نهضة الأمم (3): متطلبات التحديث في موريتانيا

توطئة:

سلسلة "نهضة الأمم" عبارة عن مشروع مجتمعي بأسلوب التخطيط الإستراتيجي المتبع في بناء الدول والكيانات الإجتماعية مساهمة مني مع غيري من النخبة الثقافية والعلمية الموريتانية في التأطير والتأصيل لمفاهيم علمية حديثة تتجاوز أنساق وبنى الحداثة المعرفية بغية إنتشال المجتمع والدولة الموريتانيين من براثن التخلف والجهل والمرض إلى رحاب المدنية الواسعة حيث العلم وآلياته هما المقود والقاطرة لأي مسعى تنموي يُراد به تجاوز الواقع الراكد ومواكبة روح العصر شكلا ومضمونا كأبرز التحديات الوجودية في زمن العولمة المتسارع الأنفاس والمتلاحق الوتائر. حيث أدرك المخططون الاستراتيجيون أن التراكم المعرفي الهائل أوجد طفرة معلوماتية كنتاج للثورة الهائلة في عالم الإتصالات التي جعلت العالم بحق قرية كونية وغيرت مفهومي الزمان والمكان التقليديين حيث قرا في وطرنا كمفهومين ثابتين ذوا أبعاد ثلاث في مخيالنا الجماعي ليحل محله زمكاني إفتراضي سايبيري (ذي أبعاد أربعة شديدة التداخل) يوغل في بسط نظمه وأنساقه المعرفية دون هوادة. هذا البعد الإستشرافي هو ما جعل المخططون والمسئولون عن إدارة الشأن العام يدركون أن آليات التفكير الكلاسيكي في مواجهة إستحقاقات الواقع التنموية لم تعد تجدي للتصدي لإشكاليات تتجدد كل ثانية مما يستدعي تفكيرا مغايرا وطرائق مستحدثة وأنساقا شمولية صارت ميسم علوم الإناسة في آخر عقدين.
******************************
الخطة الوطنية الشاملة للتحديث
كما أوضحت في الحلقتين السابقتين أن تحديث موريتانيا يعني بكل بساطة إستحداث بنية تحتية شاملة، تجعل جميع مواطني البلد وفي جميع ربوع الوطن، يتمتعون بمكتسبات العصر من سكن لائق وطبابة وتعليم ومواصلات ......إلخ، في هذه الحلقة سأتحدث عن متطلبات التحديث الشامل في ربوع موريتانيا، وفي الحلقة القادمة سأتحدث عن كيفية تحقيق هذه المتطلبات وكيف توفير الرساميل اللازمة لتحديث موريتانيا دفعة واحدة وفي بحر سنتين.
الأساليب المتبعة الحالية للتنمية في موريتانيا لن تقود إلى تحديث شامل لا في المدى القصير أو المدى الطويل حتى! فبناء مدرسة هنا أو هناك ومستوصف أو وحدة طبية هنا أو هناك، وتعبيد كم شارع هنا أو هناك، وإنشاء مؤسسة أو وحدة إنتاجية هنا أو هناك لن تقود إلى تحديث أو تنمية شاملة مستدامة، بل إن مثل هذا النوع من التخطيط كما ورد في تعهدات السيد الرئيس، يفاقم المشاكل، فهو أقرب إلى نظام المسكنات التي تخفي الألم مؤقتا لكنها لا تعالج سبب الداء!، عليه ووفق أساليب التخطيط الإستراتيجي للتحديث الشامل والتنمية المستدامة، لا بد لأي خطة تنموية يراد لها النجاح وأن تنقل البلد نقلة نوعية من وهدة التخلف والجهل والمرض إلى رحاب المدنية الواسعة أن تتسم بأمور أربعة هي الشمولية والإحاطة والتزامن والتأثير العام: 
-    الشمولية: أن تطال خطة التحديث كافة القطاعات دون إستثناء.
-    الإحاطة: أن تشمل الخطة كافة أنحاء البلد في جميع الجهات والأقاليم والولايات والمدن والقرى والبلدات وآدوابة والبوادي. 
-    التزامن: يقصد به أن تشرع خطة العمل في جميع جهات وأقاليم البلد في وقت واحد وليس على مراحل، مما يعني تحويل موريتانيا إلى ورشة عمل عملاقة لمدة 24 شهر(سنتان). 
-    التأثير العام: أن يطال تأثير هذه الخطة جميع المواطنين في موريتانيا بمعني أن يتمتع بثمارها جميع المواطنين دون إستثناء، وألا تقتصر على سكان الحواضر الكبرى أو التجمعات السكانية الكبرى، بل يجب أن تشمل حتى التجمعات السكانية الصغيرة في آدوابة والبوادي، التي قد تضطر الدولة إلى تجميع بعضها في تجمع واحد أكبر حسب مقتضيات ومتطلبات التخطيط العام.
وفق السياقات أعلاه وبناء على أساليب التخطيط الإستراتيجي سأقوم بتوضيح وبطرق بسيطة وميسرة يفهمها الجميع وبلغة الأرقام سبل التحديث الشامل والتنمية دون الدخول في مهاترات أكاديمية أو إستعراض للعضلات كما اعتاد أن يفعل مثقفوا موريتانيا!.
في نهاية الحلقة الثانية من هذه السلسة المعنونة بالدولة الموريتانية توقفنا عند ضرورة القيام بــــــــــ:
أولا : تحديد سلم الأولويات. 
ثانيا: ضرورة القيام بدراسات مسحية إستقرائية للوقوف على الإحتياجات والمتطلبات ووضع خطة إستعجالية سقفها سنتان وأخرى مداها 5 سنوات.
ثالثا: سبل توفير الرساميل اللازمة لإنشاء البنية التحتية المطلوبة، أي خطة التحديث الشاملة التي تشمل كافة مدن وقرى وبلدات الوطن دون إستثناء. 
رابعا: حملة تحسيس شاملة تستهدف إشراك كافة مكونات المجتمع في عملية البناء.
أولا : سلم الأولويات
بالنسبة لدولة سكانها 3.5 مليون نسمة ومساحتها تفوق المليون كلم مربع وتحتاج لبنية تحتية شاملة على كافة الصعد فإن سلم الأولويات ينحصر في:
1.    قطاع الصحة. 
2.    الزراعة.
3.    الإسكان. 
4.    التعليم. 
5.    الكهرباء والمياه. 
6.    المواصلات والطرق.
7.    الخدمات البلدية.
8.    الإدارة.
9.    الشرطة.
10.    القضاء.
11.    ذوو الإحتياجات الخاصة.
12.    الحالة المدنية.
13.    الجاليات في الخارج.
14.    الدبلوماسية الخارجية.

ثانيًا : القيام بدراسات مسحية إستقرائية للوقوف على إحتياجات ومتطلبات خطة التحديث الشامل
1.    القطاع الصحي: 
بما أن عدد سكان موريتانيا يبلغ 3387868 نسمة حسب التقديرات الرسمية و3461041 نسمة حسب المصادر الدولية، والدولة مكونة من 13 ولاية و53مقاطعة و280بلدية فإنها ووفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية لحد الكفاف الطبي أي "الحد الأدنى للرعاية الصحية الشاملة للمواطن حتى تتمكن الدولة على الأرجح من تحقيق معدلات التغطية الوافية بالخدمات الرئيسة للرعاية الصحية الأولية" ستكون إحتياجات المواطنين الموريتانيين الصحية علي النحو التالي:
•    280 مركزا صحيا أوليا: بواقع مركز صحي أولي لكل بلدية (تكلفة المركز الصحي الأولي 100 ألف دولار أي أن التكلفة الإجمالية لإنشاء 280 مركزا صحيا أوليا= 28 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية لــ280 مركز صحي أولي تعادل 3.4 مليون دولار أمريكي أي المجموع 31.4 مليون دولار أمريكي).
•    53 مركزا صحيا شاملا: بواقع مركز صحي شامل في كل مقاطعة بسعة إستيعابية قدرها 50 سريرا (تكلفة المركز الصحي الشامل الواحد 1.5 مليون دولار أمريكي أي أن التكلفة الإجمالية لإنشاء 53 مركزا صحيا شاملا= 79.5 مليون دولار أمريكيا والتكلفة التشغيلية 8,2 مليون دولار أمريكي أي المجموع 87.7 مليون دولار أمريكي). 
•    13 مستشفى عام: يحتوي كل مستشفى على كافة التخصصات الطيبة بواقع مستشفى عام في كل عاصمة ولاية بسعة إستيعابية قدرها 100 سرير(تكلفة المستشفى العام الواحد 7 مليون دولار أمريكي أي أن التكلفة الإجمالية لإنشاء 13  مستشفى عام = 91 مليون دولار أمريكيا والتكلفة التشغيلية  11 مليون دولار أمريكي أي المجموع 102 مليون دولار أمريكي).
•    16 مستشفى نوعي تخصصي تشمل:
أ‌.    مستشفى العيون 
ب‌.    مستشفى الأطفال
ت‌.    مستشفى أمراض النساء والولادة
ث‌.    مستشفى الحوادث والطوارئ
ج‌.    مستشفى الأورام والأمراض السرطانية
ح‌.    مستشفى أمراض القلب والشرايين.
خ‌.    مستشفى أمراض الصدر والرئة
د‌.    مستشفى الجراحة الترقيعية
ذ‌.    مستشفى الطب الشرعي والسموم
ر‌.    مستشفى الأمراض الباطنية
ز‌.    مستشفى الأعصاب
س‌.    مستشفى الأمراض النفسية
ش‌.    مستشفى طب المسنين 
ص‌.    مستشفى العظام والمفاصل
ض‌.    مستشفى  العلاج الطبيعي
ط‌.    مستشفى طب الآسنان التخصصي
على أن تكون هذه المستشفيات النوعية والتخصصية موزعة على عواصم الولايات, 
           هذه المستشفيات بسعة إستيعابية قدرها 300 سرير(متوسط تكلفة المستشفى التخصصي  الواحد 12.25 مليون دولار أمريكي أي أن التكلفة الإجمالية لإنشاء 16  مستشفى تخصصي = 196 مليون دولار أمريكيا والتكلفة التشغيلية  20,6 مليون دولار أمريكي أي المجموع 216,6 مليون دولار أمريكي). 
•    إنشاء مستشفى مركزي واحد بالعاصمة نواكشوط كمستشفى تخصصي لعلاج المرضى بشكل عام في جميع المجالات الطبية وكمستشفى تعليمي ويجب أن يكون وفق أحدث المواصفات والقياسات العالمية المتبعة في الحقل الطبي ويتم تجهيز جميع أقسام وأجنحة وعيادات المستشفى بكامل إحتياجاتها من المعدات والأجهزة الطبية ووحدات المختبرات التي تؤهلها لإجراء جميع الفحوصات الطبية والمساعدة على التشخيص الحديث وبالطرق المتطورة حيث سيتم تقديم جميع الخدمات الإستشارية للمرضى فيه من خلال قسم العيادات الخارجية المؤهل لإستقبال 6000 مراجع يوميا وحوالي مليونين سنويا ويكون هذا المستشفى معتمد أكاديميا لتدريب أطباء الإمتياز لإجتياز متطلبات التخرج والتخصصات الطبية. وتبلغ سعة المستشفى 1000 سرير ويحتوي على 16 غرفة عمليات مؤهلة لإجراء حوالي 50 عملية جراحية في اليوم الواحد ويتكون من أقسام رئيسية هي العيادات الخارجية والعيادات الإستشارية التخصصية وقسم المختبرات والتصوير بالأشعة والرنين والأشعة المقطعية وقسم الحوادث والطوارئ وأجنحة المرضى والمنامة والأقسام الإدارية والخدماتية وقاعة الندوات والمحاضرات.(تكلفة المستشفى التعليمي108 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  11.9 مليون دولار أمريكي أي المجموع 119,9 مليون دولار أمريكي).
•    تحتاج موريتانيا(بناءً على عدد السكان) إلى 7792 طبيبا عاما ومتخصصا: ( المتوفر حاليا منهم في موريتانيا 520 طبيب أي أن العجز = 7272 طبيبا، يتم جلبهم من الخارج: رواتب وعلاوات الأطباء مشمولة ضمن التكلفة التشغيلية للمستشفيات والمراكز الصحية).
•    تحتاج موريتانيا(بناءً على عدد السكان) إلى 15245 ممرضا وممرضة وفني وتقني طبي:( المتوفر حاليا منهم في موريتانيا 680 ممرضا وممرضة وفني وتقني طبي أي أن العجز = 14565 ممرضا وممرضة وفني وتقني طبي، يتم جلبهم من الخارج: رواتب وعلاوات الممرضين والممرضات والفنيين والتقنيين الطبيين مشمولة ضمن التكلفة التشغيلية للمستشفيات والمراكز الصحية).
•    إنشاء كلية طب بشري: بمواصفات منظمة الصحة العالمية في مدينة نواكشوط.(تكلفة إنشاء كلية طب بشري 16 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  3 مليون دولار أمريكي أي المجموع 19 مليون دولار أمريكي).
•    إنشاء كلية طب الأسنان: بمواصفات منظمة الصحة العالمية في مدينة نواذيبو.(تكلفة إنشاء كلية طب الأسنان 7.8 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  0.745 مليون دولار أمريكي أي المجموع 8,545 مليون دولار أمريكي).
•    إنشاء كلية طب بيطري: في مدينة كيهيدي.(تكلفة إنشاء كلية طب بيطري 5 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  0.473 مليون دولار أمريكي أي المجموع 5,473 مليون دولار أمريكي).
•    إنشاء كلية تقنية طبية: في مدينة النعمة.(تكلفة إنشاء كلية تقنية طبية مليوني دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  0,189 مليون دولار أمريكي أي المجموع 2,189 مليون دولار أمريكي).
•    إنشاء كلية تمريض: في مدينة كيفة.(تكلفة إنشاء كلية تمريض 0,788 مليون دولار أمريكي والتكلفة التشغيلية  0,052 مليون دولار أمريكي أي المجموع 0,84 مليون دولار أمريكي).
أي أن الخطة الوطنية الشاملة للتحديث في قطاع الصحة تحتاج إلى593.647 مليون دولار أمريكي بما فيها الميزانية التسييرية لكافة مؤسسات وإدارات وتجهيزات القطاع وراتب وعلاوات العاملين فيه.هذه الخطة سقفها الزمني سنتان أي 24 شهرا لتكون كافة التجهيزات والمؤسسات جاهزة لتقديم خدماتها للمواطنين.
