حتى يكون الطموح موضوعيا بشأن المنتظر إنجازه من شعاري محاربة الفساد ودور الشباب خلال المأمورية الثانية، يتعين مبدئيا -ومن باب الأمانة- الوقوف عند التحديد الذي قدم لكلا الشعارين عند إعلانهما من المرشح نفسه، وأيضا مراعاة حدود المتاح في اختيار الذين سيعتمد عليهم في تحقيقها على أرض الواقع:
1-مأمورية للشباب وبالشباب:
طموح مشروع وأولى التزام بالوفاء؛ بحكم نسبة هذه الشريحة في التركيبة السكانية، ما يجعل من الطبيعي أن تستأثر بالنصيب الأوفر من الإنفاق العام.
فقط، ضبابية دلالة "الشباب" و"الاهتمام بالشباب "، هي ما يرتب التفاوت الكبير في المنتظر تحققه من ذلك الشعار:
ففوق الخلاف حول الضبط السني للشباب - يمكن اعتماد القبول والجاهزية لأداء الخدمة العسكرية معيارا للضبط -، فإن احتياجات تلك الفئة وطموحاتها متباينة بين الاستيعاب في التعليم، التكوين، التشغيل والتعيين، لكن الحضور الطاغي للطامحين للتعيين وجه نحو فهم الشعار على أنه التزام لهذه المجموعة رغم محدودية أهميتها العددية بين الشباب.
لغير أولئك مأمورية للشباب تعنى اهتمام البرامج والخطط الحكومية بما يخدم: تعليم، تكوين وتشغيل وصحة الشباب، وكلها أمور تقرر لصالحهم، وليس بالضرورة أن يكون التقرير بشأنها منهم أو بمعيتهم.
صحيح أن المأمورية هي أيضا بالشباب مثلما أنها لهم، ذلك متأت فعلا وقابل للتحقيق، لكن على شرط أن ينطلقوا من أن:
" الشغل ماه لل وزير ** وللا كاتب واللا مدير ### واللا نايب راجل قدير...".
2-محاربة الفساد:
التزام في غاية الأهمية، فقط يتعين استحضار أنه جاء في صيغة محددة:" لن يكون هناك مكان لأي موظف يصر على مد يده للمال العام"؛ ما يعنى تبنى مذهب "العفو عما سلف" وما يستتبعه من اسقاط أوصاف التنابز بألقاب الفساد، وتمتع الكافة بأهلية المشاركة، ومن كل المستويات أعلاها قبل أدناها في تنفيذ برامج خمسية مأمورية الشباب وإقصاء المصرين على الفساد.
3-حكومة الاستفتاح وبرلمان المأمورية:
التشكيلة الوزارية المنتظرة عند تنصيب الرئيس لن تعمر في ضوء ترجيح حل الجمعية الوطنية في أفق بداية العام 2025، وانتخاب أخرى تستوعب من يفقدون وظائفهم من أهل الحظوة.
انتخاب تلك الجمعية سيستتبعه تشكيل حكومة جديدة وسيكون مناسبة:
-لإجراء التعديلات المناسبة على الحكومة في ضوء تقويم أدائها ومقبوليتها لدى الرأي العام، والحاجة لترضية وإعادة تموقع المغادرين من" كبار النواب"؛
-لإشراك القوى السياسية حديثة العهد بالالتحاق بدعم رئيس الجمهورية، وتمكين غيرها من حضور غير مؤثر؛
-للوصول لأن تعبر الهيئة بشكل صريح وأكثر وضوحا عن المحاصصة المطبقة فعليا، مقابل إخراج الوزارة الأولى من تلك الربقة، والسماح بموضوعية أكثر في اختيار من تسند لهم، سبيلا لتحسين الأداء الحكومي الباهت.
سيترتب على التفاعل مع طغيان أمل التغيير، على الأقل، أن:
-تخلو التشكيلة المرتقبة من كل "أشيظاظ" أو ظاهرة "وزير للوزير"، ومع ذلك، فمن غير الوارد أن يصل التغيير حدود مسح الطاولة؛
-لكن الاضطرار لصرف أعداد من الوزراء بدافع وحيد هو مراعاة المزاج العام، سيترتب عليه بذل جهد عظيم لاستيعابهم داخل الجهاز الإداري والدبلوماسي بما يحترم مكانتهم المكتسبة.
ثمن معقول لدخول أوجه جديدة وتصدرها للمشهد العام، تفاعلا مع رغبة شعبية تربط بين الأمل في التغيير وطبيعة الأطقم التي يوكل لها الإشراف عليه.