السؤال الذي يطرح الان بشكل متزايد: هل ان عدم انتشار هذا الفيروس الشرس والشديد العدوى في منطقتنا هو بسبب سياساتنا؟ ام ان الامر مرتبط بنسبة ما قيم به من فحوص، ام ان هناك سرا اخر لم يتحدد بعد ، والمتوقع ان الجواب المتكرر الذي نسمعه في أوساط المجتمع ككل هو : "الا فضل ملان" ، وهذا دليل على ان السؤال لا يزال مطروحا لأن كل شيء هو في الحقيقة من فضل الله..
أما الدليل على انه ليس بسبب سياساتنا فهو التالي : البرتغاليون الذين زاروا المنطقة في ق 15 كانوا يسألون السكان في منطقتنا عن مقابر موتى الطاعون الذي حدث في ق14 وقضى على ثلث سكان أوربا وحوض المتوسط ،فكان السكان يستغربون ويقولون لا توجد مقابر ، فيسالونهم باستغراب، ألم يصب المنطقة طاعون؟ ألم يحدثكم اباؤكم عن الطاعون ؟وظهر ان المنطقة لم يصبها ذلك الوباء وإنما سمع به الناس من أخبار من يقدمون من المغرب فقط ..وكان الجواب دون شك الذي فسر به الامر في ذلك الزمن هو عناية الله ..وهذا صحيح مرة اخرى ،
ولكن ماهو التفسير الذي يتم تداوله الآن بشكل جدي وشامل لأفريقيا جنوب الصحراء؟ يقال أن هناك شيء اسمه المجال المناعي الموحد ..فكما ان بعض الاشجار والنباتات والحيوانات لا تستمر في النمو خارج مجالها الايكولوجي، فكذلك الفيروسات أيضا.. المجال المناعي هنا مختلف، طبعا مختلف لا تعنى أقوى، اي انها لا تعني أن سكان المنطقة أقوى مناعة من غيرهم، بل تعني انه مختلف فقط اي ان الفيروس يرتبك ويضعف فلا تنتشر العدوى بقوة كما تنتشر في المجال الوبائي للاوراسيا وأمريكا الشمالية وهذا هو الخط المعروف الآن بالمدار السعيد.. يطرح الناس حالة جمهورية قبرص مثلا التي لم تتأثر كثيرا مع أنها في صميم الخط الاوراسي ، والواقع ان إيطاليا الأكثر تأثرا الآن لم يصبها وباء القرن 14 كما في التاريخ الا في جولة ثانية من الوباء ..
ان الاحتراز مهم جدا و هو يقلل الخسائر ولكنه ليس هو العامل الرئيسي ..ولقد كان هذا الأمر بكل تاكيد كان متوقعا نوعا من قبل كثيرين وتحدثت عنه حكومات في البداية ثم عادت للصمت فلم يكن من الحكمة قوله ، ولا حتى من الحكمة قوله الآن لكي لا تتراخى الجهود في احتواء الحالات المحتملة .
و الآن .. المبالغ التي جمعت باسم الشعب لمواجهة الوباء يجب ان تذهب إلى الشعب الذي أثبت كل واحد منه حسه الوطني العالي وروح التضامن والانضباط بالرغم من الظروف الصعبة لكل واحد فيه .. الأوبئة ليست فرصة للثراء ، والاموال التي جمعت لم تصرف على الوباء ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وبالتالي يجب ان توزع الأموال على الشعب .