في هجاء حزب الإتحاد (2)

بداية أشعر بالحاجة لتصويب الفهم الخاطئ لبعض القراء بخصوص نقطتين:

- النقطة الأولى تتعلق باستخدام كلمة "الهجاء"، و مستوى الحدة التي ميزت نقدنا لحزب "الإتحاد من أجل الجمهورية" في الحلقة الأولى من هذا المقال. و في هذا السياق نطالب الجميع أن يتركوا للكتابة النثرية حقها في استخدام المحسنات البلاغية، و اللجوء في بعض الأحيان إلى قليل من الإثارة الإعلامية، في زمن تنافسها فيه وسائل التعبير المعتمدة على جاذبية الصوت و الصورة، في ميزان قوة بعيد عن التكافؤ. كما يجدر التنبيه إلى أن مقالنا لم يتضمن كلمة تجريح و لا هجاء لأي كان، و لا أعتقد أن من الجائز لأي شخصأن يفترض علاقة نسب بينه و بين حزب أو مؤسسة أو إيديولوجية ما، من تلك التي تعمل في الميدان العام. 

تعلموا أن الحياة الخاصة للناس و حقهم في السلامة من التجريح و الهجومات الشخصية مقدسة و واجبةالاحترام. لكن عليكم أن تتعلموا مع ذلك التفريق بين الحياة العامة و الخاصة، و أن لا تتوقعوا و لا تطلبوا من الفاعلين و المنتجين للخطاب في الميدان العام مجاملتكم و منحكم حصانة، في مجال ينتمي إلى دائرة المشترك بين الجميع. و إذا عرفتم أنكم من النوع الميال للشخصنة و الخلط بين ما هو ملك خاص و ما هو للجميع، النوع قليل التقبل للنقد و الذي لم يمتعه ربه بروح رياضية عالية في هذه المجالات، فارحموا أنفسكم في "آخر الزمان هذا"، المتميز بسيادة إمبراطورية الانترنت. الإمبراطورية التي يشبك في ظلهاالميدان العام الوطني بالميدان العام العالمي. توجهوا بدلا من ذلك للعمل و الاستثمار في المبادرات الخصوصية، حيث لن تجدوا إزعاجا، ما لم تقصروا في الحقوق الضريبية العامة للمجتمع و الدولة.

و مما يؤسف له أن الكثير من أصحاب "ديانة و إيديولوجية النفع الخاص"، ممن يعتبرون خدمة أي هدف آخر غير المصلحة الشخصية شذوذا و سذاجة أو حتى جنونا، يعانون - مع الجهل بخصوصية و تعقيدات العمل السياسي و إكراهات المسؤولية عن تسيير المرفق العمومي - من الجهل بأنفسهم و بالحسابات الأنجع لخدمة مصالحهم. إن المتابع لشأن الكثير من الوجهاء و القادة السياسيين في أحزاب الأغلبية، سيلاحظ أنهم يمتلكون أموالا طائلة تستنزف السياسة جزءا كبيرا منها بلا طائل. فلو وجه هؤلاء أموالهم إلى الاستثمار في قطاعات تجارية و صناعية و زراعية و رعوية و خدمية - على طريقة رجال الأعمال المهنيينالمتفرغين لمبادراتهم و مؤسساتهم الخاصة - لتمكن الواحد منهم من أن يحصد في شهر واحد عائدا ماليا يساوي ما يحصده من العمل الحكومي سنة كاملة. و سيوفرون - و الحالة هذه - الأموال التي كانوا يقسمونها في حملات شراء الذمم، إضافة إلى مراكمة ثقة شعبية كبيرة، بفضل ما سينجحون فيه من توفير لفرص العمل و تنشيط للأسواق و دعم للتنمية، و مساهمة مالية من خلال الضرائب و الزكوات.

- النقطة الثانية تتعلق بما ورد في مقالاتنا الأخيرة تحت عنوان "من أجل سنة من الإدارة بدون أحزاب". لقد عرضنا ذلك الطرح في ظل الضغوط الإعلامية و السياسية على رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بعد تكليف الوزير الأول المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا بتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية. 

اليوم و مع تصاعد ما أسميه أنا "حملة الابتزاز السياسي" الموجهة للرئيس و حكومته بقيادة شخصيات بارزة من "حزب الإتحاد"، و في ظل عودة المطالبة ب"الصفقة الابتزازية" التي حاولت عقدها قيادة ذلك الحزب مع المرشح "برام ولد الداه ولد أعبيد" و مجموعة "أفلام" - أبرز الممثلين للخطابات الفئوية و العرقية التقسيمية - أجدني مقتنعا بضرورة رفع سقف المطالب و الإجراءات الاحتياطية ضد الأحزاب النفعية و الظلامية. بدلا من 12 شهرا أتضح لي أننا - مثل السودانيين - بحاجة إلى 36 شهرا من الحكم المدنيالتوافقي، غير الحزبي.

