أما حدث إنصاف ضابط الشرطة السامي، المثقف والأديب الكبير المرحوم الداه ولد اباته فهو أمر تطالب به -قبل أن يطالب به ذووه- جميع القوانين والشرائع والأعراف، لأنه حق له ينبغي أن يحصل عليه، وهذا ما جعل الموريتانيين على اختلاف مشاربهم يتداعون إلى التعبير عن دعمهم لأسرته في مطالبتها الحالية بإنصافه..
وأما توقيت هذا الحدث، فهو أمر جعلته مأمولا قرارات فخامة رئيس الجمهورية وتوجيهاته الأخيرة المتتالية بإعادة الاعتبار إلى سيادة القانون ورفع المظالم وإنصاف المظلومين، مما جعل ذويه وكثيرا من المثقفين والأدباء والمواطنين يتحركون لنيل المرحوم الداه ولد اباته لحقه الذي يكفله له القانون، لاسيما وأن الظلم الذي تعرض له كان قاسيا بكل المعايير، لأنه دفع ثمنه، لا من الإقالة التعسفية وحرمانه من حقوقه فحسب، بل ومن السجن والتعذيب كذلك.
لقد كان المرحوم الداه من أبرز ضباط الشرطة الوطنية في الدولة الحديثة، حل بالمرتبة الأولى في دفعته من مفتشي الشرطة سنة 1973م، وبالمرتبة الأولى من أول دفعة لضباط الشرطة الوطنية سنة 1975، وخدم بكل تفان قبل وبعد الانقلاب على أبي الأمة الرئيس الأسبق المختار ولد داداه، كما تشهد له بذلك التقارير الإدارية المتعلقة به، حتى طالته يد الاعتقال والسجن والتعذيب سنة 1980 بناء على تهم هو بريء منها أوقعه فيها ما أوقع كثيرين من مواليد مدينة الرئيس الأسبق في ذلك العهد فيه من الاعتقال أو الاضطهاد أو التصفية.
وبعد سنتين وشهرين من توقيفه برأته المحكمة في وقت كان فيه قد فصل وبسرعة من وظيفته دون وجه حق.
ومنذ ذلك التاريخ لم يلح في الأفق أن هناك استعدادا حقيقيا لرفع هذه المظلمة قبل هذا العهد الذي له عندي -شخصيا- معنى. وإن كان المرحوم الداه قد حاول الحصول على إنصافه وهو على قيد الحياة دون أن يتحقق له ذلك، وعاش -كما كان- رجلا مفعما بالقيم والأخلاق والقناعة، متوكلا على الله تعالى وحده، معتمدا عليه حتى آخر لحظاته في كل أمره، كما خلده بنفسه في أدبه الراقي الذي يقول فيه:
((ذلِّ بيه الناس استغناتْ
المنُّ قيمه ولل ذات
ولل رتْبَ مديور أعيات
مولاهَ فبلد علْوان
ماگط احسدتُ فل فات
كاع الحدْ ؤلا مغْنان
واثْرٌ شورُ كاع التلفات
كوانِ عن ذاك أغْنانِ
طانِ من فضْلُ وسْعْ الباعْ
بالتَّكْلْ اعليه ؤش ثانِ
ؤلاغَنِ يكون آن گاعْ
شفْتُ حگلل ما اغْنانِ)).
ويقول فيه:
((أمْرَ اعْسيرْ إيلَ حَلْ بيكْ
فيهْ إعينَكْ يقينَكْ
تـمْ أمْگوّمْ وَخيرْ فيكْ
يقينك ذاك إعينَكْ)).
ويقول:
((ابْحالِ عَتْ ألا بَتْمامْ
نتخمم وابْمئالِ دامْ
التخمام ؤدامٌ لوهامْ
وانَ مانعرفْ يلالِ
گاعْ أشْلِ بَنْرَدْ التخمام
افْحالِ وللّ مئالِ
ذلِّ نَخْشَ ولِّ نهْوَ
كاملْ من شِ فيدْ العالِ
عليهِ مُعوّلِ وَ
عليهِ زاد اتكال)).
ويقول:
((الرَّزْقْ أفْراگكْ مايْصَحْ
أمْعاهْ أنتَ خلاگكْ
وساهْ أتْفاگكْ لاتْشَحْ
أفْذَ منْ رَوْغْ أتْفاگكْ)).
ويقول:
((بـسْمَنْ حيلَ لاهِ يثْقالْ
فَخْلاگِ لعاد الِّ حال ْ
أثْقالْ ؤلاج فيه أگْبالْ
ذاك النَّخْتيرْ اعْلَ حالُ
الحال أمال أصْلُ تحْوالْ
مگْبوظْ اسْمُ من تحْوالٌ
ؤحَدْ اتْبَدَّلْ زاد افمجالْ
حالُ وافْحالْ اوخَرْ حالُ
لعاد اصْلُ مولْ اتِّكالْ
حالُ مايَشْطَنْ تبْدالُ
دار العوْلَ شور الشفاعْ
ؤدارْ اتٍكالُ بَكْمالُ
ؤلاهٌ لاهِ يجبر شي گاعْ
أشْبَهْ فيه أمن اتكالُ)).