أدى اغتيال مرشح رئاسي إكوادوري بارز في تجمع حاشد، إلى إغراق البلاد في أزمة سياسية وأمنية، وذلك وسط مخاوف من حدوث طوفان من الفوضى في ظل انتشار نفوذ عصابات المخدرات، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" اللندنية.
ففي أعقاب اغتيال المرشح، فرناندو فيلافيسينسيو، لفتت عناوين الصحف العالمية الانتباه إلى نمط من العنف السياسي يذكر بحقبة الثمانينيات في كولومبيا، مما يؤكد فقدان الإكوادور لسمعتها كـ"واحة سلام" في قارة عنيفة.
وفي هذا الصدد، قال أنخل ميرتشانو، الذي يعمل حارس أمن في العاصمة، كيتو: "إننا نعيش ما عاشه الكولومبيون في الثمانينيات مع (إمبراطور المخدارت) بابلو إسكوبار".
وتابع: "الشرطة والجيش بحاجة إلى تسليح أفضل. لقد تفوق عليهما أباطرة المخدرات".
وجاء مقتل فيلافيسينسيو، بعد أن خاض حملته تحت شعار مكافحة الفساد، وذلك في الوقت الذي ترزخ فيه تلك الدولة الواقعة في جبال الأنديز تحت وطأة تصاعد كبير في أعمال العنف التي تغذيها المخدرات، والتي بدأت بمذابح في السجون المكتظة قبل أن تنتشر في الشوارع.
وفي التجمع الانتخابي الذي سبق اغتياله، تعهد فيلافيسينسيو بكتابة "تاريخ مكافحة الفساد والمافيا"، مردفا: "هنا لا شيء مجاني. هذه الديمقراطية كلفتنا حياتنا. لقد كلفنا الدفاع عن الوطن أرواحنا".
وقالت الشرطة إن نحو 3500 شخص قتلوا حتى الآن هذا العام، في حين شهدت السنة الماضية، الإبلاغ عن 4800 جريمة قتل، في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 18 مليونًا، أي ما يقرب من ضعف معدل العام السابق، و4 أضعاف ما كان عليه الأمر عام 2018، وفقًا لوزارة الداخلية.
وفي الشهر الماضي، جرى اغتيال شخصية عامة أخرى، هي عمدة مدينة مانتا الساحلية، وذلك أثناء تواجده في حدث عام.
وفي كيتو، الملقبة بـ"عاصمة المرتفعات"، باتت المتاجر التي اعتادت أن تظل مفتوحة لوقت متأخر تغلق أبوابها بمجرد حلول الظلام.
ويوم الخميس، بينما حضر رهط قليل الوقفات الاحتجاجية تنديدا بقتل فيلافيسينسيو، بقي السواد الأعظم من السكان في منازلهم، تاركين الشوارع مهجورة.
وهنا يقول قال أندريس فيلامارين، وهو طالب في إحدى ضواحي شمالي العاصمة: "إذا كان المرشحون للرئاسة في خطر، فماذا عن المواطنينين العاديين؟.. لقد تُركنا وحدنا لندافع عن أنفسنا".
من جانبها، أوضحت إيفا غوردون، وهي ربة منزل تقيم في العاصمة، أن العنف "يؤثر على الجميع، بشكل مباشر أو غير مباشر".
ويبدو أن العديد من الإكوادوريين ليس لديهم ثقة كبيرة في أن أي مرشح رئاسي قادر على أن يوقف تلك الفوضى، فحتى إيفا غير متأكدة لمن ستعطي صوتها، مردفة: "لسوء الحظ، لا يمكننا الوثوق بأي سياسي لأنهم خيبوا أملنا، وفي الوقت نفسه، فإن المجرمين يخيفون البلد بأسره".
وألقت الشرطة القبض على 6 من المشتبه بهم في قضية مقتل فيلافيسينسيو، بينما لقى آخر مصرعه في تبادل لإطلاق النار.
وكان قد أصيب 9 أشخاص في الهجوم الذي أودى بحياة فيلافيسينسيو، من بينهم مرشح للجمعية الوطنية واثنان من ضباط الشرطة
"الموت المتبادل"
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 20 أغسطس، حيث قالت السلطات الانتخابية إن الجدول الزمني "غير قابل للتغيير"، وذلك بعد شائعات عن ضرورة تأجيل الانتخابات.
وإذا لم يفز أي مرشح لمنصب الرئيس بأكثر من 50 في المائة من الأصوات، فستجرى جولة الإعادة في 15 أكتوبر.
وشددت أستاذة العلوم السياسية بمرصد الإصلاحات السياسية في أميركا اللاتينية، صوفيا كورديرو، إنه "لا توجد ضمانات لسلامة المرشحين أو الناخبين في الإكوادور".
وأضافت: "سيخاطر الناس بحياتهم للتصويت، فقد أظهرت الحكومة أنها غير قادرة على توفير الأمن خلال هذه الانتخابات".
وكان الرئيس المنتهية ولايته، غييرمو لاسو، هو الذي قد أعلن عن انتخابات مبكرة، وذلك بعد ما حل الكونغرس في مايو، مستخدماً بنداً دستورياً يعرف باسم "الموت المتبادل".
وكان لاسو يسعى للإفلات من الإقالة من قبل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه المعارضة آنذاك، وذلك على خلفية التحقيق بشأن العقود الممنوحة لشركة نقل النفط المملوكة للدولة "Flopec "قبل توليه منصبه.
وكانت الأزمة الأمنية في البلاد قد سيطرت بالفعل على أجواء الانتخابات، إذ وجدت استطلاعات الرأي مرارًا أن هذا هو الشغل الشاغل للناخبين.
في المقابل، يسعى أباطرة عصابات المخدرات بشكل متزايد إلى تعزيز سلطتهم في الإكوادور، حيث تعاني مدن الموانئ من أمن ضعيف نسبيًا، وصولا إلى أقصى درجات العنف، وذلك مقارنة مع كولومبيا المجاورة التي مرت بتجارب مشابهة.