم يبد على البطل صدام حسين الخوف أو التوتر ، و كان آخر كلامه : الشهادتين .
ودفن الشهيد صدام بمسقط رأسه بالعوجة حيث قام الآمريكان بتسليم جثمانه لعشيرته. وأقام ذووه مجالس العزاء .
غيرأن رحيل الشهيد صدام حسين لم يؤد إلى وقف المقاومة العراقية التي كبدت القوات الآمريكية خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات والإقتصاد ، وهو ما أجبر الولايات المتحدة على الإنسحاب من العراق .

ـ لقد وقف صدام حسين في وجه الأطماع الإيرانية في منطقة الخليج والعراق حيث اشتبك مع إيران في حرب طاحنة  لمدة ثماني سنوات  ، وكان من نتائج هذه الحرب أن انتصر العراق ، بعد أن أعلن " الخميني" في يوم 18/ 07/1988 أنه يأمر القوات الإيرانية بوقف إطلاق النار (شاعرا أنه يتجرع كأسا من السم ) .
لأن عراق صدام حسين شكل عملياً جدارا قوياً في طريق المد الصفوي الإيراني وتصدير الثورة إلى دول المنطقة .
ـ وفي حرب 1973 كان الجيش العراقي - الذي يشرف عليه صدام حسين شخصيا - هو الذي أنقذ دمشق من السقوط بيد جيش الكيان الصهيوني، وذلك بعد أن تقهقر الجيش السوري من الجولان، على إثر الهجوم الإسرائيلي المضاد.
ـ ومع أن العراق قد اشترك في حرب أكتوبر1973 ضد إسرائيل ، فقد دكت صواريخه أوكار العدو الصهيوني خلال حرب الخليج الثانية ، و بذلك تكون العراق أول دولة تضرب إسرائيل بالصواريخ ،إلا أن ما قدمه صدام حسين للقضية الفلسطينية ،والقضايا العربية عموما لايمكن حصره لأن ذلك يعتبر"غيض من فيض" .
ـ كذلك حينما سيطر المتمردون عام 1985 على أجزاء واسعة من السودان، وكادت قوات جون قرنق أن تدق أبواب الخرطوم، عند ذلك أسرعت حكومة الصادق المهدي، بإرسال الوفود إلى العواصم العربية ، تنذرهم بالخطر القادم، وتستجدي منهم المساعدة ، فلم يتجاوب معها أحد.
وأخيرا توجه الوفد نحو بغداد فاستقبلهم صدام حسين بكل حفاوة ، ووفر لهم كافة الأسلحة التي كانوا يريدونها وفوقها دعم مادي، وبذلك استطاع الجيش السوداني كبح جماح المتمردين .
ـ أما في موريتانيا فلا زال الكثيرمنا يتذكرتلك المواقف النبيلة التى اتخذها صدام حسين
فى الدفاع عن موريتانيا خلال أزمتها الحادة مع السنغال سنة 1989إلى أن أصبحت من أقوى دول غرب إفريقيا عسكريا ، كما أكد ذلك عبد جوف الرئيس السنغالي السابق في مذكراته حيث يقول : (سعيت دائما إلى تجنب الحرب مع موريتانيا في تلك الحقبة، كما أن الحرب لم تكن ملائمة للسنغال، لقد كانت القوات المسلحة الموريتانية أفضل تسليحا من السنغالية.
لقد زود صدام حسين موريتانيا بصواريخ قادرة على تدمير سينلوي وداكار وكانت ستطلق عندما تتحرك السنغال؛ وقد نقل معلومات الدعم العراقي لموريتانيا السفير ماصمبا ساري نقلا عن سفير العراق في باريس.
هذا الأخير قال في لقاء في العاصمة الفرنسية باريس إنه يأسف لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين الشقيقين، لكنه أردف أنه في حالة وصول الموقف إلى حرب فإن العراق ستقف في صف موريتانيا، وبرر ذلك بكون موريتانيا تشكل جزء من الأمة العربية ).

اثنين, 30/12/2024 - 20:47