منذ يومين قرأ لي أحد الذين ابتلاهم الله بصداقتي، نكتة على الفيسبوك، نشرها أحدالمدونين، مشاركا بها في الحملة الآدلكانية التي سببها قرار الحكومة شراء ألف طن من الفاصوليا، و هو في الحقيقة أمر تشكر عليه لا محالة .
تقول القصة، إن أستاذين كانا يسكنان معا في إحدى المدن الداخلية، و كان أحدهمالرجاحة عقله يحب الفاصوليا، أما الآخر فلأنه من الزمرة الذين فرقعت لهم اهريلة ، و لأنه غاطس في السراب، لا يحبه، و لذا فإذا كانت مهمة الطبخ على الآدلكاني، لابد أن يحتوي الطعام على قدر لا بأس به من الفاصوليا، حتى و إن وجد العزيز علىالقلب ( اللحم )، لابد أن يرمي و لو حبات قليلة من الفاصوليا في المرجل، أما إذاكانت المهمة على الآخر فإن الآدلكاني يلتزم الصمت، و يأكل الطعام على ريق الفاصوليا، و في إحدى المرات قدم له صاحبه مذقا (الزرق) فلاحظ الآدلكاني وجود حبات من الفاصوليا في قعر القدح، فثارت ثائرته. ربما لأن الأمر غير مألوف، و ربما ــ و هذا وجيه ــ يرى أنه ما لهذا خلق آدلكان، حينها وجد صاحبه الفرصة سانحة، فقالو هو يبطن الخبث : كنت أظن الأمر يسرك، و مادام ليس كذلك، فوالله من الآن فصاعدا لن يحتوي لنا إناء حبة من الفاصوليا.
في الحقيقة إنني أتعاطف بشكل كبير، مع هذا المسكين الذي حرمه صاحبه من الفاصوليا المسالم، جهلا منه به، و بما قد قيل فيه( انيبه ماه مول طيش ) ، بل إنني أكثر تعاطفا مع صاحبه، حين أفكر في تعامله كأستاذ مع وضعية الممانعة هذه في الأيام الأخيرة من الشهر، و التي يشبهها أحد أصدقائي الذين كثر آدلكانهم، بفترة السبات عند البطاريق.
في سبيل إنصاف المظلومين، سوف أتحدث بشكل مختصر عن فوائد تحسب للفاصوليا، ثم أختفي بعد ذلك بحثا عنه، قبل أن تقرؤوا المقال.
حينما نقوم بالبحث عن فوائد تحسب للفاصوليا نجدها كثيرة للغاية، لذا نصبح مضطرين للإحجام عن ذكرها كلها، فمن المعروف عند الأطباء أنه هو أهم مصدر للحديد، هكذا نصحني أكثر من طبيب ( في سبيل بحثي عن ما يزيد كمية الدم في الجسم، إن لم يكن ذلك على سبيل كثرة آدلكان ) و نحن هنا في موريتانيا لا نعرف مشكلتنا مع الحديد، على الرغم من أن البعض ينظر إلينا بوصفنا مصدرا مهماللحديد.
ثم إن آكل الفاصوليا لا يحتاج إلى الكثير منه، و هذه مسألة معروفة عند شعبنا منذالقديم، و لذا فلا يحتاج من أكله، إلا إلى جرعة ماء باردة، يبدأ بعدها مباشرة في الإحساس بالشبع، و أنا هنا طبعا، في غنى عن القول: إننا أحوج ما نكون إلى بطون يكتفي أصحابها من الأكل، فقد بلانا الله ببطون لا تشبع. يقال: إن أحد الأجداد شرب من دلو عند البئر، و هو لا زال يختزن في ذهنه بعض العتاب على ابنته، بسبب الغداء الذي كان عبارة عن قليل من الفاصوليا، و ما إن وضع الدلو، حتى نادى على القوم و هو يواصل تجشؤه ( أبلغوا البنية أن جزاها الله خيرا ).
ثم إن الفاصوليا أيضا، و هذا باعتراف الأطباء طبعا، يحافظ على نسبة الكولسترولفي الدم، و نحن و إن كان الكثير منا لم يعد يحمل في عروقه دما، في حاجة إلى من يحافظ على أي شيء في أي شيء.
أما كونه كما يقول خبراء التغذية، عبارة عن حقل غني بالبروتينات و الألياف، فذلك ما سوف أخفيه، مخافة أن يصبح بين عشية و ضحاها فقيرا، مثل كل ما تم إفقاره من حقول ذهب و نفط و غا... عفوا هذا طبعا من باب كثرة آدلكان.
تذكرت أيضا أنني قرأت في الإنترنت، أنه يحمي الجهاز الهضمي من السرطانات،في زمن توجه إليه الكثير من الهجمات، من قبل المواد الغذائية المنتهية الصلاحية و من الأدوية المزورة.
من جهتي ولدت متصالحا مع الفاصوليا، و عشت كذلك، و لذا فإنني أعرفه حق المعرفة، كما يعرفني هو أيضا، أما المشوي الذي ذكره المدونون كثيرا إلى جانبآدلكان، فمن باب الحكم على الشيء فرع عن تصوره، لن أتحدث عنه لأنني لا أمتلك عنه أي تصور.
الكاتب: محمد الأمين ولد دده
أستاذ فلسفة بثانوية أطار