حين غضب ديجول من المختار ولد داداه!

من المفارقات الغريبة في أجواء سعينا لنيل الاعتراف الدولي ما بدأتْ به سنة 1961 من توتر في العلاقات بين موريتانيا وفرنسا، العلاقات التي ستشهد الكثير من التذبذب صعوداً وهبوطاً كما كان الحال سنة 1960. فقبل أن تنسى باريس «قضية أنتانيور»، برز إلى الوجود سبب جديد للخلاف بيننا، وهو قضية بدء المفاوضات حول اتفاقيات التعاون التي أشرت إليها قبل قليل أثناء لقائي بـ«جان فوايي» عند مروري بباريس. فقد استاءت الحكومة الفرنسية من موقفنا الجديد وحاولت «الضغط علينا»، فقدّم لنا الوزير الأول الفرنسي يوم 3 يناير 1961 مذكرة شفوية جاء فيها: «يبلغ الوزير الأول في الجمهورية الفرنسية الوزير الأول في الجمهورية الإسلامية الموريتانية رغبته في بدء المفاوضات المتعلقة باتفاقيات التعاون خلال الأيام القادمة وإنهائها بالسرعة التي تمليها الظروف».
وفي 9 يناير ردّت الحكومة الموريتانية على المذكرة الفرنسية لتعرب عن «ثقتها في مستقبل العلاقات بين موريتانيا وفرنسا، تلك العلاقات التي لا يمكن أن تنمو إلا في إطار الاحترام الكامل لسيادتها ومن خلال منظور يستبعد كافة أشكال الإنذار أو التكليف الرسمي، كما لن تقبل موريتانيا أي شكل من أشكال التهديد. إن المحادثات لا يمكن أن تجري قبل انتهاء الاجتماع القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة وعرض عضويتنا في تلك المنظمة على جمعيتها العامة».
وقد اعتبر الكثيرون، لا في فرنسا فقط، بل وفي موريتانيا خصوصاً، أن هذا الموقف محض تصرف انتحاري غير مقبول. وبدأ تكرار الأقاويل التي طالما رُدِّدتْ: «موريتانيا التي أبرزتها فرنسا من العدم إلى الوجود واحتضنتها ومنحتها كل شيء: في المجالات العسكرية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.. لا يمكن أن تنكر جميلها على هذا النحو، ولا أن تتجاسر على مخاطبتها بهذه الطريقة! وهذه السابقة التي أقدمتَ عليها تعد أسوأ مما أقدمتْ عليه غينيا. فالأخيرة لا تقَدِّم إليها فرنسا أي دعم في الوقت الحالي، بينما نجد أن موريتانيا التي تقوم حالياً بمعاندة فرنسا لا يمكن أن يستقيم لها شأن بدون فرنسا».
وتلك تأكيدات صحيحة في مجملها، لكنني كنت دوماً أومن بأن موريتانيا، رغم وضعيتها الخاصة تمتلك ثروة مقدسةً لا ينبغي المساس بها ولا النيل منها، وهي شرفها وكرامتها. فإذا أرادت فرنسا النيل من أحد هذين العنصرين مقابل مساندتها التي لا غنى لنا عنها، فإنه لا داعي للبحث عن استقلال يكرس العبوديةَ، والفقرُ والضعفُ بالنسبة لي لا يشكلان خطيئة أو ذنباً مخجلا. ونحن فوق ذلك مقتنعون، كما سبق أن أشرت، بأن فرنسا لم تفعل ما فعلته معنا للحصول على الاستقلال افتتاناً بعيوننا، فقد نقبل المحبة بين الأشخاص، لكننا لا نؤمن بوجودها بين الدول. فإذا قامت فرنسا بدعمنا ووقفت معنا ضد المغرب، فإنما تفعل ذلك أولا وقبل كل شيء لمصلحتها هي، ولما يمثله بلدنا من أهمية استراتيجية وسياسية في منطقة شمال غرب أفريقيا، هذا فضلا عن الإمكانات الاقتصادية التي تحتوي عليها الأرض الموريتانية. (...)
