أدرك أن هناك قوانين تنظيمية يجب علينا جميعنا أن نتبعها وأن نتقيد بها فهذا هو ما يجعلنا نشعر بأننا نعيش في دولة تمتلك أدوات الحداثة المطلوبة من قوانين وتشريعات تنظم بها حياتنا وتجعلنا نؤمن بأننا ضمن دائرة حماية تشعرنا بالأمان والإكتفاء .
ولكن ماذا لو كان من يضعون هذه القوانين والنظم قادرون دائما على تغييرها وتمييعها وبارعون في وضع المتاريس والحواجز حتى تجول في أذهاننا فكرة أن علاقتنا بذوي الأمر سوف تكون دائما وأبداً عبر شاشات التلفزيون والبيانات الرسمية ولا يمكننا في مرحلة ما إلى أن نتخيلهم مثل مركبة الفضاء أبولو ووصول الإنسان إلى سطح القمر فالبعض منا يقول بأنهم حقيقة والبعض الآخر يملك أدلة على أنهم مجرد نشرات أخبار وبيانات رسمية.
كنت قد قررت قبل أيام أن أودع رسالة في البريد السريع تتضمن طلباً بدقائق من وقت فخامة رئيس الجمهورية بينت في الرسالة أسباب طلب اللقاء وما أعتقد بأنه يستحق أن أمنح به دقائق من وقت فخامته ويتملكني الأمل بأن المستشار المكلف بتلقي هذه الرسائل ربما سوف يقوم بفتح هذه الرسالة وبقرائتها بشكل جدي وبفهم عميق وربما تقنعه رسالتي فتصل إلى فخامة رئيس الجمهورية !، وكم خشيت أن يكون مجرد مستشار آخر تسللت ذات الفكرة إلى رأسه وبدأ يقيس الأمور بميزان الربوحات السياسية والمصالح من هذا اللقاء فالسؤال الأكثر كارثية في زمننا هذا هو ماذا سوف يستفيد الرئيس من هذا اللقاء ؟! بينما كان يجب أن يكون السؤال ماذا سوف يستفيد المواطن من هذا اللقاء ؟.
على كل حال قاطع موظف البريد الطيب كل هذا التفكير حينما أخبرني بكل هدوء بأنهم لم يعودوا يستقبلون الرسائل الموجهة إلى رئاسة الجمهورية .. ابتسمت وأنا أفكر بأن المستشار المكلف بتلقي الرسائل لم يعد في حاجة أن يطرح أي سؤال وربما من إيجابيات هذا القرار أن سلة مهملاته سوف تستريح من رسائل التظلم وأساطير المواطنين البسطاء التي خطوها على ألواح الأمل.
سيدي الرئيس هذه لافتة من أمام القصر الرئاسي بدون رسائل بعد أن توقف البريد بيننا وبدون مستشارين وبدون رتوش ووساطات لا أملكها لافتة تقول بأني كمواطنة موريتانية أرغب في دقائق من وقت رئيس الجمهورية .