لماذا هذا الطرح السياسي الغريب على الساحة الوطنية، في ظل الانتقال الديمقراطي الفريد من نوعه الذي حققته بلادنا ؟! ما الذي يلهم و يبرر مثل هذه الأطروحة ؟!

الجواب ألخصه في أربعة نقاط :

1 - في خطاب ترشح رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني فاتح مارس الفارط، وردت جملة اخترقت لدي "أذن القلب و العقل" و فحصتها بعين البصيرة، فأوصلتني إلى ترجمة مختلفة عن الظاهر. "تحدث الرئيس عما من الله به عليه من خبرة و تجربة في مفاصل الدولة"، فولد حديثه في فكري "المونولوغ" أوالحوار الداخلي التالي : "لماذا لا نتحدث نحن بدورنا عما من الله به علينا - بفضل ترشح ولد الغزواني - من انتقال سلس للسلطة و عبور نحو عهد الديمقراطية المدنية الحقيقية دون صدام مع العسكر، و من خلاص من ولد عبد العزيز - القادم على ظهر دبابة - دون صدام معه ؟! أليست عطايا ربنا جل و علا و مننه بدون حدود و لا شيء مستحيل إزاء جوده و رحمته التي منت علينا بالنقلة الثورية دون دماء و لا دمار و لا مجاعة كما حدث مع الكثير من بلدان عالمنا القريب و البعيد ؟!

ألا يجوز أن يكون جل و علا قد قدر لنا بعد إخفاق مشروع التغيير في رئاسيات 1992 ثم إخفاق الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في إعادة الرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله إلى السلطة و إخفاق الإصلاحات المبرمجة بعد أتفاق داكار و فشل محاولات استنساخ الربيع العربي - أن يكون قد قدر لنا في اللوح المحفوظ - الخلاص من حيث لم نكن نظن ؟! 

قالوا لنا لا تحلموا، ولد الغزواني مرشح ولد عبد العزيز، و لن يكون سوى مفعول به يضمن استمرارية ولد عبد العزيز في الحكم من وراء الستارة. نسوا أن ولد عبد العزيز بشر و من فوقه قدرة أعلى. ألم تعلموا أن المختار ولد داداه اختيار المستعمر في سياق عملية سياسية أدارتها فرنسا بتحكم كامل، و رغم ذلك كان الزعيم المؤسس لموريتانيا "وسط العواصف و الأمواج"، الذي لم نجد بعد من ينسينا ذكرياته المجيدة ؟! ألم يخرج عمر بن عبد العزيز من رحم نظام بني مروان الملكي الغاشم ؟!

لماذا اليأس من روح الله و قلة الأمل بمطر مننه التي هي بلا حدود و لا شروط ؟! هل المرحوم "المختار ولد داداه" أكثر من رجل ولدته ذات يوم امرأة من أبناء هذا المنكب البرزخي، و لم يكن أحد يتوقع أنه سيصبح الرمز المؤسس لدولة الاستقلال و المواطنة و الوحدة الترابية ؟! هل عقمت أرحامهن ؟! و ماذا يمنع ولد الغزواني - الذي كانت والدته أبرز شهود  حفل ترشحه - أن يكون رمزا لدولة العدل و الرفاهية ؟!

الغريب أنه عندما تسيطر عقيدة اليأس و التيئيس تتقاسم قوى الثورة و الإصلاح و التنوير الرؤية - دون قصد - مع قوى النفاق و الفساد و الظلام. يقول جل و علا في سورة الأحزاب التي نزلت في غزوة الخندق - و هي المليئة بالعبر في مقامنا - "يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا و جنودا لم تروها و كان الله بما تعملون بصيرا. إذ جاؤوكم من فوقكم و من أسفل منكم و إذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا. و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا" (الآيات 9، 10، 11، 12).

بعد أن و فق الله موريتانيا لقائد شرعي لسلطتها التنفيذية يخرجها من دوامة الانقلابات العسكرية و المسلسلات الانتخابية المأزومة، نستطيع أن نتنفس الصعداء، و نشرع في العمل لانجاز الأولويات المستعجلة للتنمية و العدالة. أما الديمقراطية الحزبية فهي تستحق الإخراج من "قسم الحالات المستعجلة". و يمكننا لأول مرة منح مسألة الإصلاح السياسي الوقت الكافي، و حجزها في الأقسام الطبية المتخصصة و الملتقيات و المؤتمرات الوطنية، المعهودة للتعامل مع مثل تلك "الأمراض المزمنة"، التي لازمت الحياة السياسية الحزبية في بلادنا منذ الاستقلال. و برأيي فإن من أسرار النجاحات المنقطعة النظير لحكم المختار ولد داداه، ترتيبه الأولويات، و تقديمه للمستعجل التنموي و الخدمي على السياسي و الحزبي.

