انمادي شعب متحصن برمال الصحراء ، وجبالها الشوامخ مفترشا صلدها الفواحم ورمالها الزاهية، مضارب خيمه بين القريتين الاكثر ذكرا في تاريخ البلاد (ولاتة وتيشيت).
ورغم كثرة مؤرخيهما فان هذه المجموعة لم يرد فيما سطروا عنها الا النزر، ولم يتحدثوا عن خصوصيتها وخصائصها الا لمما ، الفت شظف العيش والتحاف السماء ، ومراقبة حركة النجوم التي بها تهتدي وبها تستمطر، ظلت هذه المجموعة معزولة تبيع وتبتاع على " استحياء" يندر ان تزوج او تتزوج من غير افرادها.فارضة على نفسها عزلة تامة بمحض ارادتها كما يبدو.
جباة فترة الاحتلال القساة الجشعين،مع ادلتهم المهرة لم يجدوا مياسيم تهديهم الى مسالك توصلهم الى حيث يأوي "انمادي " المنزوون عن الناس، لم تغريهم نشأت دولة بني جلدتهم، فظلوا كما هم يقتاتون من صيد الجوارح المكلبة ومطاردة الهوادي.
وحدها سينو الجفاف اخرجتهم - نسبيا - من عزلتهم، فتفرقوا ايادي سبأ - في اوج سنوات الجفاف والمجاعات تلك- منهم من ابعد النجعة جنوبا حتى دخل ادغال بلاد " البمبار ا" الممطرة ، ومنهم من اختار السكن في هوامش بعض المدن والقرى، جاعلين مساحات بينهم وبين جيرانهم لتحافظ لهم على الممكن من نمط عيشهم المعهود وعاداتهم المهددة، ولتحميهم من الاندماج.
منذ فترة اصبحوا شبه منسين، جل من يتحدثون عنهم يقولون انهم اندمحوا في المجتمع. وفجأة ومع سياسية لم الشمل والوصول الى كل تجمع مهما بعد ممن يحتاج المساعدة بناء على المنهج الذي سن فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني اميط اللثام عن وجوه شابة شاخت وذبلت زهرها سراعا من مجتمع "انمادي" الذي لم يهجر اغلبه مضارب اجداده منذ ألاف السنين ، فحطت عابرات الصحراء المحملة بالمقتات اثقالها بين تلك الرمال، مشبعة بطونا غرثى وملحفة اجساما نحلا كانت منسية دهر الدهارير .
فارتسمت ابسامات على شفاه شواحب، وشوهدت عبر الشاشات نظرات امل في عيون اطفال رضع وامهات باد الحزن على مأقيهن، وشيب مستبشرين وعجائز فرحات مرددات اهازيز من عمق ماساتهن العميقة.
صادحات بانهن مع هذا العهد استفدن الكثير والكثير، يقولون انهم " ياتون الينا في هذه المناطق النائية موزعين مستلزمات الحياة الكريمة، اننا اصبحنا نشعر بوجود من يفكر فينا"