2. القطاع الزراعي: 
موريتانيا تملك مساحات أراضي زراعية تقدر بنصف مليون هكتار أي نحو مليون ونصف مليون فدان، منها 137 ألف هكتار تروى بمياه نهر السنغال ونحو 240 ألف هكتار تروى بمياه الأمطار أما الباقي فيروى بمياه السدود ويعمل في القطاع الزراعي نحو 60% من إجمالي القوى العاملة الموريتانية. لا شك أن هذا القطاع الحيوي  يعاني من إختلالات بنيوية تحد من نجاعته وكفاءته في سد إحتياجات المواطنين حيث يلاحظ أن نقص المدخلات (البذور المحسنة، الأسمدة، منتجات الصحة النباتية والبيطرية ...) يشكل أحد العوامل التي حدت من الإنتاج الزراعي. وتعود هذه الوضعية، من بين أمور أخرى، إلى تخلي الدولة، دون إجراءات مواكبة، عن وظائف التموين والدعم والإرشاد، كما تعود إلى عدم رقابة نوعية المنتجات. وبالتالي غياب منطق الفعالية الإقتصادية وإقتصاد الكمية فيما يخص التغطية الشاملة للحاجات وبصفة عامة، فإن القطاع يعاني من حالات الضعف التالية: (أ) غياب أو سوء البنى التحتية (النقل، السوق، التخزين)؛ (ب) وجود ضرائب باهظة ودون مقابل تضعها البلديات؛ (ج) غياب ترقية التجارة (تنظيم الشبكات، البحث عن مناطق للتسويق). كما أن غياب الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والمعلومات المتعلقة بالسوق والقروض، بالإضافة إلى شدة تشتت وانقسام وحدات الإنتاج، تشكل عوائق حقيقية أمام تنمية وسائل الحفظ والتحويل والتسويق للمنتجات وبالتالي في سبيل إدماج الزراعة في إقتصاد السوق. والآن يشهد القطاع تراجع وتيرة الإستصلاحات الرئيسية والذي يعود عمليا إلى معالجات غير مكتملة للملفات العقارية من قبل الإدارة وكذلك الكلفة المرتفعة للإنجازات والتأخر الكبير في إكمال الورشات وعدم جودة الأشغال (سواء تعلق الأمر بالاستصلاح أو إعادة التأهيل) ينضاف إلى هذا ضعف البيئة الفنية وعدم كفاية التمويل والرقابة لأشغال الإستصلاح أو التأهيل، ويبدو أن الكثير من الإستصلاحات تم إنجازها للإستجابة لشروط إستثمار تفرضها قواعد منح الأرض. وفيما يخص المساحات الخصوصية فقد تم إجراء إستصلاحات مرتجلة ودون إحترام أي معيار فني. عليه نري أن القطاع الزراعي في أمس الحاجة إلى عقلية جديدة لتسييره وفق متطلبات وإحتياجات السوق المحلي أولا وتاليا خلق فرص استثمارية واعدة ستعود بمئات الملايين من الدولارات.
أغرب ما في موضوع الزراعة في موريتانيا أننا نمتلك نصف مليون هكتار من الأراضي الزراعية ونهر يمتد مئات الكيلومترات، وسكاننا أقل من أربعة مليون نسمة ونستورد الخضروات من المغرب، ويصلنا البصل من هولندا! لولا عقلية التخلف التي يرسف فيها المجتمع الموريتاني، لكنا بــــ137 ألف هكتار التي تروي بمياه نهر السنغال، لكنا نصدر الفواكه وغيرها من الغلال الزراعية إلى الخارج.
الخطة الوطنية في القطاع الزراعي تتكون في الواقع من خطتين, خطة إستعجالية سقفها الزمني سنتان لتلبية إحتياجات ثلاث ملايين ونصف المليون موريتاني من المواد الغذائية وخطة إستثمارية مدتها ثلاث سنوات:
•    الخطة الاستعجالية: ستتركز علي 137 ألف هكتار التي تروى بمياه نهر السنغال (والتي للآسف لا يستغل فعليا منها غير 20 ألف هكتار فقط) حيث ستقوم الدولة بإدخال الميكنة الحديثة وتتبع أحدث الأساليب المتبعة في الري والسقاية مع الإستصلاح والتخزين والتسويق والعرض لسد الفجوة الغذائية المقدرة بـــــ70% من الإحتياجات ومتطلبات السوق المحلي من الخضروات والحبوب والفواكه. ومن محاسن الصدف أن القطاع الزراعي هو القطاع الوطني الوحيد الذي لا تعاني فيه موريتانيا من نقص في الكوادر والأطر واليد العاملة. وستحتاج الخطة الإستعجالية إلى 762 مليون دولار أمريكي لتحديث شامل في القطاع الزراعي والفلاحي.
