تتناول العديد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي موضوع الإعلان المشترك بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والاتحاد الأوروبي حول العديد من القضايا والتي من ضمنها موضوع الهجرة غير الشرعية ويلاحظ أن هناك تصورا وانطباعا سائدا لدى غالبية هؤلاء مفاده أن بنود الإعلان تتضمن التزام موريتانيا باستقبال وايواء المهاجرين غير الشرعيين المرحلين من أوروبا.
وكغيري من المهتمين حاولت جهدي ان استكشف فصول هذا الإعلان ومواده من مصادر مختلفة وقد خرجت بما يلي:
اولا: ستتمكن موريتانيا من الاستفادة من تمويلات كبيرة تتجاوز 200 مليار اوقية قديمة وستساهم في تعزيز قدرات قواتنا الأمنية وحرس الحدود والجمارك والرقابة البحرية وضبط الحدود وقيام مشاريع اقتصادية مهمة وهي مصلحة موريتانية صرفة. ثم ان موريتانيا دولة ذات مصداقية تسعى إلى بناء شراكات طويلة الامد واستراتيجية وليست دولة ابتزاز كما يحلو للبعض ان تكون على عكس دول أخرى تقوم علاقتها على منطق الابتزاز والتهديد بفتح المعابر للمهاجرين لاستدرار الدعم والتمويل. فموريتانيا دولة مسؤولة أمام العالم وعليها التزامات مهمة من اهمها ضبط حدودها وعدم السماح بعبور اراضيها الا بطرق قانونية تحمي حياة المهاجر وتضمن سلامته. كما ستتمتع موريتانيا بموجب الإعلان المشترك بامتيازات خاصة في مجال تشجيع الحركة البينية في مجال التجارة والتعليم وتسهيل الحصول على التأشيرة.
ثانيا: لا جديد في موضوع اللاجئين في موريتانيا فالمعلوم ان موريتانيا تستقبل آلاف اللاجئين من بعض الدول الشقيقة منذ فترة وستظل كذلك مادامت الظروف الأمنية والسياسية لتلك الدول غير مستقرة ولا مفر من ذلك حدث هذا قبل الحديث عن الاعلان المشترك بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي ولا جديد بخصوصه وهي مسؤولية يمليها الواجب وتفرضها كل الشرائع والملل والمواثيق الدولية وموريتانيا دولة مسؤولة عن كل التزاماتها وتقوم بها على احسن وجه.
ثالثا: في موضوع الهجرة الشرعية موريتانيا تربطها علاقات قوية مع العديد من الدول وقد ظلت مفتوحة امام الهجرات من مختلف دول العالم وفق القوانين والنظم الدولية والاتفاقيات الاممية الخاصة بموضوع المهاجرين حدث هذا قبل الحديث عن الاعلان المشترك بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي وسيستمر انطلاقا من مسؤولية للدولة الموريتانية اولا تجاه كل ما يلزم لإحترام المهاجر وتمكينه من الحصول على حقوقه التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية ووقعت عليها موريتانيا. وثانيا مسؤوليتها تجاه مواطنيها وجالياتها التي تنتشر في العديد من دول العالم وتسعى الى ان تعامل بتقدير وتستفيد من ما يمنحه القانون الدولي والاتفاقيات ذات الصلة.
رابعا: موضوع الهجرة غير الشرعية مشكلة عالمية وتحدي أمام اكثر الدول قوة وأمنا بحكم الاضطرابات الأمنية والسياسية والكوارث البيئية التي عرفتها بعض الدول ولا يمكن لدولة بمفردها مواجهته ولا الحد منه الا من خلال تعاون دولي قوي ومنسق يحترم انسانية المهاجر ويخدم مصالح الدول المعنية
ومشاهد أمواج الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لا تزال ماثلة أمام الجميع والتي عجزت كل المحاولات عن كبحها فلا الحواجز ولا الجدران الحديدية استطاعت إيقاف هذه الأمواج وما قامت به موريتانيا في إطار الإعلان المشترك مع الإتحاد الأوروبي هو توجه بالغ الأهمية يخدم مصلحة الوطن وأمنه واستقراره يقوم على الشراكة والتعاون وتشكيل لجان الاستجابة للمخاطر التي قد تتعرض لها الدول المعنية ، فلا يوجد أي بند يشير إلى التزام موريتانيا باستقبال وايواء المهاجرين غير الشرعيين المرحلين من أوروبا بل بالعكس رفضت الدولة اي نقاش لهذا الموضوع معتبرة أن مسالة المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى أوروبا مسألة بين اوروبا ودول المصدر وموريتانيا ليست معنية بنقاشها.
خامسا: الإعلان المشترك بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي انتصار دبلوماسي غير مسبوق لموريتانيا ومستوى من الشراكة لا يناله إلا ذو حظ عظيم وهو أيضا نجاح كبير لرؤية موريتانيا في التعاطي مع مجموعة من المسائل الشائكة بينها والاتحاد الأوروبي واعتراف من الاتحاد الأوروبي بدور ومكانة موريتانيا، ينضاف الى النجاحات الدبلوماسية المهمة وعلى رأسها رئاسة الاتحاد الأفريقي.
سادسا: الرؤية الموريتانية لموضوع الهجرة واضحة ولا تحتاج لكبير عناء لفهمها وتقوم على ان الدولة الموريتانية مسؤولة عن ضبط حدودها وامنها والسيطرة على معابرها ومنع اي تسلل مهما كان بطرق غير قانونية وستعمل على تحقيق ذلك بكل ما أوتيت من قوة دون أن يمنعها ذلك ابلاغ الشركاء الأوروبيين حاجتها في المساعدة لتعزيز أمنها وقواتها وضبط حركة المهاجرين. وهو ما استجاب له الأوروبيون من خلال الإعلان المشترك.
اما المهاجرين غير الشرعيين الذين تمكنوا من دخول الأراضي الأوروبية فالدولة الموريتانية ليست معنية بهم لا استقبالا ولا ايواء ولا عبورا.
بالمحصلة الإعلان المشترك هو تتويج لمسار من النجاحات الديبلوماسية والشركات الاقتصادية بدأ منذ تولي فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني السلطة ويستمر في ظل تعزيز حضور الدولة الموريتانية في المحافل الدولية .