تحالف دول الساحل وقائع وحقائق

من الواضح من خلال تتبع خاطف للاعلام المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي  أن هناك  تبسيطا  لما يجري في الساحل وتقزيما  لقدرات الجارة  مالي، هذا هو الرأي  السائد.. وهذا بلا شك يعطينا نفحة غرور غير مبررة وبالتالي  طاقة مواصلة "ما نحن فيه"،

من الخطإ  أن نستمر في  النظر الى ما يجري في مالي من زاوية  قضية أزواد لأن الأ مر صار أكبر وأكثر تعقيدا وذلك للوقائع التالية: 

 

إن مالي اصبحت جزءا من كونفدرالية اسمها  تحالف دول الساحل.. ويعني ذلك على الأقل لمن كانوا يتابعون حقا أن هناك  انتقال من ميثاق  ليبتاكو غورما الى شيء أقوى. هذه كونفدرالية حقيقية وليست عبثا: دفاع مشترك.. تبادل اقتصادي.. خروج من منطقة الفرنك غرب افريقي  وانشاء عملة جديدة هي الان  قيد الطبع.

 

ثانيا، إن الدول الثلاث تتسلح بقوة وهي الان أقوى مما كانت عليه بكثير وهي أقوى بالفعل من بعض  جيرانها.. وهي تحقق نجاحات في تأمين أراضيها.

 

 ثالثا، هناك مشاريع كبرى هي قيد الانشاء بما فيها محطات طاقة نووية.

ثم ان هناك قائدا  كبيرا في بوركينا فاسو الآن هو النقيب ابراهيم اتراوري الذي يلهب بخطاباته القوية مشاعر الشباب في افريقيا كلها..

 

وحقيقة أخرى وهي أن المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تتصدع  الان ولا ادل على ذلك  مما حدث في أحد مؤتمرتها  مؤخرا من مشادات بين ممثل السنغال وممثلة ساحل العاج..

 

ثم ان  هناك نقاشات حادة ومتصاعدة الان  في السنغال  بخصوص الانضمام لتحالف دول الساحل.. وهذا امر سيغير ان حدث موازين الامور في غرب إفريقيا كلها..

 

وبالنسبة للموانيء فإن التوغو تغازل الآن دول  التحالف  بل  تجاهد لكي تجعل ميناءها هو الميناء الرئيسي للتحالف، فهذه كتلة بشرية من 70 مليون نسمة يسيل لها لعاب كل دول الموانيء ..

 

الدول المعادية للتحالف  بشكل اكبر أو الصقور مثل ساحل العاج و جمهورية بنين والتي تتمركز فيها القوات الغربية تواجه الآن معارضة قوية في الداخل واحتمالات حدوث تغييرات  فيها امر وارد و مرتقب..

 

وفي الاخير فان روسيا والصين وهذه هي النقطة الاهم  تنظران الى تحالف دول الساحل كمشروع  مستقبل  بالغ الاهمية ليس فقط بسبب الموارد الغزيرة ولكن ايضا من الناحية الجيو ستراتيجية.. وغني عن القول ان  روسيا تدعمه بكل قوة لانه اذا نجح سيكون بمثابة طوق او حزام  جنوبي حول حلف شمال الاطلسي.

 

ومن المهم في الاخير الاشارة الى ان اتشاد هي  عامل نجاح كبير بالنسبة لروسيا لانها اذا دخلت في التحالف اكتملت الحلقة التي تبدأ من منفذ البحر الاسود  ثم ليبيا التي هي قاعدة  الفيلق الافريقي الاسم الجديد لفاغنر.  ثم اتشاد ثم النيجر وبوركينا ثم مالي.. ثم لا يبقى الا اليسير دون الاطلسي.. وهذا هو الطوق الذي قد تدفع روسيا نصف مواردها لتحقيقه..  وكما  يقول البعض ان هذا الطوق هو بمثابة حلف وارسو افريقيا الجديد.. والواقع ان فكرته ليست بالجديدة  فهذا تقريبا هو مشروع الحزام الذي كان يسعى  المارشال رومل في الحرب العالمية الثانية لانشائه؛  اي طوق جنوبي انطلاقا  من البحر الابيض المتوسط باتجاه غرب الاطلسي .. أو شرق البحر الاحمر..

 

 

هذه  كلها مؤشرات وحقائق  موحية  ..والخلاصة أنما يحدث الان في الساحل ليس الا جانبا من الصورة الكبيرة للصراع العالمي الذي يحتاج فهمه الى نظرة أكثر  شمولية و أكثر تجردا.

أحد, 28/07/2024 - 10:24