•    الخطةالإستثمارية: هذه الخطة ستنصب أساسا على المحاصيل النقدية أي المنتوجات الموجهة للتصدير إلى الأسواق الخارجية في قطاع الزراعة و الثروة الحيوانية وإقامة مصانع متعددة لصناعة غذائية متكاملة وتحتاج هذه الخطة إلى 2,038 مليار دولار أمريكي.
أي الخطة التنموية الوطنية الشاملة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية تحتاج إلى2.8 مليار دولار أمريكي
3. الإسكان: 
    بما إن الإحصائيات تقول أن 12% من سكان موريتانيا لا يتمتعون بسكن و88% الباقية يسكن 79% منهم في مساكن غير لائقة ولا تتوفر علىأبسط سبل العيش الكريم, فإن هذا يعني أن 91% من الشعب الموريتاني يحتاجون لسكن لائق صحيا وهو ما يعادل 3082959 نسمة من سكان موريتانيا أي 513827 أسرة موريتانية بواقع أن متوسط أفراد الأسرة الموريتانية 6 أشخاص. هنا على الدولة أن تقوم بإنشاء 513827 وحدة سكنية على شكل أحياء بحيث يكون كل حي وحدة إيوائية متكاملة مكونة من 50 عمارة ارتفاع كل عمارة 10 طوابق وفي كل طابق 4 شقق متفاوتة السعة بإجمالي 2000 وحدة سكنية ويحتوي كل حي علىمرآب عام للسيارات للقاطنين في الحي ومسجد ومنتزه ألعاب للأطفال وحديقة عامة ومركز طبي أولي ومكتبة عامة ونادي رياضي وصالة جمناستيك ومحلات ودكاكين وفرع مصرف ومدرسة ابتدائية وإعدادية ومكتب بريد وقياسا على تجارب العديد من الدول في جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وتركيا فإن قيمة الشقة في الأحياء الشعبية هذه تقدر بـــــ10000 دولار أمريكي. وبما أن الدولة ستقيم 513827 وحدة سكنية على شكل أحياء مكونة من 2000 وحدة سكنية في كل حي فان الدولة ستقيم 257 حي في الولايات 13 على عموم التراب الوطني بتكلفة إجمالية تساوي 5,138 مليار دولار أمريكي. وتقوم الدولة بتوزيع هذه المساكن على المواطنين بعد أن تجري إحصاء نوعي للسكان بناء على دخل المعيل لكل أسرة وفق الإجراءات التالية:
•    العائلات التي تتقاضي راتبا يفوق 300 دولار في الشهر يقتطع منها 85 دولار شهري ولمدة 10 سنوات ثم تئول ملكية الشقة إلى العائلة بعد أن تكون قد سددت 10,000 دولار بالكامل خلال هذه المدة.
•    العائلات المعوزة تقدم لها الشقة مجانا دون مقابل.
4. التعليم:
جميع الدول التي ودعت التخلف والجهل راهنت على التعليم واستثمرت في العقول عبر قطاع التعليم والتربية والبحث العلمي، وأحد أسرار نهوض ماليزيا الباهر وإنتقالها من دولة فقيرة ومتخلفة إلى مصاف الدول المتطورة هو تخصيص 40% من الموازنة العامة لقطاع التعليم والبحث العلمي ولمدة عقد من الزمن! وهي النسبة الأعلى عالميا خلال التاريخ الحديث، لذا فإنه علينا في موريتانيا إن أردنا أن نخرج من جحيم الفقر والمرض والجهل أن نقوم بعملية تحديث شاملة لقطاع التعليم والتربية والبحث العلمي، وأن نستعين بالخبرات العلمية الموريتانية التي تعمل منذ عقود في قطاعات التعليم والبحث العلمي في الدول المتطورة، ويجب على صناع القرار وواضعي السياسات في موريتانيا أن يدركوا أن خطة تحديث قطاعي بهذا الحجم والعمق تتجاوز قدرات ومدارك الأجداث المحنطة التي لدينا راهنا في وزارة التعليم والتربية، وأن يتركوا المكابرة جانبا فحاضر ومستقبل البلد علي المحك، فمثل هذه الخطة تحتاج لكفاءات وقدرات رفيعة المستوي لاأرى أنها تتواجد حاليا في موريتانيا، تجربتي في الخارج لما يزيد علي أربعة عقود من الزمن جعلتني أدرك وأعي وكلي حسرة  أن بلادنا تعج بالكفاءات العلمية لكن للأسف تعيش خارج موريتانيا، لأن عقلية التخلف المستشرية طاردة للكفاءات، وبالتالي لا يتبقى في البلد إلا الغث أو حملة الشهادات العليا دون كفاءة.
موريتانيا تحتاج إلى تحديث القطاع التعليمي بالكامل عبر إنشاء قطاع تعليمي عصري مواكب للعصر وذلك من خلال:
أولا: إتباع أسلوب التعليم التفاعلي، وجعل المناهج مواكبة وعصرية وتفاعلية، وأن تكون مخرجات العملية التعليمية ملبية ومتماشية مع متطلبات سوق العمل الوطني.
