معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي (أدبيك)، أحد أهم المؤتمرات العالمية وأكثرها تأثيرا في مجال النفط والغاز، ينعقد سنويا في أبوظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، يستضيف أهم الفاعلين والرواد في قطاع الطاقة من وزراء ومستثمرين وفنيين وتقنيين، ويهدف إلى رسم ملامح مستقبل القطاع وتحديث استراتيجياته المعتمدة على المستوى الدولي والقاري، لتواكب حجم التطور التكنولوجي السريع، وتوائم حجم نمو الطلب المتزايد، مع حدود مستوى الإنتاج والاحتياطات المتوفرة، كما يمثل منصة عالمية للتعرف على أفضل الممارسات والابتكار في القطاع.
وتعتبر الدورة الحالية (أدبيك 2019) أكبر موسم في تاريخ أديبك منذ انطلاقه عام 1984، بحضور 150 ألف مشارك و2200 جهة عارضة من 125 دولة، من بينها 47 شركة تسيطر على 85% من إجمالي إنتاج النفط الخام في العالم، مثل شركات "دنوك" الإماراتية و"أرامكو" السعودية و"إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية و"روسنفت" الروسية و"أكسون موبيل" الأمريكية... وستركز هذه الدورة على موضوع الثورة الصناعية الرابعة 0.4، والفرص التي تقدمها تقنيات هذه الثورة، وتأثيرها المباشر في قطاع الطاقة بشكل عام.
وتحضر موريتانيا هذه الدورة بُعيد إعلان شركة كوسموساكتشافها 50 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في حقل "آحميّم الكبير" بالحوض الساحلي الموريتاني، تنضاف إلى الاحتياطات التي اكتشفتها الشركة سابقا في حقل آحميمالكبير المشترك مع الجارة السنغالية، والمقدرة بـ 15 تريليون قدم مكعب، ليرتفع بذلك حجم الاحتياطي الموريتاني من الغاز الطبيعي إلى حدود 60 تريليون قدم مكعب، في المرتبة الخامسة أفريقيا، والسادسة عربيا والثانية والعشرين عالميا.
وتتوفر موريتانيا على احتياطات كبيرة من النفط والغاز في منطقتي حوض تاودنّي شرقي البلاد، والحوض الساحلي الموريتاني. وقد نجحتْ حتى الآن في استقطاب خمس من أهمشركات الطاقة في العالم، هي "كوسموس أنيرجي" و"بْريتشبّتروليوم" و"توتال" و"شيل" و"أكسون موبيل"، حصلت على رخص للتنقيب والاستغلال في 14 مقطعا، وتؤكد مؤشراتها الأولية وجود نتائج إيجابية بعد القيام بعدة مسوح زلزالية، وحفر عدة آبار في المناطق المرخصة.
كل هذه المعطيات جعلت شركة كوسموس أنيرجيالأمريكية تصف موريتانيا بأنها ستصبح قطبا عالميا للإنتاج الطبيعي، معولة على نتائج أعمالها في المنطقة، التي حافظت على نسبة نجاح بلغت 100%، بعد حفر تسع آبار فيالشواطئ الموريتانية السنغالية، واعتبرت في البيان ذاته أن احتياطي حقل "بير الله" هو الأعلى من نوعه هذا العام.
وجود موريتانيا في هذه التظاهرة الدولية، سيمنحها فرصة متميزة للتعريف بموقعها الجديد في خريطة الدول المنتجة للغاز الطبيعي، واستقطاب مزيد من العقود لتطوير عمليات التنقيب في المقاطع التي لا تزال متاحة في الحوض الساحلي وحوض تاودني، بالإضافة إلى الاطلاع على أحدث التطورات التكنولوجية والممارسات المستخدمة في هذا المجال، تمهيدا لإطلاق مؤسسة أكاديمية متخصصة في هذا القطاع، تساهم في تكوين الأطر وخلق كفاءات وطنية تشارك في بدء عمليات الاستخراج واستغلال الغاز، بداية عام 2022.
وسيشهد عام 2022 بداية استخراج الغاز في خمس دول أفريقية إلى جانب موريتانيا، هي السنغال وكينا وأوغندا والموزنبيق وتانزانيا وجنوب أفريقيا، وهذا ما يجعل الغاز الموريتاني أمام منافسة كبيرة على المستوى القاري، لكن العلاقات الدبلوماسية والتاريخية لموريتانيا مع بعض الدول العربية ستساهم في إبرام اتفاقيات للتعاون مع الشركات العربية (والإماراتية، خصوصا) ذات التجربة الطويلة في التكرير والبتروكيماويات، بالإضافة إلى جلب رؤوس أموال وتجارب عربية، تمكن من إنشاء شركات محلية، من أجل استفادة أكثر من هذه الثروة وترشيد الموارد الوطنية واستغلالها بطريقة مستدامة.
محمد/ اكا