يَحتفل العالم في 16 من اكتوبر مِن كُل عام ،بِاليوم العالمي للغذاء وَهو يَوم أَعلنته منظمة الأغذية والزراعة(الفاو) التابعة لِمُنظمة الأمم المتحدة، حيث يتم الاحتفال بهذا اليوم على نِطاق واسع مِن قبل العديد من المنظمات الأخرى المعنية بالأمن الغذائي، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي.
يهدف هذا اليوم العالمي إلى زيادة التوعية حول الجوع و آثاره ، و تسليط الضوء حول الجياع وواقعهم نتيجة نقص الغذاء.
ان أهداف هذا اليوم العام تتلخص في
-توجيه الرأي العام العالمي وتعريفه بمشكلة الجوع التي تنتشر في بعض البلدان.
-العمل على نقل التكنولوجيا الزراعية لدول العالم الثالث
-الاهتمام بالإنتاج الزراعي ودعمه
- تحسين مستوي ساكنة الأرياف المعيشي و التعليمي . بدأ الاحتفال بهذا اليوم 1981 وتعددت الشعارات فكان أول شعار يحتفل به التغذية أولا سنتين متتاليتين ثم وصل شعاره في العام 2000 عنوان ألفية متحررة من الجوع.
لكن واقع الأرقام يُبين أن الشعارات وحدها لاتكفي فحسب أرقام 2023 التي اعترفت فيها منظمة الغذاء العالمي بوجود أزمة عالمية حقيقية فحوالي 780 مليون شخص حول العالم يُعانون من الجوع و حوالي 50 مليون طفل يعانون الهزال الشديد وخطر الموت من الجوع، لعل العام 2023 قضي على إمكانية القضاء على الجوع بعد حرب أوكرانيا وروسيا حيث بنك الحبوب الذي يعتمد عليه برنامج الأمم المتحدة للأغذية.
في بلدنا موريتانيا ،لا تجد ارقام كالعادة حول الجوع ،لكن أرقام الهلال الأحمر الموريتاني مقلقة جدا حيث يعني حوالي 500 ألف شخص من سكان الأرياف من انعدام الغذاء في الصيف فقط بين يوليو وأغسطس ،ضف إلى ذالك الفيضانات، والصدمات المناخية، والصراعات الإقليمية والدولية ، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود التي اؤدي الى ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية.
إن الحرب في مايلي وموجة الهجرة إلى مخيمات اللاجئين شكلت ضغطا على الأمن الغذائي ،وجعلت برنامج الغذاء العالمي يركز على اللاجئين كأولوية ويترك ساكنة الأرياف الهشة التي ظلت تعتمد على البرنامج العالمي فى إعانتها على تجاوز الأشهر الصعبة من السنة .
في عام 2023 انضمت موريتانيا الى قائمة الدول التي تُعاني من انعدام الأمن الغذائي في افريقيا وجنوب الصحراء،وبذالك تكون بلادنا أحدث دولة انضمت لهذا النداء الإقليمي في مايو من العام الماضي .
لا يختلف اثنان أننا فى وضعية صعبة من حيث توفير الغذاء للساكنة ،خطت البلاد خطوة مهمة نحو اكتفاء ذاتي من مادة الأرز ،لكن ذالك لم ينعكس على سعر هذه المادة ،بل رفع سعرها كثيرا مقارنة بوفرة المحصول ،ورفعت سعر المادة المستوردة من الخارج أيضا.
أما أمننا الغذائي فما زلنا نعتمد فيه اعتمادا كليا على المستورد خاصة القمح ومشتقاته والخضراوات والفواكه فما زال الإكتفاء الذاتي فيها بعيد المنال،ولا تزال أسعارها في كبد السماء .
أما وضعية ساكنة الأرياف فهي صعبة جدا تستحق أن يُقال أننا لم نبذل جهدا يُذكر فى سبيل إعانتهم على العيش الكريم في ظل شح السلع الغذائية الأساسية ،وارتفاع أسعارها ،وقلة جودتها الذي يرجع جزء منه إلى وسائل التخزين غير الجيدة نتيجة ضعف الشبكات الكهربائية في مدننا الداخلية وأريافنا، أما الشق الذي يسعي هذا اليوم العالمي لمعالجته وهو توفر التمدرس فى الأرياف فهو مستحيل في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة لساكنة هذه الأرياف التي ماتزال تدفعهم لتشغيل أبنائهم وهم في سن التمدرس حتي يُعينوهم أهاليهم في تحصيل قوتهم اليومي،ناهيك عن نقص المؤسسات المدرسية وغياب صيانة دورية لأغلبيتها.
لا يمكن أن نختم قبل التطرق لنفايات الموائد الغذائية التي تُشكل عبئا ثقيلا على ساكنة المدينة وخاصة الأحياء الراقية ،هنا ندعوا لتفعيل إعادة تدوير النفايات الغذائية بشكل جيد ،الشيء الذي سينعكس ايجابياً على توفر أعلاف منخفضة الثمن للمنمين في المدن والقرى ،ونكون قد أوقفنا هدر ملايين الأطنان من الطاقة الغذائية ،ما قد يُشجع على ترشيد الغذاء وتقليل النفايات الغذائية بشكل جيد.
تجدر الإشارة أن كميات كبيرة من الغذاء ينتجها البشر ولكن لا يأكلونها لها آثار سلبية كبيرة: بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. تشير التقديرات إلى أن 8-10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ترتبط بالغذاء الذي لا يتم إستهلاكه.
ختاما وفي عجالة نحتاج إلى تعزيز أمننا الغذائي بعيدا عن سياسة الإستيراد وذالك بالإعتماد على أراضينا الزراعية الشاسعة ،و سواعد مواطنينا تلبية لنداء وطن ،يستحق علينا التضحية من أجل رفاه شعبه واكتفاءه الذاتي ، و نحتاج لتمييز إيجابي لصالح ساكنة المناطق القروية في التمدرس وتشجيع أبنائهم على البقاء في أوطانهم من خلال منحهم امتيازات و جوائز و مساعدات مالية لهم لضمان استمراريتهم في التمدرس و تجاوز ظروفهم الإقتصادية الصعبة .