ومهما يكن من أمر فإنه لم يكن بمقدورنا نحن ولا من مصلحة الحكومة الفرنسية أيضاً أن تتطور الأمور إلى مستوى القطيعة. ومرة أخرى لم تشأ الحكومة الفرنسية أن تذهب إلى أبعد من هذا. ولذا لم تلبث العلاقات أن عادت إلى طبيعتها. وفي 16 يناير «.. قبلتْ فرنسا بأن تستمر العلاقات بين البلدين على وضعها ذلك في انتظار أن تحدد الاتفاقيات التي سيتم إبرامها مستقبلا شكلَ العلاقات بين فرنسا وموريتانيا ومضمونها..».
لكن بدأ الفرنسيون في 14 مارس يذكروننا بضرورة بحث علاقات التعاون هذه، وبأنه علينا أن نبرم على جناح السرعة اتفاقاً عسكرياً دفاعياً. وقمت بإبلاغ السفير الفرنسي شفهياً، ودون أن أقبل الالتزام بتاريخ محدد، بأننا سنبدأ المحادثات بعد مؤتمر الاتحاد الأفريقي الملغاشي الذي سيلتئم في ياوندي مع نهاية هذا الشهر. وفي انتظار ذلك اتفقنا على تبادل الرسائل بشأن «مشاركة قوات فرنسية في الدفاع الخارجي عن أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية». وهكذا بدأنا تبادل الرسائل حول هذا الموضوع يوم 16 مارس. وفي 10 مايو التالي اقترحت علينا الحكومة الفرنسية الإجراءات المتعلقة ببدء المحادثات وتاريخها ومكانها: فحددت يوم 6 يونيو التالي في باريس. وقد قبلنا هذا المقترح مع أننا لم ندخل بعد من الناحية الشكلية الأمم المتحدة، لكن قبولنا فيها أصبح قضية مسلّمة بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 إبريل 1961 لصالح قبولنا فيها، وبعد أن جرت مساومات مع الاتحاد السوفييتي. وعندها أصبح بإمكاننا البدء في المفاوضات حسب تقديرنا، رغم ما سيقوله المغرب.
وفي تلك الأثناء، انفجرت في شهر ابريل من تلك السنة قضية تقديم أوراق اعتماد أول سفير لموريتانيا في فرنسا، وهو مامودو توري. لقد ألجأنا ضعف الموارد المالية وسياسة التقشف التي تبنيناها نتيجة لذلك، إلى أن يكون هذا السفيرُ سفيرَنا المعتمد في معظم الدول الغربية. وبالنظر إلى علاقاتنا المتميزة مع فرنسا ينبغي أن يقيم في باريس. وعليه كان من المنطقي أن يقدّم أوراق اعتماده أولا إلى رئيس الدولة الفرنسية قبل أن يقدمها لباقي الدول المعنية. وتقتضي البروتوكولات الفرنسية منذ عام 1960 اتباع إحدى طريقتين في تقديم أوراق الاعتماد. أولها الطريقة التقليدية التي تمر بوزارة الخارجية فقصر الأليزيه. أما الطريقة الجديدة فتمر بوزارة الخارجية، ثم قصر ماتينيو، فقصر الأليزيه. والطريقة الأخيرة هي التي سلكها سفراء الدول التي بقيت في المجموعة الفرنسية الأفريقية بعد أن حصلت على استقلالها. وقد دُعي سفيرنا لاتباع هذه الطريقة، كما لو كنا قد أصبحنا بالفعل عضواً في تلك المجموعة. صحيح أننا كنا نعتزم دخولها، ولكن أي اتفاق بهذا الشأن لم يتم توقيعه بعد. ورفض السفير، بناءً على تعليماتي، انتهاج الطريقة الجديدة، وطلب السماح له باتباع الطريقة القديمة، وهو ما رفضته الدبلوماسية الفرنسية فلم تحدد له أي موعد مع قصر الأليزيه وكأنها تتجاهل حالته. فأمرته بالتوجه إلى بون لتقديم أوراق اعتماده، فقدّمها هناك يوم 6 مايو، فأثار هذا الإجراء الغضب والتعليقات في فرنسا. ولم يتمكن السفير من تقديم أوراق اعتماده إلى الجنرال ديغول إلا في يوم 6 يوليو 1961 وفق الطريقة التقليدية.
