في بداية فبراير ١٩٦٠ انعقد مجلس الوزراء برئاسة الراحل المختار ولد داداه وكان حينها رئيسا للوزراء وأقر في بيانه الختامي اعتقال قادة حزب الاتحاد الوطني الموريتاني (UNM) ووضعهم تحت الإقامة الجبرية وهما على التوالي : الحضرامي ولد خطري ويعقوب ولد ابومدين رحم الله الجميع .
لم يرق اعتقال الزعيمان للحكومة المالية التي شجبت القرار الموريتاني وقالت إنه يشبه تصرفات الحكومة السنغالية مع معارضتها . و بالرجوع للذاكرة فإن هذه الاعتقالات تزامنت مع تفكك الاتحاد السوداني ( مالي -السنغال) وبعض الاضطرابات السياسية الداخلية بجمهورية السنغال .
على إثر حدث اعتقال السياسيان البارزان وجه النائب سليمان ولد الشيخ سيدي، نائب رئيس البرلمان طيب الله ثراه ،رسالة بتاريخ ١٨ فبراير ١٩٦٠ الى رئيس الوزراء يذكره بموجبها ، بأن ترتيبات المادة ٧ من القانون ٦٠-١٧ تنص على أن الحكومة ملزمة بوضع الوثائق والتقارير الخاصة بالمعتقلين تحت الإقامة الجبرية ومكان اعتقالهم في متناول لجنة التحقيق البرلمانية في أجل سبعة أيام ، وبصفته عضو اللجنة المعينة من قبل رئيس البرلمان فإنه يلفت انتباه رئيس الحكومة على أنه لم يصله ملف المعتقلان بعد القرار الذي اتخذته الحكومة منذُ تسعة أيام ، وعليه فإنه يطلب منه أن يعطي تعليماته الضرورية لوزير العدل والتشريع لكي يضع ، في وقت عاجل ، تحت تصرف اللجنة ملفات المعنيان بالقضية.
كان رد رئيس الحكومة سريعا ومعللا بالأدلة القانونية وجاء في رسالته المرقمة ٣٤٧ والمؤرخة ب ٢٠ فبراير ١٩٦٠ أنه يسره أن يحيط الرئيس ( البرلمان ) علمًا أن ملف المعنيان بالإقامة الجبرية أحيل بموجب الرسالة ١١٨ بتاريخ ١١ فبراير الى وزير العدل المكلف بإبلاغ اللجنة البرلمانية في الآجل المحددة ، ويضيف رئيس الحكومة ، حينما تلقيت رسالتكم ، طلبت من وزير العدل أن يضع تحت تصرف اللجنة ودون أجل ملف القضية .
والعبرة المستخلصة من تبادل هذه الرسائل الإدارية هي أنه لا سلطة تعلو فوق القانون ، لقد بدأ جيل التأسيس رغم الظرفية الصعبة وضعف إمكانيات الدولة الفتية و هشاشة بنية المجتمع في إرساء دولة القانون واحترام المبادئ العامة للقاعدة القانونية . هل ترسخت فكرة الممارسة القانونية في أذهاننا بعد أزيد من ستين سنة مضت على إنشاء الدولة الموريتانية ؟