لقد أصبح من الضروري جدا أن تتوحد الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة فيروس كورونا المستجد ومنع انتشاره في بلادنا، وذلك بعد أن تم الإعلان عن اكتشاف أول إصابة بهذا الفيروس في بلادنا. فعلى منظمات المجتمع المدني النشطة، والصحفيين والمدونين الجادين، والمثقفين العضويين، ورجال الأعمال الوطنيين، والسياسيين الغيورين على مصالح وطنهم، ومن قبل ذلك كله العلماء الأجلاء، على كل هؤلاء أن يتحركوا ـ كل من موقعه ـ لمساعدة الجهات الرسمية في مواجهة فيروس كورونا المستجد ومنعه من التفشي في بلادنا.
ليس هذا فقط، بل على كل هؤلاء أن يساهموا أيضا ـ كل من موقعه ـ في مواجهة الشائعات وحالة الهلع والجشع، والمسلكيات الخاطئة (سأقدم مثالا عليها في نهاية المقال)، وكل المظاهر السيئة التي قد تصاحب الإعلان عن اكتشاف أول إصابة بالفيروس في بلادنا.
إن ردود أفعال الشعوب في أوقات الشدة والأزمات قد تختلف، فهناك شعوب قد تُظهر أحسن ما فيها، وهناك شعوب أخرى قد تُظهر أسوأ ما فيها، والشعب الموريتاني جدير بأن يكون من الطائفة الأولى التي تظهر أحسن ما فيها في أوقات الشدة والأزمات.
نحن اليوم كشعب بحاجة إلى إظهار أرقى صور التضامن والتآزر والإخاء..رجال أعمالنا عليهم أن يتبرعوا ..منظمات المجتمع المدني عليها أن تنزل إلى الميدان ودون انتظار عائد مادي..الصحفيون والمدونون عليهم أن يبتعدوا عن الشائعات، وأن ينيروا الرأي العام بالأخبار والمعلومات الصحيحة..
بكلمة واحدة علينا أن نصنع ملحمة كما صنعتها شعوب أخرى، ونحن ـ بطبيعة الحال ـ أهل لصناعة تلك الملحمة..
علينا أن نسجل بطولات في مجال محاربة فيروس كورونا المستجد ومنع انتشاره في بلادنا...
علينا أن نسجل بطولات في مجال محاربة الشائعات الضارة التي قد تصاحب ظهور الفيروس في بلادنا..
علينا أن نسجل بطولات في فضح الجشعين الذين قد يحاولون أن يجعلوا من خوف مواطنينا من انتشار المرض فرصة لتحقيق المزيد من الأرباح..
إن المواجهة الواعية لفيروس كورونا المستجد تتطلب منا أن نوازن بين أمرين متناقضين، وذلك مما يصعب المهمة.
علينا أن نوازن بين حث المواطنين على اتخاذ كل إجراءات السلامة والوقاية من فيروس كورونا دون أن نجعلهم في الوقت نفسه يصابون بحالة من الخوف والهلع.
من المهم أن نذكر المواطنين عند حثهم على اتخاذ ما يلزم من إجراءات السلامة والوقاية، بما تكرره منظمة الصحة العالمية بشكل يومي، وهو أن عدد الوفيات بسبب هذا الفيروس في حدود 3% من المصابين، وأن الوفيات هم في الأغلب من المتقدمين في السن والمصابين بأمراض أخرى. ومجموع عدد الوفيات بسبب كورونا المستجد قليل حتى الآن، إذا ما قورن مع عدد الوفيات بسبب أمراض أخرى أو بسبب حوادث السير.
إن فيروس كورونا المستجد ورغم الزخم الإعلامي الذي صاحب ظهوره وانتشاره لدرجة أصبح فيها اكتشاف أي إصابة واحدة في أي بلد من بلدان العالم تشكل خبرا أولا لكبريات الفضائيات، إنه رغم كل ذلك الزخم ليس هو الأكثر وفيات إذا ما قورن بأوبئة وأمراض أخرى، ولكن ذلك لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ بأنه قد لا يشكل خطرا علينا، أو أنه علينا أن نقصر في اتخاذ الإجراءات للوقاية منه و لمنع انتشاره في بلادنا..
إنه علينا حكومة وشعبا أن نتخذ كافة الإجراءات اللازمة للوقاية من هذا الفيروس، ولمنع انتشاره في بلادنا، فالدول القوية ذات الموارد الضخمة أعلنت عن حالة استنفار قصوى، بل وعن حالة طوارئ لما ظهر فيها هذا الفيروس، فماذا علينا نحن أن نفعل بعد اكتشاف أول إصابة بالفيروس وبلدنا قليل الموارد والإمكانيات وحال بنيته الصحية أنتم أدرى به.
وحتى لا أكون ممن يُطالب الناس بشيء ولا يفعله، فأذكر بأني كنتُ قد أعلنتُ في وقت سابق ومن خلال صفحتي على الفيسبوك بأني قد قررتُ أن أتطوع بأربع ساعات يوميا للتوعية والتحسيس للوقاية من فيروس كورونا المستجد، وسيكون ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال النزول إلى الميدان كلما سمحت الظروف بذلك.
وبالفعل، فقد بدأنا بالتحرك من خلال الإعلان عن إطلاق حملة مشتركة بين بعض الجمعيات النشطة، واخترنا لهذه الحملة المشتركة والمفتوحة أمام جميع المهتمين أن تكون تحت عنوان "معا للتوعية ضد كورونا".
وكما وعدتُ في هذا المقال، فإن من المسلكيات الخاطئة التي يجب التنبيه عليها، هو هذا الإقبال الكبير من المواطنين على الكمامات، وهو الإقبال الذي استغله بعض الجشعين فزاد من أسعارها.
هذا سؤال وجوابه من موقع منظمة الصحة العالمية:
هل ينبغي أن أضع كمامة لحماية نفسي؟
لا تضع كمامة إلا إذا ظهرت عليك أعراض مرض كوفيد-19 (خاصة السعال) أو إذا كنت تقدم الرعاية لشخص يُحتمل أنه مصاب بهذا الـمرض. ولا يمكنك استعمال الكمامة وحيدة الاستعمال إلا مرة واحدة. أما إذا لم تكن مريضا أو قائما على رعاية شخص مريض، فستكون قد أهدرت كمامة دون داع. ونظرا للنقص في إمدادات الكمامات على الصعيد العالمي، فإن المنظمة تحث الناس على التحلي بالحكمة في استخدامها.
وتنصح المنظمة باستخدام الكمامات استخداما رشيدا لتفادي إهدار الموارد الثمينة دون داع وإساءة استخدامها (انظر الإرشادات بشأن استخدام الكمامات).
وتتمثل السبل الأكثر فعّالية لحماية نفسك والآخرين من مرض كوفيد-19 في تنظيف يديك بشكل متكرر وتغطية الفم عند السعال بثني المرفق أو بمنديل ورقي، وترك مسافة لا تقل عن متر واحد (3 أقدام) عن الأشخاص الذين يسعلون أو يعطسون.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل