عاد النقاش حول مستقبل الإدارة الموريتانية مع استفادة بعض القادة والأطر لحقهم في التقاعد بعد زيادة 3 سنوات التي تقررت عام 2020.
ولاشك أن بلادنا تحتاج منذ مدة لتغييرات هيكلية على المستويين الإداري والسياسي بما يتلاءم مع تطلعات الشعب والتطورات الحاصلة في المجال التقني لاستغلال الإيجابيات الكثيرة التي يتيحها هذا المجال من سرعة ودقة وأمان، ولتفادي المخاطر الإدارية المتحققة لا محالة في حالة العمل البحت بأساليب ونظم إدارية وسياسية اكلاسيكية كانت مناسبة لعصرها، لكنها تحتاج اليوم لتطوير دائم، وقد اتضح ذلك أكثر من مرة في عدم الانضباط المهني وبعض المسلكيات غير المناسبة.
وإذا نظرنا لهذا المشكل من زاوية الموارد البشرية فهو نتاج طبيعي لغياب التكامل الإداري والسياسي بين الأجيال الوطنية، التي تسعى الأيادي المعيقة لتنمية هذا البلد لخلق صراع وهمي يشتت جهودها.
لذا فإن الواجب الوطني اليوم يقتضي من نظامنا العمل المكثف على مواجهة هذه الفكرة الهدامة برعاية رسمية لخطة وطنية في هذا الصدد لتجسيد فكرة التكامل على الوجه الذي يسمح لنا بتجاوز التحدي المستقبلي الملغوم إذا استسلمنا لعبثية صراع الأجيال حتى نستيقظ - لاسمح الله - على فراغ إداري وسياسي قاتل.
ومن أجل الاستغلال الأمثل لطاقات وإبداعات الجيل الجديد والاستفادة من خبرات وتجارب الجيل القديم لابد من خلق الظروف المناسبة لذلك وهنا يمكن تقديم بعض المقترحات العملية القادرة على خلق نتائج مبهرة على الصعيدين الإداري والسياسي في سنوات قليلة.
وسنركز فقط على النقاط التالية:
* التكامل بين الأجيال في المجال الإداري
لخلق تكامل مثمر على المستوى الإداري ينبغي التركيز على اعتماد بنية إدارية تسمح بوجود وظائف تكوينية مع مسؤوليات محدودة كالإدارات المساعدة في القطاعات الوزارية والمؤسسات الحكومية الكبرى وتخصيصها لفئة الشباب، حيث سيشكل ذلك فرصة عملية لاكتساب الخبرة اللازمة من أجل الاستعداد التام لتحمل المسؤوليات الوطنية في المستقبل، بالإضافة لإنشاء أكاديمية إدارية لتكوين وتأطير الكادر الشبابي خصوصا الذين يتم اكتتابهم دون المرور بالمدرسة الوطنية للإدارة.
* التكامل بين الأجيال في المجال السياسي
وفي هذا الإطار تتأكد المسئولية أكثر نظرا لهيمنة العمل السياسي على الحياة العامة في البلد، وهو ما يعطي عملية التكامل بين الأجيال بعدا ساتيراتجيا لتكوين جيل سياسي واع بواقعه المحلي والقضايا الإقليمية والدولية الحساسة خصوصا التي لها ارتباطات بأمننا واستقرارنا ودورنا في المنطقة.
ولتحقيق هذا التكامل بشكل فعال ينبغي منح قيادات المنظمات والهيئات السياسية الشبابية المسئوليات اللازمة واشراكها بشكل دائم في الحوارات والنقاشات المغلقة حول القضايا الوطنية الكبرى.
كما يجب العمل على جعل الشباب السياسي في الظروف المناسبة لتطوير تأثيره السياسي خصوصا على مستوى الداخل في البلديات الريفية للاستفادة من طاقاته وطموحاته لخلق تنمية محلية شاملة، بالإضافة لجعل "سن الكوتا الانتخابية" للشباب من 25 - 45 حيث سيسمح ذلك بدخول نخبة شبابية ناضجة للبرلمان من أجل الإطلاع عن قرب على القوانين المنظمة لتسيير الموارد الوطنية وآليات الرقابة التشريعية من أجل حكامة رشيدة.
أحمدو ولد محمد فال ولد أبيه
مستشار بجهة الحوض الغربي عن حزب الإنصاف