لا أبالغ إن قلتٌ بأن الدائرة المغطاة بالحديد الصلب والموجودة وسط "كارفور تنسويلم" قد أصبحت تشكل بالفعل "مصيدة" حقيقية لسالكي ذلك الطريق، وقد أصبح من الصعب جدا أن تمر ليلة دون أن يقع في شباك تلك "المصيدة" ضحية واحدة أو أكثر.
نعم ، لقد أصبحت هذه الدائرة الحديدية تشكل "مصيدة" حقيقية للسيارات، وذلك بعد أن أصبحت سوداء كالليل البهيم، بفعل ما انسكب عليها من زيوت محركات السيارات التي اصطدمت بها. سوادها أصبح يحول دون رؤيتها ليلا، خاصة وأنها توجد في وسط ملتقى طرق قليل الإضاءة.
ونظرا لخطورة تلك الدائرة فقد قررنا في حملة "معا للحد من حوادث السير" أن نفعل شيئا ما للحد من مخاطرها، وللتقليل من عدد ضحاياها، ولذا فقد قمنا بإعادة صباغتها باللون الأحمر والأبيض حتى تسهل رؤيتها ليلا، الشيء الذي سيقلل ـ وبلا شك ـ من احتمالات الاصطدام بها.
لقد استمعنا خلال عملية الصباغة، والتي استمر لساعتين، للكثير من الآراء والتعليقات، وكان من الصعب جدا أن يمر سائق إلا وعلق، ويمكن إجمال التعليقات في النقاط التالية:
1 ـ يتفق جميع السائقين وسالكي الطريق على خطورة هذه الدائرة الحديدية، ويجمعون على أنها تسببت في الكثير من حوادث السير، البعض تحدث بشكل متشنج، وهناك من تحدث عن متوسط يزيد على عملية اصطدام واحدة كل ليلة.
2ـ ترى غالبية السائقين بأن الحل يكمن في سحب الدائرة الحديدية بشكل نهائي، وترى نسبة أخرى منهم بأن الحل يكمن زيادة ارتفاع الدائرة أو وضع عمود حديد عاكس للضوء فوقها حتى تتسنى رؤيتها من بعد..تعاملنا مع أصحاب هذا الرأي بشكل إيجابي، فوضعنا لبنتين مصبوغتين كحل مؤقت لزيادة ارتفاع الدائرة، وذلك في انتظار إيجاد حل أكثر ديمومة.
3 ـ هناك بعض الآراء القليلة التي تعتبر بأن الدائرة الحديدية "مسكونة" بالشياطين، وبأن عمليات الاصطدام بها لن تتوقف أبدا.
4ـ هناك طائفة من الآراء يُحَمل أصحابها المسؤولية فيما يحصل من اصطدامات متكررة للسائقين، ويقول أصحاب هذا الرأي بأن المتهورين من السائقين هم الذين يصطدمون عادة بالدائرة الحديدية، ولن ينجيهم من الاصطدام بالدائرة الحديدية عملية الطلاء التي قمنا بها. أحد هؤلاء نصحنا باستيراد "أعين مبصرة" للسائقين، لأن ذلك هو ما سيمكن من التقليل من حوادث السير.
مهما يكن من أمر، وبغض النظر عن تباين الآراء، ومع الاعتراف بأن تهور بعض السائقين قد يزيد من خطورة هذه الدائرة الحديدية، إلا أن كل ذلك لن يقلل من أهمية إعادة صباغة "الدائرة المصيدة" ، وذلك في انتظار إيجاد حل نهائي يحد من خطورتها.
إن اعترافنا بتهور السائقين هو الذي قادنا ـ أكثر من أي شيء آخر ـ إلى إعادة صباغة هذه الدائرة الحديدية، فليس من المسؤولية، ولا من الحكمة أن تترك هذه الدائرة "المصيدة" سوداء مظلمة كالليل البهيم، وسط ملتقى طرق ضعيف الإنارة، ويمر به يوميا السائقون الأكثر تهورا ورعونة.
تلقينا خلال هذا النشاط ـ وكما جرت بذلك العادة ـ الكثير من التشجيع، وتلقينا أيضا بعض الآراء المثبطة، وللرد على المثبطين أتقدم بملاحظتين سريعتين أختم بهما هذا المقال:
الملاحظة الأولى : إن ما نقوم به من أنشطة من قبيل : ترميم حفرة أو إعادة صباغة دائرة عند ملتقى الطرق، إن كل ذلك نعتبره مجرد أنشطة رمزية للفت انتباه السلطات المعنية على واقع الطرق، وعلى بعض النقاط الخطرة الموجودة على هذه الطرق، والتي تستحق بالفعل تدخلا عاجلا.
الملاحظة الثانية : عندما رممنا حفرة لأول مرة على طريق "الأمل" عند الكلم 29 في العام 2016 سمعنا الكثير من التثبيط، وسمعنا من يتساءل عن أي فائدة ترجى من وضع بعض الاسمنت المبلل بالماء، والذي سيختفي بعد ساعة أو ساعتين؟ بعد عام زرنا نفس الحفرة ووجدناها ما تزال متماسكة، وكان ذلك من أجل أن نثبت للمثبطين بأن تلك الحفرة كان قد تم ترميميها وفق مقاييس علمية، وبإشراف مهندس متخصص، وبأن مرور الشاحنات ولعام كامل من فوقها لم يؤثر على تماسكها.
خلاصة القول بأن ما نقوم به في الحملة من ردم للحفر أو من إصلاح لملتقيات الطرق هو مجرد أنشطة رمزية للفت انتباه السلطات المعنية على واقع الطرق، ولكن رمزية تلك الأنشطة لن تكون مبررا لعدم إتقان ما نقوم به من عمليات إصلاح لملتقى طرق هنا أو لردم حفرة هناك.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل