أثناء الحرب الأهلية الإسبانية سأل أحدهم اللواء إيميلو مولا عن أي الطوابير الأربعة التي سيفتح مدريد فأجاب الدون إيميلو : " سيفتحها الطابور الخامس " ، وكان اللواء إيميلو يقصد بالطابور الخامس العملاء الذين يوقدون نار الخوف في نفوس الثوار .
هنالك مقولة ذائعة الصيت تنسب للبروفسور عبد الودود ولد الشيخ مفادها أن قواعد علم الإجتماع لا تنطبق على الشعب الموريتاني ربما لن يغصب إذا علم أن أحد أبناء مدينته عبث بها قليلا فمن أجل ذلك سأقول أنه لكل قواعد الدنيا وأعرافها نسخة موريتانية موغلة في التميز والغرابة ، ولأنني ملم قليلا بالرياضيات فأسقط طوابير الحرب الأهلية الإسبانية على الحالة الموريتانية لأجد أنه في حرب البلد من أجل التنمية هنالك طابور خامس يقف دائما حجر عثرة في طريق موريتانيا نحو التنمية .
ورغم كون هذا الطابور مدني خالص إلا أنه غير متجانس فهو يضم شبابا وشيبا أغنياء وفقراء شيوخ قبائل وفقهاء وجهاء و أصحاب وجوه حديدية وأطرا و عاطلين .
مهمة هذا الطابور بسيطة وموسمية ففي كل زيارة لرئيس الجمهورية يصطف هؤلاء بطريقة بدوية مهينة ليصافحوا فخامته وليقولوا له ان البلد بخير وماهي بخير و ليشكروه على ماتحقق من إنجازات وليوهموا فخامته أنه المنصور حين بنى بغداد و جوهر الصقلي حين شيد القاهرة وصلاح الدين حين دخل القدس و يوسف بن تاشفين حين أقام مراكش .
من إياجابيات هذا الطابور أنه غير جهوي فلا فرق عندهم بين كيفه وبتلميت وازويرات وكيهيدي فكل المدن عند زيارة الرئيس مسقط الرأس ومرتع الصبى ومنازل الأجداد ، ومن سلبيات هذا الطابور أنه يحجب هموم ومشاكن السكان الأصلين فلا يرى الرئيس أو يسمع إلا قواميس الولاء والطاعة والمبايعة .
في هذا الطابور شعراء ركيكو النظم وخطباء مبتذلون وشيوخ قبائل أذلاء وفقهاء لايوجود في ألواحهم ذكر لفضل كلمة الحق عند سلطان جائر .
يتسابق هذا الطابور للظهور في تلفزاتنا الوطنية التي تحول الزيارات الرئاسية إلى كأس العالم في التملق والنفاق و يتودد أفراد هذا الطابور للمخبيرين وأدعياء المخابرات والأبناء غير الشرعين للسلطة الرابعة .
وفي كل زيارة رئاسية يضع هذا الطابور لبنة في ثمال الزعيم و يقتلون حلما من أحلام البسطاء .
بابه أربيه