منذ نشأة فيروس كورونا أخذت التحديات الاقتصادية تتبلور في مواجهة هذه الجائحة التي تتطلب تقليص ساعات العمل و فرض قيود كبيرة علي التجول و الحركة ما يضر الاقتصاديات في الصميم.
هنا في هذه الأسطر أحاول تسليط الضوء علي بعض التأثيرات الاقتصادية في عهد كورونا و ارتباطها المباشر بالتأثيرات الصحية الناجمة عن الوباء.
من الوهلة الأولي لانتشار الوباء بدأت المخاوف تتسلل نتيجة انكماش اقتصادي لعله الأصعب بعد أزمة العالم الاقتصادية 1929 ،ما يجعل المتشائمين يرجحون نظرية استمرار كورونا سنة أو أكثر ما قد ينتج عنه انهيار تام للاقتصاد العالمي ،و لأن هذه النظرية واردة جدا حتى يُتوصل إلي لقاح فعال ،هذه النظرية تضيف أعباءا جديدة علي المنظومة الاقتصادية للدول النامية ،التي تعمد علي تحويلات العمالية الوطنية في الخارج من جهة ،ما يدعم علي الأقل حركة الدورة الاقتصادية .
لعل أهم خسائر اقتصادية حتى الآن تتمثل في الخسائر اليومية الناجمة عن إلغاء النقل بشقيه الجوي و البريّ،وإن كانت الدورة الاقتصادية العالمية أشد تأثر بتعليق الرحلات الجوية في للعالم ما يكبد الشركات العالمية خسائر يومية بالمليارات ،ناهيك عن قطاعات الخدمات الذي كان يستفيد من فتات هذا القطاع الحيوي.
قطاعات أخري اقتصادية ضربتها جائحة كورونا و لن تتعافي قريبا حسب ما هو واضح لعل قطاع السياحة من أشد القطاعات الحيوية خاصة أنه يسهم بعوائد كبيرة علي اقتصاديات دوله التي تعتمد عليه والتي رسمت ميزانياتها لهذا العام و اعتمدت علي المداخيل السياحية فيها ،ما يجعلها تحتاج إلي دعم مكثف -السياحة-لتقليص خسائرها علي الأقل.
في عالمنا الإسلامي لا يزال أكثر من مليار من البشر يتساءل عن مصير فريضة الحج التي لم يعد يفصلنا عنها إلي أقل من شهرين ،ونظرا لتوقف النقل الجوي العالمي ،و الهلع الذي يجتاح العالم بسبب سرعة العدوى ترجح أن يتم إلغائه في ظل موجة الوباء التي تضرب بلاد الحرمين ،ما يزيد معانات الاقتصاد السعودي بعد لعبة تهاوي أسعار النفط الذي شهدت أدني سعر في تاريخها علي الإطلاق.
يفسر أهل الاقتصاد ذالك ليس فقط بما هو بديهي من أن دول أوبك و روسيا تتنافسان علي السوق العالمية ،بل أبعد من ذالك أن الولايات المتحدة تحاول تدمير هذه الاقتصاديات النفطية و بالتالي تغيير الموازين الاقتصادية التي كان النفط يلعب دورا أساسيا في الظفر بمقعد منها.
قطاعات الصناعة هي الأخرى تهاوت بسبب الحجر الصحي و شلل الاقتصاد العالمي نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطن الذي يقضي وقته في الحجر الصحي .
عندما نتحدث عن المنظومة الصحية فإننا نتحدث عن قطاع خدماتي موجه للمرضي أساسا و مستهلك للدعم علي الأقل في هذه الجائحة من خلال الإنفاق علي التحاليل الطبية و كذا علي توفير العلاجات و الحماية ،لقد تضاعف الإنفاق علي القطاع الصحي ما جعل العالم يفكر بشكل جدي في زيادة الاستثمار في المنظومة الصحية لتكون قادرة علي امتصاص صدمات كهذه مستقبلا و خاصة مع احتمال استمرارها أشهرا أو أعواما قادمة فالفيروس حسب الكثيرين باق معنا لفترة.
طرحت جائحة كورونا الكثير من علامات الاستفهام علي مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل موجة ركود أو كساد عالمية ما يجعل تأثيراتها علي المدى القريب كبيرة جدا في ظل استمرار الجائحة من جهة، ومع اتساع إنتشارهامن جهة أخري.
يبقي السؤال المطروح اليوم أكثر من أي وقت مضي ،هل يمكن للمنظومة الاقتصادية العالمية امتصاص صدمة جائحة كورنا والنهوض بالعالم من جديد؟