بعد سنة من حكم غزواني.. إلي أين نتجه ؟

سنة واحدة هل تكفي للتخلص من أعباء عشرية التلصص و التكسب وجمع المال وبناء طبقة من رجال الأعمال علي حساب الدولة؟ سنة واحدة هل تكفي لجر مفسدي البلد الي العدالة ؟ هل انتهي التحقيق دون طرق أبواب قطاعات حيوية جدا كالتعليم والصحة ؟ لماذا لا يشمل التحقيق ملف التشغيل الذي لخصت العشرية معاييره في الولاء لأباطرة الفساد ؟

في هذه السطور سأحاول قراءة ظروف إنشاء لجنة تحقيق برلمانية وما تبعه من هزات علي مستوي الهرم الحكومي.

المؤكد اليوم أن الشعب تصالح مع البرلمان في سابقة فريدة من نوعها في بلد ظلت السلطة التشريعية أسيرة في يد السلطة التنفيذية وبالتحديد في يد الحكومة من خلال ما تزعم أنه أغلبية حاكمة أهلكت الحرث و النسل وكرست فساد العشرية من خلال التصويت لكل ما يأتي من الحكومات, التي يباشر القضاء اليوم التحقيق مع بعض أعضائها , بعد رفع تقرير اللجنة البرلمانية إلى وزارة العدل ومن ثم القضاء .

يجمع أهل البلد اليوم أن العشرية كرست مفهوم حكم الفرد الواحد في أكبر تجلياته فكان هذا الرأس هو الآمر بالصرف و التحصيل و التجميع فكان أسطورة ’يطعم من جوع’ وأهم من الماء والكهرباء لكن التحقيق البرلماني المتميز أثبت بالأرقام أن منهجا و نظاما من التلصص و النهب والسرقة كرستها عشرية الغبن و التخويف و التهميش, لا أريد أن أستبق التحقيق الذي بدء بالفعل مع أبطال اتقافية حاويات ميناء نواكشوط المستقلة  , التي دافع عنها وزراء النظام السابق بعتبارها سابقة في العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص متغاضين عن قصد أو عن غيره , عن السلبيات الكثيرة والامتيازات التي حرمت منها الدولة ضف إلي ذالك الإعفاءات الضريبية الفاحشة.

إن القطيعة مع الماضي  التسييري المرعب والمجحف, يقتضي فعلا تدقيقا و محاسبة, تأخذ فيها السلطات التشريعية والقضائية أدوارها الطبيعية , لتكريس دولة القانون التي ابتعدنا عنها كثيرا في ظل عشرية الظلام.

من كان يصدق أننا أمام فرصة حقيقية –إن صدقت النوايا وتوفرت الشفافية في التحقيق و ترك للقضاء استقلاليته في الملف – فرصة لنكون دولة قانون في ظل حكم جديد أظهر حتى الآن إرادة للإصلاح من خلال هذا التحقيق البرلماني و ما تلاه من احترام تخصص كل سلطة, لكننا أمام محك من نوع أخر فهل القضاء قادر علي استدعاء كل من شملهم التحقيق البرلماني , و هل الخيوط التي أوردتها للجنة البرلمانية كافية بما فيه الكفاية.

ينتظر الشارع الموريتاني سنة ثانية جديدة من حكم غزواني بكثير من الأمل ولّده التعاطي غير المسبوق مع ملفات الفساد في العشرية المنصرمة , و لعل التعاطي مع جائحة كورونا والآثار الاقتصادية لها و كذا ملفات التشغيل و الشفافية في الولوج للوظائف السامية الذي ضرب به النظام البائد عرض الحائط, فكرّس كثيرا سياسة التعيينات علي أسس قبلية و جهوية غير مبالين بالمستوي العلمي للمعنيين.

لا يختلف اثنان أن البلد دخل مرحلة مظلمة من التخلف و الجهل والغبن بفعل عشرية التحصيل والتلصص , يُحسب للنظام القائم تعامله مع ملف الفساد الذي باشره البرلمان ويُحسب للبرلمان التصويت علي رفعه إلي وزارة العدل و يُحسب للنظام كذالك رفعه إلي الجهات القضائية المختصة , لكن المطلوب منه اليوم بإلحاح هو احترام مبدأفصل السلطات وترك القضاء الذي ننتظر منه بلاءا حسنا في هذا الملف الشائك , و إرجاع المليارات المنهوبة إلي ميزانية دولة أنهكها مسلسل التلصص الذي كرست له كل شيء .

يحق لي كمتابع وكمواطن متضرر من عشرية لم تُبق ولم تذر أن أستبشر خيرا بمكافحة الفساد و القطيعة مع الفساد بشكل حاسم , لكن الأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف  مدي جدية تلك التوجهات الحكومية بعبارة أخري ستكشف الأيام القادمة عن بوصلة التوجه الجديد لنظام الحكم , فأين نتجه فعلا هل نحن أمام قطيعة مع الفساد و حرب عليه ؟ أم أننا أمام مرحلة مخاض للدولة الموريتانية قد تتعرض للإجهاض لا قدر الله.

محمد عينين ولد احمد 

[email protected] 

 

اثنين, 10/08/2020 - 08:24