منذو عقود من الزمن ظل الشأن العام الموريتاني و المال العمومي بوجه خاص ،عرضة للاستغلال و التلاعب،إلى أن تحرك بعض البرلمانيين الأحرار الشجعان و بدعم واضح من الأغلبية البرلمانية، المستندة للنظام الراهن،فطرح أمر التحقيق فى نمط و عثرات و نواقص تسيير المال العمومي،فترة العشرية المنصرمة،فأتاح ذلك الملف الضخم، الوقوف على جملة من التجاوزات،فى توجيه الرئيس للكثير من الملفات و تورط عشرات الأشخاص فى الاستفادة غير الشرعية من المال العام المستباح حينها،من قبل ولد عبد العزيز و بعض أفراد أسرته الخصوصية و أقاربه و مقربيه ،و كان من البديهي أن تحظى هذه الدعاوى البرلمانية بمناصرة واسعة بديهية، من قبل الموريتانيين،إن لم يكن على وجه الإجماع الكلي،فعلى الأقل شبه الإجماع،و هذا ما حصل و سيظل حاصلا،باختصار لأن ثراء ولد عبد العزيز و مجموعته المذكورة و غيرها، كان فاحشا و غير مبرر،و مضرا بصورة بالغة بالدولة و الشعب،و بسمعة تسيير البلد،بصورة خاصة.
موريتانيا أصبحت من أفسد البلدان، و لم يعد للمال العمومي فيها حرمة ذات بال،و بالتالى بات ملحا توصيل رسائل ردع للمعنيين و للجميع،عسى أن تمنح للشأن العام و المال العام، حرمة و حصانة، تعيد إليه بعض الهيبة المفقودة المنشودة بإلحاح،بإذن الله.
و لعل إحالة ملف و حصيلة اللجنة البرلمانية،الذى اتسم بالكثير من الشمول و التوازن،بسرعة للجهة القضائية المعنية و مسارعة النيابة لفتح البحث التمهيدي،لدى إدارة الجرائم الاقتصادية،دليل جدية مبشرة، تستحق المناصرة و المتابعة و التشجيع،لتجري بإذن الله،هذه التحقيقات و المحاسبات و المحاكمات،فى جو من الجدية و العدالة و التوازن، و الحذر من كافة أوجه الإشابة و التعثر،و أما سعي البعض لتكون هذه التحقيقات فرصة ذهبية، لتصفية الحسابات و الانتقام،فذلك ممجوج و مرفوض سياسيا و أخلاقيا و قانونيا،كما أن الإساءة للدولة و رموزها،غير واقعي و غير مقبول إطلاقا،و دليل تخلف و رعونة، و سيجني ربما أصحابه المرارة و الندم،إن هم أصروا على ذلك المنحى و المسلك غير الحضاري،ذلك ما نرجو و ما ينبغى.
فالدولة لها حرماتها و حقها فى المساءلة، من أجل الردع و الإصلاح،و النظام الراهن بقيادة صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،إن أصر على هذا التوجه الواعد الحتمي، سيلقى الكثير من التأييد و المناصرة فى هذا الصدد،و أي حيدة أو إنحراف عن هذا النهج التحقيقي،قد يدفع ثمنه بسرعة و عمق،لأن هذه المراجعات و المحاسبات،التى قد تتوسع لاحقا بصورة قوية وإدراماتيكية،أصبحت خيار دولة و شعب، و لم يعد من السهل التفريط فيها أو التراجع عنها،حتى يوقن الجميع، أن استغلال الشأن العام، خط أحمر و تولى تسيير المال العمومي أمانة ثقيلة،دنيا و آخرة.