..فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ (عزيز)..!!

حتى صبيحة ظهور الرئيس السابق في مقر الحزب الحاكم 20 نوفمبر 2019 كانت الأمور طبيعية.. الأغلبية تلتف حول رئيسها ولد الغزواني والأمل يحدوها في استمرار النهج، بتعزيز ما هو موجود من مكاسب، وتصحيح الأخطاء، وسد الثغرات.. المعارضة تراقب بوصلة ساكن القصر الجديد الذي بعث لها رسائل ود، كانت ضرورية لأي حاكم جديد لترتيب أوراقه بهدوء. 

 

***

فجأة حدث ما لم يكن متوقعا، فقد ركب البعض موجة "أزمة المرجعية" لدق الإسفين بين الرئيس وسلفه، وتدفق سيل من البيانات الصحفية، في ظاهره كان تشبثا بالمرجعية- غير المطروحة أصلا- وفي باطنه كان التبرؤ من الرئيس السابق، في حملة بلغت ذروتها بتجنيد العوام والهوام، حتى لجأت للاستعانة بقسم الحزب الحاكم في جكني، وعمد لبراكنه، والنواب السابقين، وكل مندرس ومفلس.

 

***

كانت الفرصة سانحة لضعاف النفوس من المعارضة، فالتحقوا بالجوقة مبكرا، يقول الإخواني ولد الحاج الشيخ إن "الفرصة مواتية للالتفاف حول النظام القائم، للوقوف في وجه المتربصين بالوطن".. بلغت المهزلة أوجها، بالدعوة للتحقيق في "فساد الشعرية" واتهام الرئيس السابق بالتحايل على الكهرباء، وتسريب فواتير تحمل أختام الشركة، في مسعى لقتل الصورة النمطية عن الرجل في أذهان الرأي العام الوطني.

 

***

في هذا الخضم ظهر مولود هجين، يدعى لجنة التحقيق البرلمانية، تتعثر في مسار كله ألغام، بررت في برقية لها استدعاءها للرئيس السابق بما يلي: "خلال الجلسات التي عقدتها اللجنة تم ذكركم بالاسم بصفة مباشرة في وقائع وأفعال يحتمل أن تشكل مساسا خطيرا بالدستور وبقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية" وهي جملة أقرب إلى أحاديث السوق وصالونات التجميل وولائم العقيقة، لا ينبني عليها اتهام، ولا تُحيل إلى آخر، ربما هي تصفية حسابات شخصية، وثأر متأخر لمعارضة عجزت طيلة 10 سنوات عن الانتصار لنفسها بالطرق المتاحة.

***

محمد ولد عبد العزيز الرئيس السابق ليس سلطة موازية، ولا يمكنه أن يكون، وإذا أراد سنكون أول من يغلق الباب في وجهه، ولو رغب في البقاء رئيسا لسعى لها سعيها بتغيير الدستور تحت ضغط النواب والحجاب، والشيوخ والمشايخ ورجال السياسة والغارمين، كما أنه ليس بديلا للمعارضة كما يسعى البعض لتصويره اليوم، فقد غادر السلطة طواعية، وسلم زمام البلد إلى من يرى فيه الأهلية لإكمال المشوار، كفاءة، ونظافة كف، قبل أن ينفجر الخلاف حول "تسيير الحزب الحاكم".

 ***

الذي لا خلاف عليه، أن البلد مشغول بالحرب على "كورونا"، وتحديات الإرهاب والبطالة والصحة والتعليم، مما يتطلب تكاتف الجهود ورص الصفوف، خلف القيادة السياسية، في معركة البقاء أولا، والتنمية ثانيا.. ومن شبه المؤكد أن الانشغال بالمعارك الجانبية وتأجيج الصراعات، وحتى اعتقال وسجن الرئيس السابق، لن يخدم هذه المعركة، وليس فيه منتصر أو مهزوم حتى ولو طال به الأمد.

 

***

 

أوقفوا مهزلة لجنة التحقيق البرلمانية، وانزلوا الناس منازلهم، فولد عبد العزيز كرئيس سابق خدم هذه الأرض الجرداء عشر سنين، مكانه الطبيعي هو منصات التتويج، وحفلات التكريم، ومثله لم يُخلق لجلسات المساءلة وغرف التحقيق، ومن حقه علينا جميعا أن نصون كرامته ونحفظ له كبرياءه.. وإذا لم يكن بمقدوركم وقف كل هذا العبث، فخُذُوا أحَدَنا مكانَه.. رجاء.. 

 

***

ختاما.. مع شهادة للتاريخ من شاهد عدل، واكب مراحل مهمة من تاريخ البلد.. شهادة تضمنها فقرة موجزة من خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوم تنصيبه رئيسا لموريتانيا، نسوقها هنا لمن يهمهم الأمر من أعضاء اللجنة البرلمانية، إن لم تساعدهم في مسار التحقيق، فللاستئناس بها عند الضرورة، على أن يقرروا لاحقا في أي من كفتي الميزان سيضعونها..

 

***

"..إن السياق التاريخي لهذه اللحظة يستوجب مني أن أسجل نيابة عن الشعب الموريتاني وأصالة عن نفسي شهادة للتاريخ في حق أخي وصديقي فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي ستحفظ له الذاكرة الجمعية الوطنية ما حقق للبلاد من انجازات تنموية شاهدة ومن مكاسب سياسية وديمقراطية رائدة، فقد شكلت بحق فترة قيادته لبلدنا نقلة نوعية في معركة النماء والاستقرار بالنظر إلى ما حقق فيها من انجازات بنيوية عملاقة وما اختتمها به من احترام للدستور وعبور بوطننا الغالي إلى بر الأمان، فله منا جميعا التهنئة الخالصة والشكر المستحق.."

 

سيدى محمد ولد ابه

[email protected]

أربعاء, 08/07/2020 - 00:02