العيد جائزة للصائمين وهو مناسبة فرح وسرور لكن هذا العيد يأتي واهلنا في غزة يعيشون مأساة الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بأسلحة ودعم الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التي اتفقت على سحق أطفال ونساء وشيوخ غزة.. في سياق دعمهم ل"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
يعيش أهل غزة مأساة لا طعم للعيد معها..
أكثر من ٢٥ ألف من الأيتام الذين فقدوا أباءهم وأمهاتهم وربما جميع أفراد عائلاتهم.. لا يفكر هؤلاء الأطفال في ملابس العيد ولا في الألعاب ولا في الفرح ، إنهم يفكرون في أحبتهم الذين استشهدوا ومنهم من طمرته المباني المهدمة وتحول إلى أشلاء ومنهم من تحول إلى طعام تنهشه الكلاب والقطط..
يمر العيد في غزة والآلاف من أبنائها وأبناء فلسطين في سجون الاحتلال يتعرضون لأقسى وابشع أنواع التعذيب بصفتهم "مقاتلين غير شرعيين" حسب توصيف جيش الاحتلال، يقضون وقتهم في العراء، في الحر أو في البرد، وأياديهم مكبلة وأعينهم معصوبة دون اكل او شرب أو علاج وحتى دون السماح لهم بقضاء حاجة الإنسان الطبيعية.. فيموت منهم من يموت تحت التعذيب ليتحول إلى مجرد رقم في مقابر الأرقام عند جيش الاحتلال.
يمر العيد وعشرات الأطفال والنساء والمصابين يموتون دون علاج لأن المعبر مغلق أمامهم فلا يسمح لهم بالخروج للعلاج ولا توجد وسائل لعلاجهم بعد أن دمر الجيش "الأكثر أخلاقية في العالم" كل مؤسسات الخدمات الصحية في القطاع.. وقتل واعتقل عددا كبيرا من الأطباء والكادر الطبي.
يأتي العيد واهل غزة يأكلون علف الحيوانات وأوراق الشجر، إن وجدت، أو يموتون وهم يحاولون الحصول على المساعدات التي ترمى عليهم من السماء فتزيد مآسيهم بدل تخفيفها..
يأتي العيد وقد دمرت معظم البيوت في غزة ودمرت معها كل الذكريات الجميلة لسكان القطاع..
ويأتي العيد وأهل غزة يجمعون أشلاء أحبائهم الذين قتلهم جيش " الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، في مجمع الشفاء وفي خان يونس وفي جميع أنحاء القطاع..
ويأتي العيد واهل غزة يودعون أطفالا ونساء اغتالتهم قنابل الاحتلال ليلة العيد..
يأتي العيد وقد سقط من أهل غزة ما يمثل نسبة 5% من السكان بين شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض..
يأتي العيد وأهل الضفة يعيشون المأساة ذاتها: اغتيالات واعتقلات لا تتوقف ..
يخرج الناس اليوم فرحين بالعيد ويخرج أهل غزة ليدفنوا جثامين الشهداء أو ما تبقى من أشلائهم..
يخرج الناس لأداء صلاة العيد ويخرج أهل غزة للصلاة على الجنائز..
يأتي العيد على أهل غزة وهم بين يتيم فقد الأب والأم أو ارملة فقدت الإبن والزوج والأخ أو أب فقد الزوجة والأبناء..
يأتي العيد وعدد كبير من أسر القطاع مسحت بالكامل من سجل الحالة المدنية..
يأتي العيد وأهل غزة ينتظرون الشهادة في كل لحظة إما بصاروخ أو قنبلة او تحت التعذيب في سجون الاحتلال أو بسبب إنزال للمساعدات يقتل ولا يحيي..
يأتي العيد وأهل غزة يسألون العالم : متى ينتهي هذا العذاب وهذا الدمار؟
يأتي العيد وأهل غزة ينتظرون من العالم أن ينهي مأساتهم فلا يجدون سوى بعض التعاطف اللفظي الذي لا يتبعه عمل ملموس..
يأتي العيد والعالم كله أو معظمه يشارك في مأساة أهل غزة فعلا أو تركا.. والترك فعل..
يأتي العيد والولايات المتحدة وألمانيا ودول غربية أخرى تستمر بنشاط في شحن القنابل والصواريخ لإبادة من بقي حيا من أطفال غزة..
اللهم فرج عن أهلنا في غزة وفي فلسطين..
اللهم انصر من نصرهم واخذل من خذلهم..
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء
رب اغفر لي ولوالدي ولوالديهم ولجميع المسلمين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..