وقبل الشروع في المفاوضات، وفي وقت ينعتني الفرنسيون فيه بالشريك الذي يبحث عن غايات لا تُدرَك، والشخص الذي يقوم بتغيير مواقفه دوماً، كتبتُ إلى الوزير الأول الفرنسي يوم 18 مايو قائلا: «إن الحكومة الموريتانية، التي كانت تعتزم مبدئياً.. البقاء في المجموعة الفرنسية الأفريقية في صورتها الجديدة، قد حملتها الأحداث الأخيرة على إعادة النظر في موقفها، وبالتالي لم تعد تتمسك بالبقاء في هذه المجموعة». وأعتقد أنه من السهل عليكم تصور مدى غضب أصدقائنا الفرنسيين ونفاد صبرهم عند استلامهم هذه الرسالة التي وصفوها بأنها تحمل تغيراً مفاجئاً في الموقف على نحو غريب.
وأعترفُ بأنه خلال فترة المساومات هذه مع فرنسا كان تغييري الدائم لمواقفي مثيراً للفرنسيين الذين أتعامل معهم، ولكن ليس بالإمكان أبدع مما كان. فخلال هذه «المحادثات- المساومات» التي لابد أن توضع فيها مصالح كثيرة، مادية ومعنوية، على بساط البحث بين طرفين أحدهما قوي وهو فرنسا، والثاني ضعيف وهم نحن الموريتانيون، لم يكن لدينا خيار بين عدة استراتيجيات ممكنة. لقد كان لدينا سبيل واحد علينا أن نتبناه وهو المقاومة بأقصى ما نملك؛ بالمواربة ومحاولة كسب الوقت، لإيجاد ظروف أفضل ولو بقليل. ولم يشأ شركاؤنا أن يقضوا علينا، مع أنهم كانوا قادرين على سحقنا دون أدنى صعوبة، وهو سلوك نبيل نقدّره لهم، بل كان الأمر ينتهي بهم إلى التنازل لنا إما كلياً أو جزئياً. وبما أنهم كانوا الأقوى بدون منازع، فلم يجدوا حرجاً في التعامل معنا.
وفي نهاية مايو قدِمتُ إلى باريس صحبة حمود ولد أحمدو رئيس الجمعية الوطنية وأعضاء آخرين من الوفد الذي سيشارك في المحادثات المقرر بدؤها يوم 6 يونيو. وكان الجو عند الافتتاح جو مجاملة شابها التوتر. فقد استقبلنا الفرنسيون استقبالا طيباً، لكنهم على ما يبدو، كانوا محرجين إذ باح أحد أعضاء الوفد الفرنسي في شيء من السخرية بقوله: «لا نعرف ماذا نفعل مع هؤلاء الموريتانيين». وقد تطلبت منا تسوية الخلافات بيننا، أثناء تحرير نصوص الاتفاقيات النهائية، لقاءين مع الجنرال ديغول، واثنين مع ميشيل دوبريه، وكانت الخلافات الأساسية حول القاعدتين العسكريتين في نواذيبو (بور أتين) وأطار، والقوانين العسكرية التي يمكن تطبيقها عند محاكمة الجنود الفرنسيين الذين يرتكبون جرائم أو مخالفات أثناء وجودهم على الأرض الموريتانية.
وتم أخيراً توقيع نصوص الاتفاقيات الموريتانية الفرنسية بقصر ماتنيوه يوم 9 يونيو من لدن الوزير الأول الفرنسي ميشيل دوبريه وأنا شخصياً. واشتملت هذه النصوص على:
- معاهدة تعاون في المجال الدبلوماسي.
