يتجدد الإهتمام هذه الأيام بشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحكم حتى الآن روسيا منذ أكثر من عشرين عاما.. هو عند البعض ديكتاتور خطير وهو عند آخرين منقذ روسيا.. وبطبيعة الحال، يمكن للجميع الحكم على الرجل، لكنه استطاع بدون خلاف أن يعيد بقوة روسيا إلى الساحة الدولية. وإذا تجاوزنا ما يغذيه المخيال الجماعي حول لغز شخصية فلاديمير بوتين، فإن جزء كبيرا من عدم معرفة الرجل وأفطاره ومشاريعه وطموحاته ربما يعود أساسا إلى قلة إن لم يكن عدم استماع العالم كثيرا إلى الرجل الذي غالبا ما يتحدث إلى الروس وإلى العالم ، لكن أوروبا وأمريكا لا تستمعان كثيرا إليه.
لأول مرة تُرجمت كتابات فلاديمير بوتين إلى الفرنسية (مقالات، خطب ، ملاحظات) على يد رومان بريسونيه في هذا الكتاب المعنون "فلاديمير بوتين يعرف بنفسه: مسيرة الإستيلاء على السلطة ".
ومن خلال أحاديث فلاديمير بوتين، تظهر رؤية العالم لدى واحد من كبار القادة في بداية القرن الحادي والعشرين. هذا الكتاب يدور حول مسيرته إلى السلطة. ومن خلال دراسة خطب الرجل الذي لم يكن بعد زعيمًا لروسيا، يتيح لنا رومان بريسونيه فهما أكثرلطبيعة الفكر السياسي للرجل الذي يقود روسيا حى الآن منذ عام 2001.
يعتقد مترجم الكتاب بأن الغرب كثيرا ما أساء فهم نوايا بوتين أو ذالك الرجل الذي ظل منذ توليه السلطة، وفيا لتصريحاته الأصلية.
وبقدر ما تم اقتباس تصريحاته منذ وصوله إلى السلطة وتشريحها ، لمن المفارقة أنه لم يتم ذكر خطاباته قبل عام 2000 إلا قليلاً.
كتاب ثري يعيد رسم شخصية ضابط المخابرات السوفياتية السابق ، الذي أصبح نائب رئيس بلدية لينينغراد الليبرالي، أناتولي سوبتشاك. موثقا بأن الرجل لم يكن جسمًا سياسيا طائرًا جاء من العدم. فقد كانت لديه قناعات راسخة خلال فترة مراهقته، لا شك بأنها تأثرت بمصير عائلته ومصير لينينغراد الذي تضرر بشدة خلال الحصار الطويل خلال الحرب العالمية (1941-1944) حيث فقدت العاصمة السابقة للقيصر أكثر من تسعمائة ألف من سكانها.
أما اليوم، وبعد التطورات الميدانية الدرامايكية في الأزمة الأوكرانية وما تحمله من تداعيات استراتيجية مؤثرة على هندسة العلاقات الدولية، فالراجح بأن العالم بأسره خاصة في الغرب، سيعيد قراءة هذا الكتاب بعناية خاصة وربما بعقلية مغايرة..