حفظ التراث: قراءة لوثيقة من الإدارة الاستعمارية

بناءً على تقرير بتاريخ ٢٠ مايو ١٩٤٨ أعده السيد G.J.Duchemin مدير المركز الأساسي لإفريقيا (IFAN) حول ولاتة وأهميتها التاريخية ومكتباتها وماتحتويه من الدرر النادرة تمت إعادة افتتاح مركز ولاتة الإداري. وجاء في التقرير أن التجار الولاتيين لم يكونوا راضين عن العزلة التي توجد بها مدينتهم العريقة وأن من  ضمن مطالبهم الأساسية التي تقدموا بها الى الإدارة الفرنسية :  اكتمال تشييد سد المدينة  من أجل تنمية النخيل وفتح مركز إداري بولاتة لتلقي تظلماتهم وحل مشاكلهم عن قرب بدل اللجوء الى المصالح الإدارية بالنعمة .
وتبعا لهذا التقرير وجه  السيد Rogue والي موريتانيا الفرنسي  بداية خمسينات القرن الماضي رسالة الى الإداري الفرنسي حاكم دائرة عيون العتروس على إثر اتخاذ قرار إعادة فتح مركز إداري بولاتة ، حثه فيها على الأهمية التاريخية لمدينة ولاته الأثرية ونوه بأصالة هندستها المعمارية العريقة وطلب منه ، أنه في حالة بناء مباني إدارية جديدة للعمال والموظفين ، فلا يجوز المساس بالمظهر الأنيق للمدينة .
كما حذر الوالي كذلك ، وحتى في حالة بناء دور  جديدة على الجانب الآخر من البطحاء تحت أحضان برج القلعة المعروف لاحقًا بسجن ولاته سيئ الصيت ، فإنه يجب الاحتفاظ بالفن الزخرفي التقليدي، وذكّـرَ بأن كل تغيير في ملامح المدينة سيفقدها روحها ونمطها السوداني. 
كما أشار الوالي في رسالته على أن الكثير من الدور في حالة خراب ، وبالتالي  يمكن شراءها بثمن بخس وإعادة تأهيلها بواسطة اليد العاملة المحلية ، وأعطى كمثال عملية  تأهيل مقر المعهد الأساسي الإفريقي( IFAN) التي كانت تكلفتها ٥٠٠٠٠ الف فرنك .
و مفاد ما ذكره الوالي في  رسالته هو أنه مهما يكن من أمر ، فإنه يجب حفظ تراث المدينة ونمط دورها المعماري الذي يأخذ في الاعتبار  المناخ الطبيعي والجغرافي للمدينة التاريخية و أن الصناعة التقليدية والفن الزخرفي الولاتي من النوادر التي يجب العناية بها وتطويرها لجلب المزيد من الزوار ، وإن تم ذلك فسيكون ذا مردودية قصوى على المدينة وساكنيها كما أشار الى ذلك الوالي.
وعلى ذكر حفظ التراث الا يحق لنا أن نتسائل : ما هي حالة مقر المعهد الإفريقي المذكور ؟ هل المنزل مازال قائمًا ؟ ما ذا وقع لدار اليونسكو بشنقيط ؟ ما هي وضعية تشيت وقصر البركة و تجكجة القديمة ؟  ما هي وضعية الأماكن الأثرية بوادان وكرن الكصبة وأزوكي ؟ أين معالم نوكشوط المحفوظة ؟ وبعبارة أخرى ماذا تحقق اليوم من أجل صيانة وحفظ التراث الوطني ؟

أربعاء, 28/04/2021 - 13:59