- واتفاقيات حول الدفاع، والمساعدة الفنية العسكرية، والتعاون الاقتصادي والنقدي والمالي، والتعاون الثقافي، والتعاون في مجال البريد والمواصلات والطيران المدني والتجارة البحرية، والمساعدة الفنية، والدعم في مجال توفير الكادر البشري.
وعند اختتام الحفل الرسمي لتوقيع الاتفاقيات، أعلن ميشيل دوبريه قائلا: «تأتي هذه الاتفاقيات في جزء كبير منها تتويجاً للجهود المشتركة التي ما فتئنا نبذلها جميعاً منذ عدة أجيال..»، فرددت عليه قائلا: «إننا لن نتوانى في طلب العون من فرنسا صراحةً وتبعاً لتقاليدها العريقة، وأذكر أنه في الوقت الذي يمنح فيه المستعمر القوي الاستقلال للبلد الذي كان يستعمره بالأمس، يصبح هذا البلد مهدداً من قبل جاره الذي تربطه به أواصر النسب وأخوّة الدين وانتماؤهما لقارة واحدة هي أفريقيا. ومن ناحية أخرى أذكر بأنه لا يمكن بناء أي أمر مهم وثابت في المنطقة الأفريقية بدون إيجاد حل نهائي لمأساة الجزائريين..».
وفي 28 يونيو صادقت الجمعية الوطنية في نواكشوط بالإجماع على تلك الاتفاقيات، كما صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية دون صعوبة على الاتفاقيات نفسها في 19 يوليو التالي. بيد أن مجلس الشيوخ الفرنسي كاد يرفض هذه الاتفاقيات يوم 21 يوليو، فما السبب؟ السبب هو أنني أعلنت يوم 20 يوليو أن «أحداث بنزرت أخدت شكل حرب استعمارية، وهو ما يضع فرنسا في موقف لا يمكن الدفاع عنه». وقد كان لهذا الإعلان صدى سيء في باريس بشكل عام وفي مجلس الشيوخ بصفة خاصة. ووجهت إليّ في مجلس الشيوخ انتقادات حادة جداً، واقترح بعض الشيوخ رفض المصادقة على الاتفاقيات، بينما طلب بعضهم إرجاء النظر فيها لأجل غير مسمى. غير أنه في الأخير تمت المصادقة عليها تحت إلحاح الحكومة. لكن السفير الفرنسي أخبرني في 24 يونيو بأنه «نظراً للموقف الذي تبنّته الحكومة الموريتانية بخصوص بنزرت، فإن تبادل الوثائق النهائية لتوقيع المعاهدات الفرنسية الموريتانية تم تأجيله». وأخذت علماً بالأمر، وفعلا لم يتم ذلك التبادل إلا في 15 نوفمبر 1961.
ولم يكد غبار خلافاتنا حول الاتفاقيات ينقشع حتى بدأت تظهر في الجو غيوم الخلافات من جديد. فخاطبي في نيويورك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو خطاب سأعود إليه لاحقاً، ذكرتُ فيه مساندتي لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية، ومساندتي أيضاً لتونس بمناسبة أحداث بنزرت. وقد أغضب موقفي من هاتين القضيتين الجنرال ديغول، وهو ما صرّح لي به أثناء مقابلتي إياه يوم 24 نوفمبر بقصر الأليزيه. لقد كان الجنرال ديغول في هذا اللقاء أشد انزعاجاً منه في أي لقاء جمعنا خلال الفترة الممتدة من يوليو 1958 إلى سبتمبر 1968. وقبل أن أدخل عليه أخبرني جاك فوكار، بلباقة، بما نصه تقريباً: «إن الجنرال غاضب من تصريحاتكم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعتقد أنه سيفاتحكم في ذلك».