2 - في السودان تابعنا أحداث ثورة، أعادت مشاهدها نفس السيناريوهات التي رأيناها تتكرر في مختلفثورات الربيع العربي في صراعها مع قوى الثورة المضادة، لكنني قرأت بين سطورها و فيما وراء دورات الدماء و المآتم و الغناء و الرقص التي ميزت محطاتها المختلفة درسا موجها لنا، بل للعالم أجمع.

لقد نجح البشير في جعل الإسلاميين - و هم أبرز المعارضين السياسيين في الوطن العربي - أقوى أركان نظامه، و استقطب حتى التقدميين من تلامذة المرحوم الترابي. ثم نجح في إيقاع مجموع الطبقة السياسية في فتنة المناصب في حكومة الصفقات و المتاجرة السياسية التي شكلها. لهذا انطلقت الثورة من قضية الخبز و الخدمات و التنمية، في وقت كانت مصداقية الطبقة السياسية فيه قد غدت صفرية.

و كانت نواة "قوى الحرية و التغيير" هي "تجمع المهنيين" بكل ما يعنيه العنوان من حياد و استقلالية تجاه التحزب السياسي، و من تركيز على تسيير الشأن العام للسودان، و حل مشاكل التنمية و السلام فيه بعيدا عن التجاذبات السياسية. و بالطبع مع تصاعد الثورة و اقترابها من إسقاط النظام استقالت الأحزاب تباعا من حكومة البشير، و أعلنت الحركات المسلحة البيعة، ليلتف الجميع حول"قوى الحرية و التغيير"، فيما يشبه الإجماع الوطني. و عندما أدرك العسكريون استحالة حماية البشير انقلبوا عليه و تبنوا خطاب الثورة.

"أصل الحكاية" و بقية القصة تعرفونها، و لا شك أن "للقصة بقية" أخرى - لو استعرنا لغة قناة الجزيرة - أما "بيت القصيد" و "محل الشاهد" عندي في هذا النموذج السوداني فهو "حكومة الكفاءات الوطنية" بقيادة "حمدوك"، و برنامج ال36 شهرا لتنظيف الحياة السياسية من "طفيليات" و "فيروسات" "دولة الفساد العميقة"، و "قوى الثورة المضادة".

بعد "حرب الكل ضد الكل" في السودان، و حمل الحركات الانفصالية للسلاح، و بعد عدد كبير من الثورات الفاشلة، و العودة السيزيفية المتكررة للمربع الأول، و بعد كل الدماء التي سالت في الاعتصامات و المليونيات، تحالف الجميع مع الجميع. تصافح العسكر مع قوى الحرية و التغيير و مع الحركات الانفصالية، و قرروا الشروع - في ظل الإجماع الوطني - في تنفيذ برنامج السلام و التنمية و العدالة، قبل أي توجه نحوالانتخابات و المشاركة السياسية الحزبية.

في موريتانيا جنبنا الله الاعتصامات و الانقلابات و الدماء، عندما رفض ولد عبد العزيز إغراءات "قوى الظلام" المطالبة بالمأمورية الثالثة. في موريتانيا وفقنا الله لانتخاب رئيس غير حزبي، قادر على الوقوف مسافة واحدة من الجميع. رئيس ألهمه الله اختيار نخبة من التكنوقراط غير الحزبيين، و ندعو الله له التوفيق في إقالة كل وزير يصر على أن تكون حكومة "رئيس كل الموريتانيين"، حكومة حزب أو لوبي أو فئة محدودة منهم.

3 - قادت الإصلاحات الدستورية الأخيرة للرئيس المنصرف إلى منح البرلمان قوة زائدة، قد لا تكون مناسبة لتوازن السلطات في البلاد، و تنذر بفوضى و أزمات مفتوحة في المواجهة بين السلطتين التنفيذية و التشريعية. و الأخطر أن البرلمان قد انتخب في ظروف لم تسمح له بأن يكون ممثلا لإرادة الشعب و عاكسا للتنوع في الرؤى و المواقف في أوساطه. ظروف تميزت بدرجة قصوى من الاحتقان السياسي، و التسييس الشامل للملفات الاقتصادية و الثقافية و الحقوقية و الاجتماعية.

