وهكذا بينما يحتد الجدل في النيجر بسبب انقلاب الحرس على المحروس من أجل السلطة (أيذكركم ذلك بشيء؟!), أطاح الحرس الرئاسي في الغابون اليوم برئيسهم العتيد, بمجرد تلقيه نتائج الانتخابات, التي فاز فيها طبعا!
العامل المشترك بين الانقلابين هو أن فرنسا لم تُشر ولم تُستَشَر فيهما, وبالتالي فهي غير راضية عنهما. ولأنها كذلك, تتظاهر فرنسا بالدفاع عن ما تسميه الديمقراطية والشرعية.
وليست الغرابة هنا بسبب الشك في ديمقراطية وشرعية الأنظمة المطاح بها; بل الغرابة كلها في مشاعر فرنسا "النبيلة" تجاه مستعمراتها السابقة التي سامتها سوء الاستعمار والاستغلال ثم منحتها استقلالا مزيفا موبوءا بالتبعية والاستلاب والاحتقار... وظلت تدبر فيها الانقلابات وتظاهر الاستبداد وتدعم حكام الديكتاتورية والفساد...
هذه إفريقيا الفرنسية: دول فاشلة وأنظمة انقلابية وحروب وتخلف وفقر مدقع رغم الثروة والبشر... وقواعد عسكرية فرنسية, وسفارات ضخمة تدير الثقافة والتعليم وتتحكم بالمجتمع المدني...!
وشعوب بلغ بها البؤس واليأس حد التصفيق والتظاهر تأييدا لأي انقلابي مغامر يسقط سلفه المتحكم, ثم تلعنه وتتظاهر تأييدا لمن يسقطه... وهكذا تدور دائرة الخراب!
والحقيقة أن الشعوب الافريقية إنما تتظاهر فرحا بالتخلص من الديكتاتور من جهة, وانسياقا لـ"طاعة القطيع" التي يفرضها الانقلابي الجديد, طلبا للشرعية والقبول في الداخل والخارج من جهة أخرى!!
مع ارتباك فرنسا أو غضبها هل حانت لحظة انكشافها... انكشاف وجود لا أساس له ولا
شرع ولا نفع...؟!
على كل حال لا خير في الانقلابات العسكرية مهما كان سببها; فهي تدمر ولا تحرر.