هي ظاهرة مرعبة تجتاح الدنيا بأسرها وتحقق لأصحابها مبالغ طائلة رغم أن ما يقدمونه من محتوى لا قيمة له، مجرد تفاهات وسذاجات ومواقف في منتهى السماجة والسطحية، إنما تعبر عن مظاهر الضياع والتيه واختلاف الرؤى وانعدام القدوة والمثل والقيم والأخلاق.. أحدهم يعري بطنه والآخر يتراقص، دون حياء على وسائل التواصل لتحقيق المشاهدات والشهرة والمال.
هناك الكثير من هؤلاء الشباب في بلادنا للأسف، قد حققوا مكاسب مادية واجتماعية رهيبة، على حساب العلم والعمل والثقافة والقيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية... وأصاب ذلك بعض الشباب بالإحباط خصوصًا خريجي المعاهد والجامعات، ظنًا منهم أن أعمارهم ضاعت هباءً منثورا في تحصيل علم لا يجني إلا بضع أواقٍ، لا تغني ولا تسمن من جوع، فأصبح "الترند" الأشهر على مواقع ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعي -على لهجة المصريين- هو: "أنت عارف طبعًا شهادتك دي ها تعمل بيها أيه.."، لأنه رأى أن التفاهات جعلت صاحبها يستقل سيارات فارهة ونال حظوة من الدنيا! وصاحب العلم يلهث أملًا في اللحاق بـ "الوهم" ولا تخبرني أنه رزق بل قل عبث..
والأدهى والأمر، أن هذه الظاهرة أصابت الشباب بداء النفاق الاجتماعي وغيره من الأمراض النفسية التي تعتري صاحبها، وتجعله غير قادر على التعبير بكل صراحة عما في داخله، وتسلبه القدرة على مجاراة الآخرين، والتوصل لما توصلوا إليه، فتغلب عليه لعنة التلون في العلاقات، وعدم الوضوح في المواقف والمبادئ، والأحاديث لغرض الإفساد، أو الانتفاع الشخصي.
ماذا لو فقد شبابنا البوصلة؟!
لدينا أمل في أن تعود البوصلة يومًا لمسارها الصحيح، ويتم إلقاء الضوء في بلادنا على أصحاب، الفكر والثقافة، والعلم والعبقرية، والتميز والنبوغ، وما أكثرهم في بلادنا..! قبل أن يصبحوا طيورًا مهاجرة قد لا تعود!.
اختلف معي كيفما شئت، لكن هذه هي الحقيقة كما أراها، ولا أدعي المثالية.