في قمة الحميمية يجهش مجنون ليلى لجبل التوباد بالبكاء فيرد الجبل مكبرا ومهللا ، ثم يتسامر الصديقان بحديث حول الجيرة الراحلين عن سفح التوباد ، حديث تخنقه العبرات يقول عنه قيس :
وَأَجهَشتُ لِلتوبادِ حينَ رَأَيتُهُ
وَهَلَّلَ لِلرَحمَنِ حينَ رَآني
وَأَذرَيتُ دَمعَ العَينِ لَمّا رَأَيتُهُ
وَنادى بِأَعلى صَوتِهِ وَدَعاني
فَقُلتُ لَهُ أَينَ الَّذينَ عَهِدتُهُم
حَوالَيكَ في خِصبٍ وَطيبِ زَمانِ
فَقالَ مَضَوا وَاِستودَعوني بِلادَهُم
وَمَن ذا الَّذي يَبقى مَعَ الحَدَثانِ
***************
يسير التاريخ قرونا تزيد على العشرة وتهرب الجغرافيا إلى أحضان الأطلسي فينبت الطلح وتهطل الأمطار ويهيم الشعراء ثم تأتي إحدى الأمسيات ويمر الهادي العلوي بإحدى أشجار الطلح فيوشك أن يبوح لها بمكنون الوجد لولا أن جذعا عجوزا نماما في الجوار طالما جاهره العداء لازال واقفا رغم تتابع الأيام والليالي ساعتها يمر الهادي بلامبالات مفتعلة خشسة أن يشي الجذع لربوة كسولة في تلك الأنحاء والهادي لا يريد لاربوته أن تغار !
الهادي رجل عاقل جعل حديث الأطلال بينه وبين عقله بينما لم يدخل قيس المجنون عقله في الحديث مع الجبل .
يقول الهادي :
عَوْدَانْ الطَّلْحايَ فَكْفَــــــاكْ # شَطْنَكْ يبالِي غَيْرْ أرْعاكْ
منْ تَسْمِيهَ مزَالْ أحْـــــذاكْ # جِمَجَارْ أفْطــَنْ جَدْرْ أعْدُ
كانْ أسْمَعْ عنَّــكْ ذاكْ أورَاكْ # أعْلَ أمْ اكَنــــــــــْتُورْ إرَدُّ
وذيكْ إلَ سَمْعَتْ عنَّــكْ ذاكْ # ذاكْ إعودْ أكْبَرْ منْ كَـــدُّ! .
بابه أربيه