في ظل برلمان مسيس و حياة حكومية تدار تحت سيف الابتزاز السياسي هل يمكننا ضمان التنمية والعدالة، إذا لم تكن لدينا أحزاب سياسية صالحة و مسؤولة ؟! هل منكم من يعتقد أن لدينا اليوم حزبا سياسيا واحدا في وضعية قانونية سليمة و له مشروع سياسي مبني على قناعات وطنية حقيقية ؟!  

بالنسبة لي أنا، الجواب : لا. و أتحدى كوادر أي حزب في البلاد - في المعارضة كما في الموالاة - أن يواجهوني في حوار عام، ليقنعوني بأن تلك الشروط متوفرة في حزبهم. أما "حزب الإتحاد"، المهيمن على البرلمان، فهو - بمعرفة القاصي و الداني - وكر للسياسة الموجهة لخدمة المنفعة الشخصية على حساب النفع العام. و ليس في ذلك بدعا من أسلافه من الأحزاب الحاكمة. و نرفع أيدينا تضرعا إلى الله نستسقيهالمطر، كما نستسقيه حزبا حاكما من نوع مختلف. إنه قادر إذ حقق لنا الانتقال و التحرر السلس من العهد الاستثنائي - دون دفع ضريبة المعاناة التي دفعها السودانيون - على أن يحقق لنا ذلك الرجاء، و كل رجاء فيه الخير في الدنيا و الآخرة. 

4 - في نهاية هذا النفق أرى ضوءا، بل يمكنني القول بأننا على وشك حط الرحال في المحطة الأولى من عهد تحقيق أولويات التنمية و العدالة. لماذا أقول ذلك و ماذا لدي من أدلة ؟!

- أولا ثقتي بالله كبيرة، و هذا الرئيس الذي نصب لتوه، كررت عليكم ثقتي به منذ المقال الأول من سلسلة مقالاتنا بعنوان "حديث القلب و العقل في رئاسيات 2019"، الصادر يوم 31 يناير الماضي. ثم إن المؤشرات القادمة من القصر الرئاسي و من الحكومة، و من الشعب تبعث الأمل فيمن مات الأمل عنده.

- ثانيا، رئيس الجمهورية لم يقر عيون الحاسدين لشعبه، من لوبيات المحاصصة القبلية و الجهوية. و جميعكم تعرفون أن هذه الحكومة أغضبتهم و في غضبهم رضا المسلمين، و في رضاهم رضاه جل و علا. تذكروا بيت قطب زمانه الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا، و فيه محل شاهد - حتى و إن كانت الناسبةمختلفة - :

و ترضي المسلمين و في رضاهم        يؤمل أن ينال رضا الجليل

لست من القائلين بأن "حزب الإتحاد" تجمع للمفسدين، لأنه كان يجمع الموريتانيين بجميع فئاتهم، و لأنني شخصيا كنت من الأغلبية الداعمة للرئيس المنصرف. بالمقابل أعتبر أن عجز شخصيات قيادية في هذا الحزب - لم تكن مثالية في تسيير ما تولته من مرافق عامة - عن إخفاء غضبها من تشكيل حكومة بلا محاصصة، و تصريحها بالمطالبة بمواصلة مسار المحسوبية و المتاجرة بالمصالح العامة - ذلك الغضب و تلك الثورة الاتحادية - أفرحتني، و معي قطاع عريض من النخبة و الجماهير.  

- ثالثا، إن إتحاد الجيش و المنتخبين المحليين - الذين كان يفترض بهم أن لا يكونوا منتمين حزبيا - و رجال الأعمال، و الفاعلين المدنيين، في معركة تنظيف مدينة نواكشوط، ينبغي أن يوسع تدخله إلى كل ميادينالحياة الوطنية. و قد يكون هذا "الإتحاد - غير الحزبي - من أجل الجمهورية" هو المطلوب اليوم. و على السياسيين أن يشرعوا في حملة تنظيف لأحزابهم و تحديثها لتواكب عصر خدمة الجماهير. 

عليكم أيها السياسيون الحزبيون الأوبة إلى العصر الذي كان فيه العمل الحزبي ميدانا للتضحية، و التوبة من ممارسة السياسة باعتبارها موردا للرزق. و ريثما يتحقق ذلك خلال ال36 شهرا القادمة، أتركوا الشعب و رئيسه و من اختارهم الرئيس معاونين له، ينجزون استحقاقات العقد الاجتماعي الذي وقعوه، يوم 23 يونيو 2019.

نواكشوط بتاريخ 26 أغسطس 2019

محمد الأمين ولد أبتي

كاتب و باحث    

[email protected]

ثلاثاء, 27/08/2019 - 16:39