ثانيا: تأطير وإعادة تأهيل المعلمين والمدرسين والأساتذة، ووضع سياسات تعليمية تعلي من شأن القطاع، ووضع إشتراطات صارمة لولوج القطاع، هذا مع جعل رواتب قطاع التعليم الأعلى في البلاد.
ثالثا: إنشاء مراكز أبحاث رأسية وأفقية لتقييم دوري لمخرجات القطاع، وتكون بمثابة بيوتات خبرة علمية وتؤدي دور إستشاري لواضعي السياسات وصناع القرار في موريتانيا. 
رابعا: إنشاء 620 مدرسة نموذجية (بنظام التعليم المغلق التتابعي، أي أن المدرسة الواحدة تشمل المراحل الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية) في جميع عموم موريتانيا، تحتوي كل مدرسة على معامل حديثة ومسجد للذكور وآخر للإناث وملاعب لمختلف الرياضات ومسرح ومكتبة وصالات لممارسة مختلف الهوايات وقاعة رسم وقاعة موسيقي ومعمل معلوماتي ومقهى للطلاب وآخر لأعضاء هيئة التدريس, 257 مدرسة منها موجودة بالأحياء السكنية المجهزة تبعا لخطة قطاع الإسكان.
•    620 – 257 مدرسة = 363, تكلفة إنشاء المدرسة النموذجية الواحدة تساوي 550,000 دولار أمريكي بإجمالي وقدره 199.65 مليون دولار أمريكي.
•    إعادة تأهيل 4189 مدرسة الموجودة حاليا في موريتانيا، ضمن المرحلة الثانية من خطة التحديث الشاملة
•    إنشاء 70 معهد متوسط للتدريب والتكوين المهني في مختلف التخصصات حسب إحتياجات سوق العمل، توزع على جميع الولايات (تكلفة إنشاء معهد تكوين مهني 200,000 دولار أمريكي, أي بإجمالي 14 مليون دولار أمريكي.
•    إنشاء 35 معهد عالي للتدريب والتكوين المهني(تكلفة إنشاء معهد تكوين مهني 280,000 دولار أمريكي, أي بإجمالي 9,8 مليون دولار أمريكي.
•    إنشاء جامعة عصرية متكاملة في نواكشوط تضم 12 كلية لمختلف حقول المعرفة مع مبيتين جامعين واحد للطلبة وآخر الطالبات بتكلفة إجمالية قدرها 75 مليون دولار أمريكي.
•    إنشاء جامعة عصرية للعلوم والدراسات الإسلامية بمدينة النعمة بتكلفة إجمالية قدرها 3 مليون دولار أمريكي.
أي أن تكلفة قطاع التعليم في خطة التنمية الوطنية الشاملة تقدر بــــــ301,45 مليون دولار أمريكي.
5. الكهرباء والمياه:
تحتاج خطة التنمية الوطنية الشاملة إلى محطات توليد الكهرباء والماء بطاقة إجمالية قدرها 6000 ميغاوات تكون على النحو التالي: 
•    الشبكة الرئيسية وتضم ولايات نواكشوط والترارزة والبراكنة وكوركول وغيديماغا وانشيري وداخلة نواذيبو بطاقة إنتاجية قدرها 4000 ميغاوات.
•    الشبكة الوسطى وتضم ولايات العصابة وتكانت بطاقة إنتاجية قدرها 1000 ميغاوات.
•    الشبكة الشرقية وتضم ولايات الحوض الشرقي والحوض الغربي بطاقة إنتاجية قدرها 750 ميغاوات.
•    الشبكة الشمالية وتضم ولايتي آدراروتيرس الزمور بطاقة إنتاجية قدرها 250 ميغاوات
التكلفة الإجمالية لمحطات توليد الكهرباء والماء 5 مليار دولار أمريكي.
6. المواصلات والطرق:
•    في السنة الأولى إنشاء شبكة طرق حديثة وجسور بطول 1350 كيلومتر داخل الولايات 13 بقيمة إجمالية قدرها 10 مليار دولار أمريكي.
•    خلال الأربع سنوات اللاحقة العمل على الحكومة إيجاد تمويل لإنشاء شبكة طرق وطنية كاملة بين المدن والقرى والأرياف بطول  25 ألف كيلومتر بتكلفة إجمالية قدرها 153 مليار دولار أمريكي.
•    ربط الولايات 13 بشبكة قطارات طولها 34 ألف كيلومتر لربط كافة المدن والقرى والأرياف بقيمة إجمالية قدرها مليار دولار أمريكي.
•    إنشاء محطات حديثة للحافلات في عواصم الولايات بقيمة إجمالية وقدرها 3 ملايين دولار أمريكي.
•    إنشاء شركة نقل حضري بسعة 200 حافلة حديثة التجهيز تقدم خدماته في كافة المدن والقرى والأرياف بقيمة إجمالية قدرها 11 مليون دولار أمريكي.
