طالعت العديد من المقالات والتحليلات والقراءات التي فجَّرها خطاب رئيس الجمهورية امام الدفعة الجديدة من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء؛ فوجدت أن أغلب ما نشر منها عبر المواقع الإلكترونية و صفحات الشبكة الافتراصية، قد صدر عن «كُتٌَاب» يتوزعون بين فسطاطين يتفقان (حد التطابق) في تثمين مضامين الخطاب الرئاسي والإشادة بدقة التشخيص الذي تضمنه بشأن «الاختلالات» البنيوية المزمنة التي تعاني منها المنظومة الإدارية في البلد؛ مع اختلافهما (حد التنافر) في أسلوب العلاج الأمثل لتلك الاختلالات وما تسببه من سوء في الحكامة و فساد في التسيير...
- الفريق الأول عبارة عن موظفين عموميين تآكلت قدراتهم الفكرية من فرط التدوير بعد أن تمكنوا من «تضميد» جل الرضوض التي سببتها لهم عملية الإنزال المظلي التي جاءت بهم أصلا لواجهة المشهد الوظيفي.. وتتسم مقالاتهم اليوم بمحاولة اجترار ما تبقى من إرشيف افتتاحيات جريدة «الشعب» و بيانات التأييد وملتمسات «الدعم اللا مشروط» للقيادة الوطنية؛ مع الابتعاد عن اي حديث (صريح أو صمني) عن مسألة الاستقالة ومنح الفرصة لمن يسنطيعون تقديم الأفضل للبلد و لمواطنيه..
- الفريق الثاني عبارة عن مجموعة طال عليها امد انتظار مرسوم رئاسي أو إجراء خصوصي يتيح لها ُدخول حظيرة المستفيدين من «منافع» وامتيازات تلك «الاختلالات» البنيوية العميقة؛ وهؤلاء يحرصون، في مقالاتهم وتحليلاتهم لمضامين «خطاب الرابع والعشرين»، على ضرورة تجسيد تلك المضامين في إجراءات عملية عاجلة وشاملة من خلال «مسح الطاولة» بجميع مكونات الفريق الأول, لعل وعسى.... بعض كُتاب هذه الفئة ومحلليها كانوا قد بدأوا في إظهار نوع من الضجر واستعجال «ثمار» وجودهم ضمن محيط الداعمين المستميتين لنهج «تعهداتي»، قبل أن يأتي الخطاب ليعيدهم إلى ذات الدائرة بحماس واندفاع غير مسبوقين؛ فكان وقع الخطاب على هؤلاء أشبه بما يحدثه تحريك صحن أمام شاة شرود...
وبين الفريقين قوة صامتة عبَّر الخطاب عن رؤيتها وقناعاتها بكل ددقة و أمانة.. وما زالت تنتظر ما يترتب عليه من تدابير وإجراءات عملية بنفس الحزم والجدية.