ليس من الوطنية، ولا من الحكمة، ولا من النضج، ولا من المسؤولية، أن يحاول بعضنا أن يستغل تعميم وزير الصحة وبيان نقابة الأطباء لخلق صراع وهمي بين الوزير والأطباء، وعلى كل من يحاول ذلك أن يدرك بأنه يلعب بالنار، وبأنه يخاطر بمصير بلده الذي تهدده - كبقية بلدان العالم- جائحة كورونا.
إن خطنا الأمامي في الدفاع عن بلدنا وحمايته من جائحة كورونا، يتمثل أساسا في وزير الصحة والأطباء، وعندما يدب الخلاف وعدم الثقة بين الوزير والأطباء فسيعني ذلك بأننا قد خسرنا الحرب ضد كورونا في بدايتها، وحينها فإن سفينة موريتانيا ستغرق بنا جميعا، لا قدر الله.
لقد أبلى وزير الصحة بلاءً حسنا في التصدي لكورونا، وذلك على الرغم من بعض الأخطاء التي يجب تفهمها، والتي تفرضها حالة الضغط الكبيرة التي يتعرض لها الوزير بشكل يومي، ومن الراجح بأنه لو تعرض غيره لذلك الضغط لارتكب أخطاءً أكثر فداحة.
لقد أبلى وزير الصحة بلاء حسنا، ولًقد ارتكب أخطاءً لا تؤثر في المجمل على الحصيلة الكبيرة لما قدم حتى الآن في مجال التصدي لكورونا، ومن أخطائه تلك نشر تعميمه الأخير الموجه إلى مهنيي قطاع الصحة عبر وسائل الإعلام. مضامين هذا التعميم كان يمكن إيصالها للأطباء بالأساليب الإدارية المعهودة، دون نشرها عبر الوسائط الإعلامية.
وإذا كان وزير الصحة قد أبلى بلاءً حسنا مع وجود أخطاء لا ترقى في المجمل إلى مستوى التأثير على الحصيلة الجيدة، فإن الأطباء قد أبلوا أيضا بلاءً حسنا في مجال التصدي لجائحة كورونا، وقد ارتكبوا هم أيضا بعض الأخطاء المتفهمة لمن يقدر الظروف الصعبة التي يؤدون فيها مهامهم النبيلة، وهذه الأخطاء لا تؤثر في المجمل على الحصيلة الكبيرة التي قدموها ـ حتى الآن ـ في مجال التصدي لجائحة كورونا. ومن الأخطاء التي ارتكبها الأطباء هي تلك التصريحات التي أطلقها بعضهم، والتي تتناقض مع التصريحات الرسمية لوزارة الصحة، ومن المؤكد بأن ذلك سيشوش على المتلقي، وقد يهز ثقته في قطاع الصحة، وخطورة ذلك واضحة وجلية، وخاصة في مثل هذا الوقت الحرج، الذي نخوض فيه حربا شرسة ضد وباء أربك دولا عظمى، فكيف سيكون حال بلد كبلدنا إن واجهه بإمكانيات متواضعة، وفي ظل صراع بين وزير الصحة والأطباء؟
يحتج البعض بأن تصريحات بعض الأطباء التي كانت مناقضة للتصريحات الرسمية للوزير قد تمت داخل مجموعة واتساب خاصة بالأطباء، وبأنها لم تكن موجهة للإعلام، وهذه حجة لا تستقيم، لأن كل ما ينشر في مثل هذه المجموعات يتم تسريبه خارجها، وهو الشيء الذي يؤدي إلى تداوله بشكل أوسع مما لو تم نشره كتصريح إعلامي.
إن ما قلتُه عن تعميم الوزير الذي كان من الأسلم أن لا ينشر عبر الإعلام، وأن يتم تبليغ مضامينه إلى الأطباء عبر الأساليب الإدارية المعهودة، أقول مثله عن تصريحات الأطباء التي تشكك في التصريحات الرسمية الصادرة عن الوزارة وتشوش عليها. فإذا كان لدى بعض الأطباء معلومات تناقض ما صرحت به الوزارة رسميا، فكان عليهم أن يبلغوا ذلك للجهات المعنية في الوزارة، وبالأساليب الإدارية المعهودة، بدلا من التصريح به في مجموعات واتسابية لا يمكن السيطرة عليها. ذلك هو ما تقتضيه مبادئ السلوك المهني وأخلاقيات المهنة وواجبات التحفظ وضرورات المرحلة.
يبقى أن أقول بأن الأطباء يستحقون في كل ظرف، وخاصة في هذا الظرف بالذات، أن يكونوا في وضعية لائقة تمكنهم من أداء مهمتهم السامية على أحسن وجه.
خلاصة القول هي أن وزير الصحة والأطباء في جبهة واحدة، وأنهم جميعا قد أبلوا بلاء حسنا، رغم بعض الأخطاء المتفهمة، وبأنه لا مصلحة لأي موريتاني عاقل في زرع الخلاف بينهم
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل