
مادام الفاسدون والإنتهازيون والمنافقون يتحكمون بمفاصل السلطة فمن الصعب الحديث عن أمل بالتغيير. الحقيقة أن هناك فاسدين بإجماع الآراء وإنتهازيين باتفاق الأدلة يتسللون ويقدمون أنفسهم ناصحين بل إن بعضهم أصبح يقدم نظريات فى السياسة ويطالب بالتطهير والمكاشفة بينما أول مكاشفة تعنى أن يحاكم، إن تدوير أولئك المفسدين يعنى أن فيروس الفساد يقد عشش في العقول وأن المنافقين مازالوا مستمرين، مما يعنى ضياع أى إمكانية للتغيير.
فى عالم السياسة من الصعب أن تعثر على سياسى يقول الحقيقة، إلا لو كان سابقًا.. ستجد الوزير أو المسؤول أو الفاسد السابق ينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولًا عبقرية، بينما وهو فى موقع المسؤولية يكون عاجزًا وربما متورطًا فى كل ما ينتقده بعد مغادرة مناصبه.
وطبيعة السياسة أن ما هو مطروح فى العلن من كلمات ضخمة، وحديث عن المبادئ والقيم العليا شىء، وما هو واقع وحادث من هذا االمسؤول أو ذاك أمر آخر.. لن تجد فاسدًا يبرر الفساد، ولا لصًا يجادل فى كون السرقة أمرًا مستهجنًا، ولا إنتهازيًا يمدح الإنتهازية، بل إن الفاسدين والمنافقين هم الأكثر قدرة أحيانًا على إنتقاد الفساد والدعوة للتطهير.
لماذا نقول هذا؟ لأن عددا من محترفى الفساد فى كل العصور يتحدثون عن الطهارة والشرف ولديهم نظريات فى الحديث عن الفساد والدعوة لمواجهته «إحذر الفاسد الذى يتحدث كثيرًا عن مواجهة الفساد»، وكثير من المعارك اللتي نراها اليوم على مواقع التواصل، ظاهرها الحرص على الوطن وباطنها المنافسة للبحث عن مكان بجوار السلطة.
هناك منافقون «عابرون لكل الأنظمة»، يمتلكون قدرات على البقاء والفوز والعيب ليس عيبهم لكنه عيب النظام السياسى والإجتماعى الذى مازال يسمح لهؤلاء الفاسدين بالفوز والوصول إلى مواقع التنفيذ والتشريع، إن الحديث عن التغيير هو مجرد كلام للإستهلاك السياسى.. لايكفى أن نتحدث عن مواجهة الفساد، بل الأهم هو إختراع كل القوانين التى تمنع الفساد من الحصول على هدايا التغيير.. إن الشىء الوحيد الذى يجب أن يظهر هو القانون، والذى يجب أن يختفى هو حزب «فسادوقراط نفاقوقراط».
اسماعيل حيدره