ورغم أن الجنرال استقبلني بحفاوة، فإنه لم يتحل بحماسه الذي عهدته منه أثناء اللقاءات السابقة، وقد شرع يحدّثني بما نصه تقريباً: «السيد الرئيس، لقد أخذتُ علماً بتصريحاتكم في نيويورك، فيما يخص الجزائر وبن بله ورفاقه المحتجزين. إن حديثكم عنهم كمن يضغط على باب مفتوح. إن المحادثات، كما سبق أن بيّنت لكم، بيننا وبين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية متقدمة، والجزائر ستنال استقلالها عما قريب، والسجناء السياسيون سيطلق سراحهم بدءاً ببن بله وأصدقائه. أما بالنسبة لبنزرت فكل ما حصل يعود فيه الخطأ إلى بورقيبه الذي لم يحترم الالتزامات التي تعهد بها في رامبويي، حيث استقبلتُه بكثير من الاحترام والأخوة». وتابع في إصدار أحكام قاسية على بورقيبه: «ولم يكتف بعدم احترام أقواله بل سعى إلى إهانة فرنسا وهو ما لن أقبل به أبداً. أما فيما يتعلق بكم فأشهد أنني لم أفهم حقيقة موقفكم من فرنسا، ففرنسا ترى فيكم الشريك المقبول وتتصرف معكم كصديق وتساعدكم وتحميكم ممن يهددون سلامتكم».
فرددت على الجنرال ديجول بأنني شخصياً وبلدي نقدِّر لفرنسا كل التقدير، وله شخصياً كذلك، كل ما فعلته من أجل مساعدتنا، ولم نفوّت فرصة دون الإشادة بموقف فرنسا منا، وخاصة الأسبوع الماضي في نيويورك، لكن اعترافنا بالجميل لفرنسا ورئيسها على ما أسدت إلينا من معروف، وحاجتنا الماسة، والتي لا مراء فيها، إلى مساعدتها، كل ذلك لا يجعلنا نبارك جميع ما تقوم به من أعمال في أفريقيا والمنطقة العربية. وبالرغم من أننا أصدقاء أوفياء لفرنسا، ومن الداخلين في حمايتها، فإن لدينا مواقفنا الخاصة، ومبادئنا التي نتمسك بها وندافع عنها رغم ما نحن عليه من ضعف وفقر. ولا نعتقد أن صداقتنا مع فرنسا، واعترافنا لها بالجميل مناقض لواجب التضامن مع أشقائنا الأفارقة والعرب، وخاصة التونسيين والجزائريين. وذكّرته بأن هذه الآراء كثيراً ما أسمعته إياها، وأحياناً أمام الملأ، لاسيما أثناء بعض اجتماعات المجلس التنفيذي لدول المجموعة، وطوراً خلال الاجتماعات الخاصة معه. وبعد سماعه هذه الإجابة مني، وكان كله إصغاء أثناء حديثي، صمت برهة، ثم خاطبني قائلا، كما هي عادته أثناء مقابلاتنا: «ما هي أخبار موريتانيا؟»، وكأن شيئاً لم يحدث، وسألني عن آخر تطورات موقف المغرب منا، وما وصلت إليه تحضيرات انطلاق شركة «ميفرما»، وهنا استعاد حفاوته الاعتيادية المشوبة بشيء من التحفظ.
وظل التوتر يشوب علاقاتنا مع فرنسا حتى تقديم السفير الفرنسي الجديد جاك لبريت أوراق اعتماده في 27 ديسمبر 1961، وهو ثاني سفير لفرنسا في بلادنا، وقد تعرفت عليه في واشنطن وكان يومها مستشاراً أول في سفارة بلاده، ورافقني هو والمستشار التجاري في البنك الدولي، وكان لديه من سعة الباع ودماثة الخلق ما يؤهله لأن يكون سفيراً. فكان من السهل عليّ أن أعقد معه علاقات عمل فعالة بشكل ألغى العقدة التي توجد عادة نتيجة للعلاقة بين المستعمر ومن كان يستعمره.

المختار ولد داداه /موريتانيا على درب التحديات

سبت, 08/02/2020 - 22:34