•    إعادة تأهيل مطار أم التونسي ليكون محطة ترانزيت رئيسة بين الخليج والأمريكتين، وبين شمال إفريقيا وشرق أوروبا المتجهة إلى أمريكا الجنوبية بطاقة إستيعابية قدرها 80 طائرة في اليوم وطاقة إستيعابية سنوية قدرها 8.6 مليون راكب في العام بقيمة إجمالية قدرها 700 مليون دولار.
أي أن تكلفة قطاع المواصلات والطرق في الخطة الوطنية الشاملة للتحديث تقدر بــــــ12,017 مليار دولار أمريكي.
7.الخدمات البلدية:
•    إقامة شبكة صرف صحي في كافة المدن الموريتانية بقيمة إجمالية وقدرها 350 مليون دولار أمريكي.
•    إنشاء شركة للنظافة لجمع القمامة بطريقة صحية في كافة المدن بقيمة إجمالية وقدرها 1,5 مليون دولار
•    إنشاء مصنع إعادة تدوير القمامة بقيمة إجمالية قدرها 53 مليون دولار أمريكي.
•    إنشاء هيئة وطنية للمحافظة على المسطحات الخضراء والبيئة والحدائق والغابات بفروعها في كل المدن بقيمة إجمالية قدرها مليون دولار أمريكي.
أي أن تكلفة قطاع الخدمات البلدية في الخطة الوطنية الشاملة للتحديث تقدر بــــــ405,5 مليون دولار أمريكي.
8. الإدارة: 
الإدارة الفعالة حجر الزاوية في أية عملية تحديث، ولأن الوقت رأسمال الشعوب والأفراد فقد كيفت الإدارات في الدول الحديثة لتكون فعالة ولتوفر الوقت والجهد وتقدم خدمة بشكل فعال ومريح وعملي للمواطن، وما عندنا للأسف لا يمت بصلة للإدارة الحديثة، حيث أن جميع إداراتنا كمباني وأفراد عاملين بها، ينعدم لديهم الحس الجمالي والوظيفي، فمن الناحية الشكلية يلاحظ إنعدام الذوق الجمالي في تأثيث إداراتنا العمومية، فلا الطاولات ولا معدات المكاتب تتناسب والعمل الإداري، فضلا على الفجاجة في إختيار الألوان(أعني الستائر إن وجدت، والإضبارات ومعدات القرطاسية)، خلو الغالبية العظمى من مكاتب إداراتنا العمومية من باقات الورد(لجهلنا بالجانب النفسي الإيجابي الذي تضفيه الورود والأزهار على نفسية الموظف والمترددين عليه، فضلا على حس الحميمية التي تشيعه الورود في الأجواء). جلافة وخشونة الموظف الإداري في تعامله الإستعلائي مع المترددين من أصحاب المصالح من المواطنين. 
في الدول الحديثة يدرب الموظف العمومي على الإبتسام في وجه المواطن، وعلى تقديم الخدمة برحابة صدر وبأيسر الطرق، فضلا على أن الدول تضع القوانين والإجراءات العملية لتسيير المعاملات وتقديمها في أفضل الظروف وبطريقة فعالة وسريعة.
البيروقراطية الخانقة عندنا، وجهل المواطن بحقوقه تجعل الكثير من المواطنين يلجئون إلى المحسوبية والمعارف والرشوة لتسريع المعاملات الإدارية، هنا ينبغي على الدولة أن تتخذ الخطوات والإجراءات المتبعة عالميا لإستنبات وزرع المفاهيم الحديثة للإدارة الفعالة وان تعمل على جعل المواطن يدرك حقوقه.وأن يتم تصحيح العلاقة بين الموظف الحكومي والمواطنين، ليعي الموظف والإداري أنه موظف عند المواطن، وأن ضرائب المواطن هي التي يتحصل منها على راتبه.
كما أنصح بضرورة رقمنة المعاملات والإجراءات الإدارية، وتمكين المواطن من إجراء المعاملات عبر الإنترنت من خلال رقمه الوطني.
9. الشرطة: 
    قطاع الشرطة من أهم القطاعات في الدولة، نظرا لارتباطه المباشر بمصالح وحياة المواطنين، لذا ينبغي زرع ثقافة الشرطة في خدمة المواطن، بطريقة حضارية وحقيقية وليس مجرد شعار يرفع في المناسبات، وهذا يتطلب إعادة تأهيل كوادر القطاع، وإعادة النظر في علاقة الشرطة بالمواطن من خلال رزنامة ومسطرة حقوقية وتحسيس حضاري لإعادة العلاقة بين الشرطة والمواطن إلى وضعها الطبيعي.
10. القضاء:
لا شك أن قطاع القضاء قد شهد تحسينات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، أبرزها الزيادات الكبيرة في معاشات ورواتب القضاة ومنتسبي القطاع لكنه مع ذلك لا زال يفتقر للإستقلالية، ولازالت السلطات الممنوحة لرأس السلطة التنفيذية، تكبل القطاع وتعيق إستقلاليته.  
