اليوم العالمي للصحة النفسية.. الجسم السليم في النفسية السليمة 

يحتفل العالم في العاشر من أكتوبر من كل سنة منذ العام 1992 باليوم العالمي للصحة النفسية، وهي فرصة  لزيادة الوعي العام حول  الصحة النفسية.والغرض من هذا اليوم هو إجراء مناقشات أكثر انفتاحاً بشأن الأمراض النفسية وتوظيف الاستثمارات في الخدمات ووسائل الوقاية على حد سواء. وتشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2002 إلى أنّ 154 مليون نسمة يعانون من الاكتئاب على الصعيد العالمي، علماً بأنّ الاكتئاب ليس إلاّ أحد أنواع الأمراض النفسية. وكان أول الاحتفالات في عام 1992 حيث احتفلت 150 دولة حول العالم بهذا اليوم.

 

في موريتانيا لا توجد إحصاءات دقيقة حول الأمراض النفسية الأكثر انتشارا ،ولا عن نسبة المرضي النفسيين في البلد ،وإن كانت الأرقام في دول مجاورة تُشكل مصدر قلق كبير ،حيث تشير الدراسات في المغرب المجاور أن نسبة 48٪؜ من الساكنة فوق 15٪؜ يعانون من أمراض نفسية، منها 25٪؜ من حالات الإكتئاب أي حوالي ربع سكان المملكة،فيما يعاني 9٪؜ من القلق حسب أرقام 2023.

 

إن تعزيز الصحة النفسية والعناية بها لا يقل أهمية عن العناية بالصحة الجسدية، بل يُعتبر مكملّاً لها. وكل إنسان يمر  بالعديد من الضغوطات الحياتية والمجتمعية والاقتصادية والعاطفية التي تولّد الإرهاق والتوتر والاكتئاب، والتي جميعها تلعب دوراً كبيراً في صحتنا النفسية. وتؤثر حالتنا النفسية على الأنشطة اليومية والتواصل الاجتماعي مع العائلة والأصدقاء والمجتمع،فيمكننا القول دون مبالغة أن الجسم السليم في النفسية السليمة،هذا بالضبط ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة.

لعل انتشار المجانين في الشوارع العامة و ما له من تأثير على سكينة الناس ،فقد كلفت الدولة الحماية المدنية بالقبض عليهم في حالة معرفة ذويهم وتسليمهم إليهم،هنا أستحضر قصة مريض نفسي في العاصمة كان يُقيم أمام منزل عائلة و خشيت العائلة على صغارها فبلغت المفوضية القريبة ليُحيلوها إلى الحماية المدنية التي بدورها سألت إن كان هذا المريض يُعرف له أهل ولما صرحت العائلة المسكينة أنهم لا يعرفوا ،اعتذرو لها ،مضيفين أن مهمتهم القبض عليه و نقله الى مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بحضرة ذويه فقط! هنا نُسجل اعتراضنا على هذا الإجراء ونُطالب السلطات بمراجعة هذه المسألة فسكينة الناس وأمنهم مقدم .

إن أهمية الصحة النفسية يتمثل في كونها تساعد الشخص في أن يعيش حياته على أكمل وجه بإنتاجية ويستمتع بها، فضلًا عن كونها تقلل احتمال إصابته بمجموعة واسعة من الأمراض النفسية.  

نستغل هذا اليوم العالمي للمطالبة بأرقام دقيقة عن أعداد المرضي النفسيين و عن أكثر الأمراض النفسية  انتشارا ، ونحث على انشاء وحدة دراسة خاصة بالأقسام النفسية ،و زيادة القدرة الإستيعابية لمستشفي الأمراض العقلية الوحيد في العاصمة .

بودها أن نقدم النصائح والإرشادات التالية لعلها تنفع القراء و الساكنة بصفة خاصة في الحفاظ على صحتهم النفسية وبالتالي صحتهم الجسدية ،نتوقف في هذه الأسطر أمام هذه المعلومات التي تُساعدنا على معرفة أهمية الصحة النفسية فيما يلي:

 

- الصحة النفسية لها تأثير كبير في الصحة الجسدية، إذ إن إهمالها أو ضعفها يزيد احتمال الإصابة بأمراض عديدة قد تكون خطرةً، منها: أمراض القلب، والسكري.

- يكون احتمال انتصار مصابي السرطان الذين يعانون من مشكلات نفسية حتى إن كانت بسيطة أقل مقارنةً بذوي الصحة النفسية الجيدة.

- تعزيز جودة النوم حيث أن اضطرابات النوم، كا الأرق يعد من المشكلات التي ترتبط ارتباطاً وثيقا بالصحة النفسية.

-  رفع مستوي الطاقة في الجسم حيث يؤدي الصحة النفسية السيئة إلى استنزاف الطاقة الجسمية مايؤدي الى التعب والإنهاك الذي لا يتوقف غالبا إلا بالعلاج النفسي المناسب.

- تجنب العادات السلبية حيث تؤدي الصحة النفسية السيئة غالبا ،  إلى اللجوء إلى العادات السلبية بهدف التعامل مع الأعراض النفسية المزعجة،  مثل التدخين أو استخدام الأدوية المهدئة دون استشارة .

- إن الحفاظ على التفاؤل فهو أفضل وسيلة للمساعدة في تجاوز الصعوبات النفسية.

-  زيادة الإنتاجية حيث يُعد الفراغ من المسببات الرئيسية للأمراض النفسية والتفكير العميق فيها،مع التخيلات السلبية التي تزيد الحالة النفسية تدهورا. 

 

لا شك أن هذه النقاط ستساعدنا كثيرا في تقديم نصائح فى عُجالة وخوفا من التطويل الممل،تتمثل هذه النصائح فيما يلي:

- في حالة اضطرابات خفيفة متابعة جلسات نفسية مع متخصصين.

- انتظام التمارين الرياضية اليومية لتعزيز دورة النوم وبالتالي تحسين نفسية الجسم، تقول الدراسات أن الرياضة تحفز على حدوث تغيرات كيميائية دماغية تؤدي إلى تحسين المزاج.

- تعلم مهارات جديدة فذالك يُعزز الصحة النفسية من خلال الثقة بالنفس.

 

ختاما مايزال المجتمع ينظر نظرة سلبية للأسف الشديد من المرضي النفسيين الذين تابعوا علاجاتهم و منَّ الله عليهم بالشفاء ،فبدلا من تشجيعهم في الإندماج في الحياة النشطة ،يسعي البعض إلى نعتهم بأمراضهم ،فهي أمراض كسائر الأمراض يُشفي منها ،لذا على الجهات المعنية تقديم الرعاية اللازمة لهم وتشجيعهم من خلال تسهيل قروض لهم و تعليهم حرفا تُساعدهم في الإندماج في الحياة النشطة .

إن الدين الإسلامي الحنيف جعل الصحة  النّفسيّة من أسمى مقاصد الإسلام، لما لها من دور في إصلاح الفرد وتأهيله لخدمة المجتمع فيما يعود عليه بالنّفع العميم، وهكذا قصدت التّشريعات الإسلاميّة إلى تخليص الإنسان من كل ما يمكن أن يجعله فرداً سلبياً، وسعى الإسلام من خلال تشريعاته إلى تهذيب النّفس وتخليصها من أدران الشّر ونوازع الباطل.

 

محمد عينين احمد

رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة 

 

أربعاء, 09/10/2024 - 20:56