جل المثقفين ينتقلون من حالة الوعي النظري بمشاكل الشعوب، والإحساس الذي لا بهدأ بأوجاعها، وحقها في حياة أفضل، أغلب هؤلاء يتحول إلى أبواق للسلطان بمجرد تسميته في منصب..
ينسى النضال، وينسى الشعب، (وألا انشالا ما ينس اصلاتو)..
التدجين هو تسمين القطيع للنزال، أو للذبح، نحن لا نسمن الخيول إلا لاستعراضها، أو إدخالها في حلبات السباق وقبض أثمان أتعابها إذا فازت، ولا نربي العجول والكباش ونسمنها إلا لنذبحها ونربح من أوزانها الزائدة، ونسمن الثئران لنتسلى برياضة النطح التي تدمى جباهها، وتكسر قرونها...
وللحصول على التسمين المبكر يلزم إخصاء الفحول، لقتل خصائص الرجولة، وتحويلهم إلى إناث بخصيات ضخمة، تتدلى كما تتدلى أثداء الرجال السمان..
تسمية البعض هي قطع لسانه، وشد شفتيه بلاصق قوي، مقاوم لملوحة لعاب الشهية..هو جعل ربقة في رقبته فلا يتحرك إلا بأمر حارسه، كالكبش (المربوط)، الكبش المربوط مأمون على النعاج لأن فحولته معطلة...
أسد الغابة يصرع عشرة من آساد الحديقة، لأنه يصيد فرائسه في البراري حرا، ولأنه لم يتعود الشبع، ولم يتناول الوجبات المحضرة، ويبقى ضامرا، خفيفا، لكنه شرس خطير..أسد الحديقة تقدم له الوجبات الغنية، ويدخل الطعام على الطعام، لذلك يتضخم، وينبطح لليد التي تطعمه..
في سنة ماضية أطلق فريق من الشرق نسري صيد في إحدى براري الوطن، فتعقبهما نسر وطني هزيل، لم يعرف آلا أعالي الشجر، يغدو خميصا، ويروح بطينا من كسب نفسه، لم يروض، ولم يأكل. وجباته في الأقفاص، فقتل واحدا، واقتلع عين الآخر...
موجبه أن بعضنا ينتقل بسرعة من العياط، والزياط، والتغني بقيم الحرية، والمساواة، ووجوب توفير العيش الكريم للجماهير، ينتقل من فضائه الحر هذا إلى بيت الطاعة، بحرسه، ومتاريسه، وأسلاكه الشائكه الملتفة.. وإذا هدأ الليل نام على معزوفة: كلْ ونم، ولا تتكلم.
إذا انقضت حاجة السلطان من المثقف خلعه، فيحاول أن يعود إلى مبادئه المؤرشفة، فيجد نفسه قد خرج عن مقاسها..
دخل الثعلب الحقل جائعا، واستطاع لضمور بطنه أن يمر بين القضبان المتقاربة، فسرح، ومرح في الحقل، أكل فشبع، وشرب فارتوى، ثم أراد أن يخرج، فلم يستطع لانتفاخ بطنه..
المرتضى محمد اشفاق