11. ذو الاحتياجات الخاصة:
      بخصوص هذه الفئة من المواطنين في موريتانيا ينبغي:
-    أن تتوقف الجهات العامة والإذاعة والأفراد عن تسميتهم بالمعاقين، لأن المنظمات الدولية والحقوقية العالمية تعارفت منذ ما يزيد على عقدين من الزمن علي تسميتهم بذوي الإحتياجات الخاصة، وتوقفت نهائيا عن تسميتهم بالمعاقين نظرا لما في هذه التسمية من إيحاء جارح وسلبي، والغريب أن موريتانيا لازالت الدولة الوحيدة في العالم التي لازالت تصر على تسميتهم بالمعاقين، وقد أفرد لهم السيد الرئيس 16 سطرا في الصفحة 31 من تعهداته، ذكر فيها كلمة معاق ومعاقين 8 مرات في ستة عشر سطرا!
العالم كله توقف عن استخدام كلمة معاقين لوصف ذوي الإحتياجات الخاصة، بل تفننت الدول بالاحتفاء بهم وسمتهم أسماء محببة وذات إيحاء دلالي موجب، مثل الإمارات التي تسميهم ذوو الهمم. 
-    أثمن عاليا التعهدات الخمسة التي أورها السيد الرئيس بخصوص ذوي الإحتياجات الخاصة، فهي مكاسب حقيقية لهذه الفئة من المواطنين تستحق التثمين لكنها وحدها غير كافية، قياسا بحقوقهم في بقية بلدان العالم، وأنصح بـــــــــ:
1.    تخصيص كوتا لفئة ذوي الإحتياجات الخاصة في البرلمان والمجالس البلدية.
2.    إلزام الإدارات والمباني العامة والمحلات التجارية والشركات والمؤسسات علي تخصيص ممر خاص في مداخل مبانيها لذوي الإحتياجات الخاصة، وأن ينص على ذلك في فقرة خاصة في الدستور الموريتاني.
12. الحالة المدنية:
تنظيم الحالة المدنية على أسس عصرية لخدمة المواطنين بشكل سلس وفعال دون بيروقراطية.ورقمنتها بحيث يتمكن المواطن الذي لديه رقم وطني أن يجري كافة المعاملات عبر الإنترنت دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، إلا في حالة إستخراج الجواز أو بطاقة التعريف.
13.الجالية في الخارج:
     إعادة تنظيم شؤون الجاليات بحيث تكون السفارات والقنصليات الموريتانية بالخارج في خدمة المغترب الموريتاني وبشكل دقيق وإحترافي كما ينبغي ومتابعة شؤونهم أولا بأول والدفاع عن مصالحهم وتمثيلهم في إجراءات التقاضي وما إليه.
14. الدبلوماسية الخارجية:
    إعادة تشكيل الأطقم الخارجية بكفاءات شابة ومتعلمة وتعيش عصرها وتعمل بشكل ماراثوني للمحافظة على المصالح الحيوية للوطن وشعارها ألا أعداء لموريتانيا.
أي أن الخطة الوطنية الإستعجالية الشاملة للتحديث ستحتاج إلى 26,239 مليار دولار أمريكي. وهو ما يعادل 966 مليار أوقية جديدة.

وقفة تأمل:
الكثيرون ممن سيقرؤون هذا الكلام  سيتبادر إلى أذهانهم سؤال ملحاح مفاده كيف لموريتانيا التي لا تتعدى ميزانيتها في أحسن حالاتها أكثر قليلا من المليار دولار أمريكي أن توفر مبالغ كهذه لتحقيق التنمية الشاملة ؟ وسيترتب على السؤال حالة يأس وإحباط ناجمة عن الإحساس بصعوبة توفير هذه الرساميل التي تتجاوز إمكانيات موريتانيا الحالية,بل إن بعض القراء سينعتني بالحالم الذي لا يقف على أرضية الواقع ويكتفي بتهويمات وشطحات الخيال للهروب من إكراهات الواقع ومعطيات واقع الحال! لهؤلاء وغيرهم أقول وبكل ثقة دون أن أجافي الحقيقة المحضة إنه يمكن توفير هذه المبالغ وأنها لا تتجاوز أبدا إمكانيات موريتانيا بل إنها فقط تتجاوز عقلية التخلف والتكلس التي لا تعي ولا تدرك إمكانيات موريتانيا من جهة ومن جهة أخرى لا تعي كيف تدار وتبني الدولة بطرق التفكير الإستراتيجي, للإجابة الوافية عن هذه التساؤلات المحقة والبديهية نلتقي بإذن الله تعالى في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة.
................. يتبع إن شاء الله.
د.الحسين الشيخ العلوي
7سبتمبر 2019 / تونس 
[email protected]

سبت, 07/09/2019 - 17:58