على أبواب الانتخابات التشريعية والبلدية التي تفصلنا عنها أشهر معدودة جدا ،وفي ظل حمي الترشحات التي يجب ترتكز في المقام الأول على القواعد الجماهيرية ،يجد الإنسان حرجا كبيرا في الترشح للانتخابات لأن النسخة الموريتانية من الديمقراطية تزيد علي شروط الديمقراطيات العتيدة في العالم المتحضر ،إن الإنتخابات الديمقراطية لها شروط لا تستطيع الإستغناء عنها تتخلص في ثلاث نقاط هي :
1- تنظيم عمل مؤسسات الحكم من خلال الاستناد إلى مبدأ حكم القانون، أي تقييد سلطة الحكومة بدستور يخضع له الحكام والمحكومون على قدم المساواة، ويوفر آليات محددة لصنع القرارات وللمساءلة السياسية ونظام قضائي مستقل لحماية مبدأ حكم القانون وصيانة حريات الأفراد وحقوقهم.
2- تمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية واعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة وحق جميع القوى السياسية في التنافس على مقاعد الحكم، وذلك من خلال الاستناد إلى مبدأ "الشعب مصدر السلطة"، وأن الحكومة تقوم بممارسة السلطة بهدف تحقيق المصلحة العامة للمواطنين وليس لتحقيق مصالح فئة ما أو حزب معين.
3- تنظيم علاقة مؤسسات الحكم بالجماهير على أساس رابطة المواطنة، أي تمتع كل فئات المجتمع بكل الحقوق والواجبات على قدم المساواة، وتساوي فرص المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية أمام جميع المواطنين دون تمييز على أساس الأصل أو اللغة أو العرق أو الدين أو المذهب أو المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية.
في النقطة الثالثة نجد أن الديمقراطيات لا تشرط المال من أجل الترشح أو النجاح في الإستحقاقات فهذا يتعارض مع الديمقراطية ،التي هي فرز لقرار من يحق لهم التصويت وتطبيقه علي أرض الواقع ،هنا يجد أغلب الناس صعوبة في فك هذه المسألة ،ولقد حان للدولة أن تقف في وجه البذخ الذي يُصاحب الإستحقاقات غالبا ،من خلال تقنين مصاريف محددة عن كل دائرة تراعي فيها المستوي الإقتصادي للناس تماما مثل سياسة مكافحة التبذير في المناسبات الإجتماعية التي شجعته الدولة ،إن أي تبذير يعني سهولة شراء الذمم وهو أمر بعيد من الديمقراطية التي يجب أن تسود في هذا البلد.
وهي مناسبة لتشجع فيها الدولة حكم الشعب من خلال تحسيس المواطنين أن أصواتهم أمانة ولا تباع ولا تُعطي لا على أسس المال أو القرابة أو القبيلة أو الأمور التي لا تخدم العملية السياسية في البلد،آن الأوان في جو الإنفتاح والتعددية السياسية التي يحظي بها الشعب في ظل الحكم الحالي أن نُرسخ الديمقراطية الحقيقية حكم الشعب ،يصوت لمن يشاء دون أي إكراهات ايديولوجية أو اجتماعية أو مالية أيضا