"لا شيء اليوم أكثر إلحاحًا من السيطرة على التسونامي المزدوج الصحي واقتصادي اللذين يهددان العالم بشكل لم يسبق له مثيل.. وهو أمر يبدو أكثر فأكثر غير مضمون الحدوث.."
هكذا، استهل جاك عطالي، أحد أبرز المفكرين الملهمين، مقاله الأخير المنشور يوم أمس.. بنبرة تساؤل وجودي مقلق بعنوان : "ما الذي سيولد من رحم هذا التسونامي المزدوج؟" وبعمقه المعهود الذي لا يخلو من تشاؤم موضوعي، يتوقع المفكر الكبير بأن العالم سيشهد ميلادا جديدا إن قدر له أن يتجاوز منعرج التسونامي المزدوج والمتمثل في الإفلاس المالي وانتشار فيروس كورونا..
وسيكون ميلاد ذلك "الشيء الجديد" على أنقاض مشروعين لطالما شكلا مثلين وهدفين حظيا بالكثير من الإجلال و التقديس، خلال عدة قرون، واعتبرا منتصرين إلى ما لا نهاية، هما الديمقراطية والسوق الحرة أو "الليبرالية"، بعد عجزهما عن إيقاف المأساة الحالية..
ويسترسل المفكر الكبير، متوقعا بأن احتمال انهيار النظام القائم على الديمقراطية والليبرالية ربما يسمح بميلاد منظومة حكم شمولي تعتمد على التكنلوجيا والذكاء الإصطناعي هي التي ستحكم العالم، لكن الطريف في أمر هذه المنظومة هو أنها ستقوم أساسا على إعادة تأهيل الإشتراكية ورأسمالية الدولة من خلال إعادة التحكم في توزيع المصادر والموارد..
ولعل أكثر الفقرات تشاؤما وتشكيكا يقترب من حد الإدانة الموجهة ضمنيا لمنظومة الغرب الديمقراطية/الليبرالية على يد هذا المفكر الموسوعي اليهودي من أصل جزائري، هو المثال الذي ساقه على طرحه والمتمثل في أن انهيار تلك المنظومة ربما يكون قد بدأ فعلا عندما تقرر منذ أمس في كبريات مخازن التوزيع في أكبر قلعة للرأسمالية العالمية بحي منهاتن في نيويورك، بأن لا تزيد حصة الفرد عن علبتين فقط من الأرز لا يتجاوز وزن الواحدة منهما كيلوغراما واحدا..
فهل سيوفق العالم الحالي في الخروج منتصرا على التسونامي المزدوج؟ خاصة على فيروس كورونا؟
وهل سيتسنى للناجين من الكارثة أن يشهدوا بأم أعينهم ذلك الميلاد الجديد للعالم ما بعد كورونا؟