غريب ان يتصدر بلد بلا صحافة حرية الصحافة فى العالم

نعم نحن الأكثر حرية صحفية فى العالم لأننا لانملك صحافة بالمعنى التقني المهني للكلمة.. لا نملك صحفا يومية ورقية بإستثناء صحيفة حكومية يومية توزع مجانا ليلف في ورقها " الخشن"  خبز الصباح للمسؤولين الحكوميين فلا احد يقرأها أو يهتم بها.. لانملك دارا للصحافة ولا دارا للنشر. 
نسبة 15% من سكان عاصمتنا صحفيون بلا صحافة. من بين المشتغلين بالصحافة مرئية ومسموعة ومكتوبة حكومية وخاصة 1% فقط يملكون شهادات فى المجال ولديهم القدرة على ممارسة الصحافة بمفاهيمها النظرية والتطبيقية والباقى هواة دخلوا بالوساطة والمحسوبية ولا علاقة لهم بالمجال ومنهم فاشلون دراسيا 
انتهى العصر الذهبي للصحافة عندنا عام 2000
ماتت الصحف الورقية بعد ذلك وغابت نقاشاتها وملفاتها. 
صحيح أن الأنظمة المتعاقبة منذ 1978 تعمدت تغييب وقتل الصحافة لكن العقد من1990الى 2000 كان ذهبيا فظهرت فيه أقلام كبيرة وصحف محترمة وراي عام يتابع الصحافة ويتفاعل معها رغم أنها لم تكن مثالية وكان للنظام صحف ومواقع وظهرت صحافة " البشمركه" التى أهلكت حرث الصحافة ونسلها
بعد نهاية ذلك العقد انهارت الصحافة، ضربتها الحكومات وميعتها.
فى إحصائية شهيرة بلغ عدد الصحف 1200 والمواقع 355 و المشتغلين بالصحافة حوالى4000
كان واضحا أن تدمير الصحافة يهم الحكومات المتعاقبة ولذلك تم الترخيص لمئات الصحف والمواقع وكتبت "اشطارى" مرة عبارة لخصت تلك الفوضى( كل من يعرفك صحفي وكل من لاتعرفه صحفي)
بلغت الفوضى ذروتها بظهور المنصات التى هي غالبا " بشمركة رقمية" ليس إلآ. لاتحتاج خبرة ولاكفاءة فالجاهل قد يشترى هاتفا و" دبوسا" دوارة و" جيلت" تحمل اسم منصته فقط فليس مطلوبا منه ان يكتب أو يحرر أو يقابل" شيئا"
هو فقط ياخذ الصور وينجز بثا مباشرا ويأخذ " اتعابه" دون أن " يتعب" فى مهنة لصيقة بالمتاعب
مرة فى مؤتمر "صحفي" كان هناك حوالي 30 متدخلا كلهم طرح سؤالا وقدم نفسه باعتباره صحفيا
ليس من بينهم أي " صحفي" معروف، إنه جيل"منصي" جديد لايعرفه منا أحد 
حتى فى مؤتمر الناطق باسم الحكومة لا ترى وجها صحفيا معروفا إذاتجاوزت مندوبى الإعلام الرسمي فعلى الأقل يظهرون على الشاشة أو يقدمون نشرات اذاعية أو يكتبون على صفحات بيضة ديك اليوميات" الشعب"
تصنيف مراسلون بلاحدود صحيح وليس مزورا مع انها تملك اذرعة فى خلايا الإعلام الحكومي تعرف كيف " تقنعها" بالنظر إلينا ب" عين الرضى" 
فالحقيقة اننا بلد حرية الصحافة وهي حرية عذراء إذ لا يوجد لدينا صحفي خارج العباءة لنحرمه حريته.

 
ونحن ايضا فخورون بأننا بلد " صحفيين بلا صحافة" وبأنه لامنغص لحرية "صحفي" يمدحك إذا أعطيته ويشتمك إذا منعته.

 

حبيب الله ولد احمد

كاتب صحفي

جمعة, 03/05/2024 - 13:31